أحدث الأخبار
3 طرق للتعامل مع حكم حبس نقيب الصحفيين
هناك أكثر من طريقة للتعامل مع الحكم الصادر من محكمة جنح قصر النيل ظهر أمس الأول السبت بحبس نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وعضوى مجلس النقابة الزميلين جمال عبدالرحيم وخالد البلشى عامين وغرامة عشرة آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ، على ذمة قضية إيواء الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا داخل النقابة.
لا أقصد بالطبع التعقيب على الحكم القضائى الصادر من المستشار محمد أبوالعطا، ولكن على التداعيات المختلفة، للأزمة بأكملها، حينما داهمت قوات الأمن نقابة الصحفيين للقبض على الزميلين على خليفة التظاهر ضد قضية تيران وصنافير.
الطريقة الأولى للتعامل هى تلك التى لجأ إليها المؤيدون للحكومة على طول الخط، وهى أن هذا حكم قضائى فقط ولا ينبغى التعامل معه أو التعليق عليه، وأن المعترضين مجرد حفنة من مثيرى الشغب الذين لا يقبلون إلا أحكاما قضائية على هواهم الخاص، وأنهم قلة ينبغى القضاء عليها أو حبسها أو حتى تجريدها من الجنسية باعتبارهم خونة وعملاء وطابور خامس.
الطريقة الثانية هى التى لجأ إليها المتشددون فى معارضة الحكم، وهؤلاء لا ينظرون للأمور إلا بمنظور «سوداوى كافكاوى عبثى»، وأن المباراة الدائرة الآن فى مصر هى مباراة صفرية ينبغى أن تنتهى بالقضاء على الطرف الثانى المؤيد للحكومة، بنفس الطريقة التى يتعامل بها الطرف الأول.
الطريقة الثالثة، هى محاولة للبحث عن حل عقلانى للأزمة باعتبار أن الدولة موجودة وكذلك المهنة ونقابة الصحفيين، وأن الطرفين ينبغى عليهما البحث عن طريقة صحية للتحاور والتعايش والتعامل.
وجهة نظرى هى أنه ما كان يجب أن نصل إلى النقطة البائسة التى وصلنا إليها بسبب اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة.رأيى الواضح أن وزارة الداخلية أخطأت خطأ فادحا حينما اقتحمت نقابة الصحفيين فى مايو الماضى، خصوصا أنه كان يمكن معالجة الأزمة بمليون طريقة غير تلك التى تمت.
لكن أدرك أيضا أن السياسة لا تعرف كلمة «لو». هى كلمة لا تغنى ولا تسمن من جوع، وبالتالى وجب علينا النظر للأمام والبحث عن حل عملى ينهى الأزمة ولا يزيدها تعقيدا.
اتفهم تماما غضب زملاء صحفيين كثيرين يشعرون باليأس والإحباط، وهم يرون الحكم على نقيب للصحفيين، واثنين من الزملاء للمرة الأولى فى تاريخ العمل الصحفى، وأتفهم تماما أن الإحباط يزيد الإحساس بأن هناك من يحاول إفشال أى محاولة للتوافق الوطنى فى البلاد.
وبالتالى أتمنى من مجلس النقابة ألا يزيد الأمور تعقيدا ويتعامل مع الأمر بحكمة بالغة، وألا يكرر الخطأ الذى وقعت فيه فى الجمعية العمومية غير الرسمية التى اشترطت 18 مطلبا منها اعتذار الرئيس فى مايو الماضى.
أولا لابد من اتباع المسار القانونى أى استئناف الحكم لعلنا نصل إلى نقضه قريبا إن شاء الله.
والنقطة الثانية هى أن يستمر النضال السياسى فى الدفاع عن حريات الصحافة والصحفيين بكل السبل القانونية المتاحة، فتلك هى المهمة الصعبة والأساسية، خصوصا أن قانون الإعلام يوشك على الصدور، ولا نعرف الطريقة التى سيصدر بها، والتغييرات التى قد تلحق بنصوصه التى توافقت عليها الجماعة الإعلامية.
أسهل حل أن يلجأ البعض إلى التصعيد اللفظى، وهو أمر يخدم فى الأساس الصقور والمتطرفين فى الجبهة الأخرى، الذين يشيعون دائما مقولات من عينة أن «الصحفيين على رأسهم ريشة»!
أما ما يتمناه المرء فهو أن تبادر وزارة الداخلية بتقديم بادرة حسن نية إلى الصحفيين، وأن يصدر رئيس الجمهورية أمرا بالعفو عن الزملاء الثلاثة، فى إطار القانون. تحتاج الحكومة ووزارة الداخلية والرئاسة أن ترسل إشارات حقيقية على أرض الواقع بأن هناك أملا فى الغد ورغبة فى التوافق، وأن هناك حالة من التسامح، وليس الانتقام، خصوصا أن الحكم الأخير كان بمثابة «كرسى فى الكلوب» بعد حالة الترحيب والفرح بإطلاق سراح بعض المحبوسين يوم الخميس الماضى.
المقال منشور على موقع بوابة الشروق