أحدث الأخبار
تعتمد فضائيات محلية على التعاقد مع المشاهير لتقديم البرامج على شاشتها من أجل زيادة نسب المشاهدة والبعد عن تقديم المحتوى أو المضمون السياسي والاقتصادي.
والشهرة التي يحظى بها نجوم الفن ولاعبو كرة القدم تمكنهم من توجيه جمهورهم العريض لمشاهدتهم في ثوب مقدمي برامج.
وتستهدف الفضائيات الجمهور العريض الذي يتابع المشاهير، من أجل توصيل رسائل بعينها تصب في تجميل صورة الحكومة كما يقول خبراء إعلام.
ويضيف الخبراء أن استحواذ المشاهيرعلى تقديم البرامج قلص من فرص توظيف المتخصصين من خريجي كليات الإعلام، وساهم في هجرة مقدمي برامج إلى فضائيات إقليمية وغربية من أجل البحث عن مساحات الحرية لتقديم مضمون جاد.
وبحسب تقرير حديث عن البث الفضائي صادر عن اتحادات الإذاعات العربية ومقرة تونس، فإن عدد القنوات الفضائية العربية بلغ العام قبل الماضي 1230 قناة بينها 1097 قناة خاصة.
ويُجمع الخبراء على أن برامج التوك شو في الوقت الحالي لا تصب في مصلحة المتلقي، وأحدثت فوضى إعلامية تناقش الفضائح والتشهير بالأفراد، من خلال مصادر معلومات غير مختصة، ما أدى إلى إفساد الوعي والمعرفة.
ويضيف الخبراء أن المشاهير متحيزون لوجهة نظر واحدة، كما يفرضون آراءهم وضيوفهم على المشاهد في مخالفة صريحة للمهنية وتقديم الرسالة والمضمون الإعلامي.
يقول الدكتور حسن علي الاستاذ بكلية الإعلام جامعة السويس، ورئيس جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء إن الإعلام الخاص المحلي يسعى للاستفادة من شهرة النجوم لجذب المُعلنين، وتعويض البعد عن تقديم المحتوى السياسي.
ويضيف علي أن مالكي الفضائيات يتجهون بشكل كبير للاعتماد على الفنانين، ولاعبي كرة القدم، وغيرهم من المشاهير لتقديم برامج توك شو لجذب المشاهد حول تلك الشخصيات، وهو ما يزيد من نسب المشاهدة، والتأثير على الرأي العام في حالة بث الفضائيات لرسالة بعينها.
ويوضح علي أن اتجاه الفضائيات الخاصة للتعاقد مع المشاهير هو اتجاه عالمي تضبطه معايير، مضيفا "لكن مصر تفتقد لمعايير تقديم المشاهير للبرامج وهو ما أضاع المحتوي السياسي والاقتصادي وساعد على الفوضى الإعلامية".
ويشير علي إلى أن الفضائيات العالمية في بلد مثل أمريكا تتعاقد مع مشاهير لتقديم برامج، ولكن يقوم الفنان الذي تعاقدت معه الفضائية بتقديم المحتوى الذي يشتهر به الفنان، مضيفا "على سبيل المثال لا تجد فنانا كوميديا يقدم برنامجا دينيا أو سياسيا أو رياضيا".
ويضيف علي أن وضع الفضائيات المحلية يختلف عن العالمية في الاعتماد على المشاهير، مرجعا الاختلاف لغياب المعايير والضوابط التي تحكم أسلوب وطريق عرض المضمون الذي يقدمه المشاهير للمشاهد.
ويقول علي إن ضوابط ومعايير تعاقد الفضائيات مع المشاهير يجب أن يقيدها وجود حد أدنى من المهنية والحيادية ونقل الحقيقة، وعدم تقديم أي محتوى متخصص مثل الدين والطب، وقصر تقديمه على المتخصصين فقط حتى لا يتم تضليل المشاهدين بمعلومات غير صحيحة.
ويتساءل علي "هل من المعقول أن تقوم الفنانة رجاء الجداوي بتقديم حلقة دينية عن الطلاق الشفوي".
وأكد علي أن هناك اتجاهين أولهما عالمي يضع معايير وقواعد لاستخدام النجوم، واتجاه محلي لا معياري ولا يوجد له أي قواعد.
ويقول علي إن المرحلة الحالية في مصر فيما يخص صناعة الإعلام ضبابية ولا يستطيع مالكو الفضائيات من رجال الأعمال وضع محتوى سياسي أو اقتصادي داخل فضائياتهم، وهو ما يجعل المالكون يهربون من تقديم المحتوى السياسي والاقتصادي إلى تقديم محتوى هزلي يصنعه المشاهير.
من جانبه يقول مرعي مدكور عميد كلية الإعلام جامعة 6 أكتوبر إن المشاهير الذين يقدمون برامج تك شو في فضائيات خاصة يناقشون وجهة نظر واحدة، ويعبرون عن آرائهم الشخصية، ويفرضون ضيوف برامجهم على المشاهد، وهو ما يخالف المهنية ونقل الحقائق والمعلومات.
ويضيف مدكور أن اعتماد الفضائيات على المشاهير قلص من فرص توظيف المتخصصين من خريجي كليات الإعلام.
ويطالب مدكور تليفزيون الدولة بتصحيح المسار من خلال تقديم المحتوى والمضمون السياسي والاقتصادي الجيد بطريقة تجذب المشاهدين، لمشاركة الفضائيات الخاصة في جذب جمهور يتلقى رسالة غير هزلية أو موجهة من رجال أعمال عبر فضائياتهم وبيد مشاهير.
ويقول مدكور إن برامج المشاهير "نزلت بالذوق العام" وبعد فترة ليست طويلة سوف تحدث الملل لدى المشاهد.
ويقول هشام قاسم ناشر وخبير إعلامي إن الفضائيات لم تعد تعمل بحريتها في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية.
ويضيف قاسم أن تحكم رجال أعمال بعينهم في مجموعة فضائيات على الساحة الإعلامية ما هو إلا من أجل التقليل من تقديم البرامج للمحتوى السياسي والاقتصادي وجذب أكبر عدد من الجمهور لمشاهدة تلك الفضائيات من أجل توصيل رسائل معينة للمتلقي من شأنها تحسين صورة الحكومة.
ويوضح قاسم أن الفضائيات حاليا تسعى لجذب المشاهير لتقديم برامج تك شو من أجل تسهيل توصيل الرسائل التي يرغب مالكو تلك الفضائيات في توصيلها للمتلقي نيابة عن الحكومة.
ويشير قاسم أن التضييق على حرية الإعلام وبرامج التوك شو التي تتحدث عن السياسة جعل العديد من مقدمي البرامج يتركون الفضائيات المحلية من أجل العمل في أخرى عالمية أو إقليمية للتمتع بمساحة الحرية التي تعطيها تلك الفضائيات لمقدمي برامجها.
ويضيف قاسم أن البعض الآخر من مقدمي البرامج توقف عن العمل تماماً، وهناك آخرون ما زالوا يعملون على الساحة ولكن تغيرت خريطة برامجهم لتهتم بشكل كبير بأمور لا تتعلق بالسياسة.
ويقول قاسم إن تسخير البرامج والفضائيات لبث رسائل موجهة تبعد كل البعد عن نقل الحقيقة من شأنها إفساد الحياة.