أحدث الأخبار
مع اتجاه الكثير من المصريين للاستثمار في العقارات خلال السنوات الماضية، باعتبارها ملاذا آمنا أمام التراجع المستمر في قيمة الجنيه، شهد هذا القطاع انتعاشة قوية قادت النمو الاقتصادي، إلا أن هذه المرحلة انتهت بعد تعويم الجنيه، كما يقول مقال نشره موقع "كوارتز" الإخباري الأمريكي.
في صيف 2016، تجمع مئات الأفراد في حالة من الغضب خارج مكتب شركة ماونتن فيو العقارية بالقاهرة. وكانوا قادمين لحجز مساحات في الكمباوند الصحراوي الجديد بأسعار جيدة، على أمل بيعها لاحقا والاستفادة من الربح الكبير.
وليد صلاح أحمد، مطور عقاري، كان ضمن المجتمعين في هذا الحشد، فالاستثمار في وحدة سكنية من هذا النوع هو الأفضل، ويمكن أن "يحقق لصاحبه 100 ألف جنيه إذا باعها بعد شهر واحد".
وكان السوق العقاري على مدى سنوات أكثر القطاعات أمانا للاستثمار في مصر رغم الاضطراب السياسي. كما إن هذا الاضطراب نفسه ساهم في دفع القطاع.
فقد تراجعت العملة المحلية في مواجهة الدولار واليورو مع تعاقب القيادات السياسية، بعد الربيع العربي، وطبقت الحكومة قيودا على تحركات رؤوس الأموال، وثبتت سعر الصرف، مما خلق سوقا سوداء للعملة، ارتفع فيها سعر الدولار حتى وصل لضعف السعر الرسمي.
ورأى المصريون أن الاحتفاظ بالنقود مخاطرة، بينما العقارات آمنة، لكن قرار الحكومة بتعويم العملة وترك تحديد سعر صرف الجنيه لقوى السوق وضع حدا لانتعاشة العقارات، كما يقول التقرير.
"أظن أن هناك تباطؤا كبيرا في القطاع العقاري"، يقول صلاح أحمد، "ولو كنا في دولة عادية كانت هذا سيسمى انهيارا".
وارتفع نصيب القطاع العقاري من نمو الناتج المحلي المصري في السنوات الأخيرة مقارنة بمساهمته قبل الربيع العربي، كما يقول تقرير كوارتز، لهذا فإن تباطؤه سيكون مؤثرا على الاقتصاد بشكل كبير، كما سيعني تراجع قيمة مدخرات الطبقات الغنية والوسطى من المصريين.
وساهم قطاع التشييد والبناء بنحو ربع النمو الاقتصادي المتحقق خلال العام المالي الماضي، 2015-2016، بحسب ما أظهرته مؤشرات الأداء الاقتصادي التي تصدرها وزارة التخطيط.
تعويم الجنيه يعني أيضا ارتفاع أسعار مدخلات عملية البناء من جانب، وانخفاض أجور المشترين من جانب آخر، كما يوضح التقرير.
في منطقة مكونة من مئات مصانع الطوب الصغيرة كان مصنعان فقط يعملان خلال الصيف، كما يقول التقرير، مستشهدا بمحمد أبو عطية، صاحب أحد تلك المصانع، الذي قال إن الديون المستحقة عليه بلغت 3 ملايين جنيه نتيجة ارتفاع التكاليف. أما في ذروة انتعاش القطاع العقاري فكانت كل المصانع في المنطقة تعمل، وتنتج 250 ألف طوبة يوميا.
وسيمتد الأثر السلبي لأزمة القطاع العقاري إلى خطط التنمية الحكومية، التي تعتمد بشكل رئيسي على هذا القطاع وما يرتبط به من مشروعات كبرى تتبناها الدولة.
فأكثر من نصف الاستثمارات الجديدة تذهب للمدن التي يتم تأسيسها في الصحراء، كما يقول الموقع الأمريكي، وهي تحتاج إلى تطوير كبير وصيانة للبنية التحتية، ومن بين هذه المشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، الذي يتكلف نحو 45 مليار دولار.
ورغم وجود فجوة سنوية بين المساكن المطلوبة والمتوفرة في السوق تقدر بنحو 3 ملايين وحدة، فإن معظم تلك المساكن تقع "خارج الأولويات الاستثمارية للحكومة وتكون عادة متروكة للسوق غير الرسمي"، كما يقول تقرير كوارتز.
أما المشروعات التي تبنى في الصحراء، والتي تمنح الحكومة للمستثمرين من أجلها "أراضٍ بالمجان"، فإن الاستراتيجية المتبعة بخصوصها حتى الآن تقوم على فكرة "أسسها وسوف يأتون"، كما يقول الموقع الأمريكي، لكنه يؤكد أن التباطؤ الذي سيصيب القطاع العقاري سيجعل من الصعب ملئ هذه المباني الصحراوية.