أحدث الأخبار
"المنطقة العربية هي الأكثر شبابا بين كل مناطق العالم، ولكن حكومات هذه المنطقة تقوم بأشكال متعددة من التمييز ضد هذا الشباب، ما يجعلهم الأسوأ حالا بين كل مناطق العالم، وفقا لعديد من المؤشرات"، هذا ما خلص إليه تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2016.
وبحسب التقرير، الصادر اليوم الثلاثاء عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تبلغ نسبة الشباب 27.9% من السكان في المنطقة العربية، ولكن من المتوقع أن تحصل القارة الأفريقية على لقب المنطقة الأكثر شبابا في الفترة القادمة وحتى عام 2050، حيث ستنخفض نسبة الشباب إلى إجمالي السكان في الوطن العربي إلى 25.9% في 2030، ثم إلى 22.1% في 2050.
وتقول هيلين كلارك، مديرة برنامجِ الأمم المتحدة الإنمائي، إن الدول العربية شابة، فما يقارب من ثلث سكان المنطقة هم من الشباب في أعمار 15 - 29 سنة، وهناك ثلث آخر يقل عمرهم عن 15 عاما، وسيبقى هذا الزخم السكاني إلى العقدين القادمين على أقل تقدير، ويوفر فرصة تاريخية يتحتم على البلدان العربية اغتنامها.
ويشدد التقرير، الذي جاء بعنوان "الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير"، على أن تمكينَ الشباب وإشراكهم في هذا المنعطف الهام من تاريخ المنطقة أمر حيوي لوضع أسس جديدة وأكثر استدامة للاستقرار.
ويدعو التقرير إلى تمكين الشباب من منظور تنمية إنسانية، ويعرف التقرير التنمية الإنسانية بأنها توسيع الخِيارات والحريات المتاحة للناس كي يعيشوا
حدد التقرير 6 أسباب لعدم تمكين الشباب في المنطقة العربية، هي ندرة فرص العمل اللائق، وضعف المشاركة السياسية، وانخفاض جودة الخدمات العامة في مجالَي التعليم والصحة، وسوء إدارة التنوع في المجتمع، وانتشار مفاهيم وممارسات موروثة تعيق المساواة بين الجنسين، وصراعات مطولة تقوض مكتسبات التنمية.
ويقول التقرير إن شباب المنطقة يشتركون في معاناتهم من واقع التنمية الإنسانية، وإنهم يشعرون بدرجاتٍ مختلفة بقلق عميق حيال مستقبلهم، ويسيطر عليهم إحساس دفين بالتمييز والإقصاء، ولا يُحصّل جزء كبير منهم تعليماً جيداً أو عملاً مقبولاً أو رعايةً صحيةً مناسبةً، ولا يمتلكون تمثيلاً كافياً في الحياة العامة ولا كلمةً مسموعةً في تكوين السياسات التي تؤثر في حياتهم.
وتزداد هذه المعاناة تفاقما بالنسبة للشابات، بسبب انعدام المساواة واستمرار الفجوة في تمكين المرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بالرغم من بعض الإنجازات التي تحققت في عدد من البلدان.
وتراجع ترتيب مصر في مؤشر تنمية الشباب لعام 2016 بنحو 52 مركزا خلال 3 سنوات، لتأتي في المركز 138 من بين 183 دولة شملها المؤشر، الذي تصدرة مؤسسة الكومنولث، مقابل 86 في مؤشر عام 2013.
الحكومات تهمش الشباب
ترى الأمم المتحدة أن الكثير من خيارات حكومات المنطقة خلال العقود الماضية أدت إلى تهميش قطاع عريض من الشباب، وراكمت لديه الشعور بقلة الاهتمام الرسمي بمتطلَباته، ما ولد شعوراً بالظلم، وأثار موجات من السخط العميق في أوساط هذا القطاع النشط من السكان.
وعن أهم المؤشرات التي توضح أن شباب المنطقة هم الأكثر اضطهادا في العالم، يقول التقرير أن مشاركة الشباب في العمل هي الأدنى بين مناطق العالم، حيث تبلغ النسبة 24% مقارنة بحوالي 50% المتوسط العالمي، وتنخفض إلى 18% للإناث الشباب في العالم العربي، مقارنة بحوالي 39% متوسط مشاركة الإناث الشباب لإجمالي مشاركة الإناث في سوق العمل.
