الشيماء سليمان
الشيماء سليمان

الهوايات عالم مواز

الثلاثاء 21-02-2017 | PM 02:01

الهوايات.. البعض لا يعرفها والبعض يمارسها دون أن يدري. البعض ليس له هواية حقيقية ولكنه يستريح مع صديق أو كرسي أو لوحة أو برنامج إذاعي أو شيء ما هو فقط الذي يعرفه. وربما لا يريد أن يعرفه الآخرون.

البعض لم تتح له الفرصة كي يكون له هواية ولكنه يحلم دائما أن يملك شيئًا ما أو يزور بلد ما، فهو بذلك يحاول أن ينقل نفسه إلى هذا الحلم في الواقع فتجده متشوق للأخبار الواردة عن ركوب الخيل مثلا، ويرفع صوت الإذاعة إذا صادفه خبر عن هذا الموضوع، يقود سيارة بسيطة جدا ويلفت نظره منظر يخت أنيق يرسو على شاطئ أمامه يعيش معه حلم الثانية والثانيتين من تحقيق هذه الهواية، ثم سريعا ينقله نفير إحدى سيارات النقل المزعجة إلى أرض الواقع وأنه لن يركب يخت أبدا. 

البعض أيضا مغرم بسماع موسيقى كلاسيكية راقية بالرغم من أنه من قاع المجتمع ولديه من البذاءات ما لا يمكن حصره وتظهر عليه علامات تعاطي المخدرات الرخيصة، إلا أنه ينجذب إلى بتهوفن وموتسارت ويريد أن ينقلك معه إلى عالم راق أنت لست جزءًا فيه ولن تكون ولا هو، ولكنه يريد أن يقول بشكل ما إن ما زال بداخله بشر.

الهواية هي تعرف عميق على شخصيتك الحقيقية واتخاذ قرار بممارستها أو التعرف عليها عن قرب. هي قوتك الفعلية في الحياة بشكل عام. ينقلك حلم الثانية والثانيتين خارج إطار الواقع لتستريح قليلا من بشاعة المحيط الصاخب. فأن تتخيل أنك في مزاد علني للتحف العالمية وأنك فزت بواحدة من أجمل اللوحات، ربما هذا يرحمك ولو قليلا من التفكير في مستقبل غامض ينتظر أبنائك.

فإذا كانت هوايتك لعب الشطرنج فسيتعطل مؤشر الزمن لديك ليأخذك إلى ملحمته فيسيطر على ذهنك فيجبره على أن يحارب معه لينتصر. أو أنك تهوى القراءة فهي كافية بخلق كل ما تحلم به من حرية في ثورات الكتاب، من عدل في قصص الأنبياء، من عدالة في روايات الانتقام. فأنت بطل كل رواية إن أحببت، أو تخيل أنك فزت برحلة إلى مَلَجا في إسبانيا حيث هوايتك السفر والترحال تتأمل فيها صنع الخلاق لأجمل بقاع الأرض حتى لو كانت صور على موبايلك. هي هدنة مؤقتة من بشاعة عشوائية شوارعنا وشكلها الفقير.

وأنت تتأمل سوق العملات القديمة على الإنترنت ليس من الضروري أن تشتري أو تبيع ولكنها تعطيك فكرة أن بعض العملات ما زال لها قيمة غير تلك التي تحملها في حافظة نقودك. وأنتي تطالعين مجلات الموضة والأزياء والتجميل كهواية أصبحت مجانية على موبايلك فهي تحتوي على معلومات مهمة وأيضا تعطيكي أملا كبيرا في شراء بعض أدوات المكياج ممكن أن يغير من حالتك الصحية والنفسية، وإن قراءة سريعة لبضع دقائق تجنبك الظهور بشكل غير لائق. 

كل هذه الاهتمامات تنقذنا من واقعنا الأليم ولو للحظات، ولكن الأسوأ هو ما بعد الإفاقة من الحلم المؤقت، والعودة إلى نمط الحياة الذي لا يتحرك فيه ساكن وروتين الأيام المتشابهة الذي يقتل الإبداع. الأصعب من هذا هو ظهور حلم الثانية والثانيتين مرة أخرى لأنه يرشدنا إلى الراحة النفسية ويعطينا فكرة جديدة عن هواية ربما لا نعرف أننا نحبها.

تعليقات الفيسبوك