وتبلغ نسبة البطالة بين الشابات الإناث 47% في العالم العربي، بينما يدور المتوسط العالمي حول 16%.
وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب الذكور 24% في المنطقة مقارنة بحوالي 13% عالميا.
ويعاني نصف الشباب في الوطن العربي من فترة بطالة تتجاوز سنة كاملة حتى يجدون عمل.
وبحسب أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ معدل البطالة بين الشباب المصري في الربع الأخير من 2015 نحو 27.6%، وبلغ المعدل بين الذكور 22.1%، وبين الإناث 42.4%.
واعتبرت المنظمة الدولية أن معدّلاتُ البطالةِ المرتفعةُ لدى الشباب تحول دون إقدامهم على الزواج، أو إيجادِ السكن المستقلّ، وتكوينِ أُسرة؛ ويُضعف حتمًا قدرتَهم على أن يكونوا أعضاءً منتِجين في المجتمع.
ومّما لا شكَّ فيه، وفقا للتقرير، أنّ عدمَ القدرة على إيجاد فرص عملٍ لائقة كان عاملا رئيسيًّا في عدم الاستقرار الذي يُصيب المنطقةَ في السنوات الأخيرة، وسببًا جوهريًّا لتنامي هجرة الشباب بحثًا عن أوضاعٍ أفضل.
فخلالَ العقد الأول من هذا القرن، سجّلت البلدانُ العربيّة أحدَ أعلى المعدَّلات العالمية لهجرة العمالة الماهرة، الأمرُ الذي يُسهم في إدامة إقصاء الشباب وقد يُفضي إلى تحجُّر الوضع القائم في المنطقة العربيّة ككلّ.
اهتمام أكبر بالسياسة
نقطة أخرى يشير إليها التقرير، هي ضعف المشاركة السياسية للشباب، ويرجع هذه السلبية إلى طبيعة الحياة السياسية في البلدان العربية التي توجد فيها قوانينُ وممارساتٌ ذاتُ طابعٍ إقصائي عمومًا، لكنه يَكشف في الوقت ذاته تطوراً إيجابيًّا هامًّا في هذا المجال؛ إذ يُشير إلى أنّ اهتمامَ الشباب بالمشاركة السياسيّة يتزايد.
ففي البلدان التي تشهد انتقالا سياسيّا، يتفوّق الشبابُ في اهتمامهم بالسِّياسة على مَن يَكبرهم سنًّا، لكنْ نادرا ما يُترجَم هذا الاهتمامُ إلى مشاركةٍ رسمية.
وبحسب التقرير، فإن افتقارَ الشباب إلى الثقة في العمليّة الديمُقراطيّة يَحدّ من مشاركتهم في الانتخابات، مقارنةً مع مجموعاتٍ أُخرى من المواطنين، ما يُعمّق حالةَ الحرمان الشامل التي يعانونها، والتي تمثّل تحدّيًا رئيسيًّا أمام عمليّة التنمية الإنسانية في المنطقة العربية.
وفي عام 2013 بلغت نسبة مشاركة شباب المنطقة في المظاهرات 18%، مقارنة بنحو 10.8% في البلدان ذات الدخل المتوسط، بينما كانت نسبة تصويت الشباب في المنطقة العربية هي الأدنى عالميا.
هذا بجانب الإقصاء من تولي إدارة سياسات الدولة، فمتوسط عمر أعضاء المجلس الوزاري في المنطقة العربية 58 سنة.
وينتشر في العالم العربي مفاهيمَ وممارساتٍ موروثة تُعيق المساواةَ بين الجنسين، فعلى الرغم من وجود ضماناتٍ في الديانات والأعراف السائدة في المنطقة العربية لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، لا تزال المنطقةُ أكثرَ تخلّفًا في هذا المجال من أيّ منطقةٍ أُخرى في العالم، بحسب الأمم المتحدة.