أحدث الأخبار
كشفت الدكتورة منار الشوربجى عضو لجنة الصياغة بالجمعية التأسيسية لكتابة الدستور وأستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية عن مادة تمت إضافتها لباب الحريات بالدستور الجارى إعداده «تجرّم أى انتهاك للحريات وتجعله جريمة لا تسقط بالتقادم».. ولفتت الشوربجى فى حوارها مع «الشروق» إلى أن لجنة الصياغة رفضت مادة للجنة الحريات بسبب «احتوائها عبارات عامة يمكن استخدامها ضد الصحفيين».. وفى جانب آخر من الحوار نفت الشوربجى أى دعم أمريكى للإخوان، كاشفة النقاب عن علم الإدارة الأمريكية بقرارات مرسى بإحالة كبار قادة الجيش للتقاعد قبل إعلانها.. مشددة على أن المعونة الأمريكية لمصر «لا جدوى لها اقتصاديا».. وإلى نص الحوار. الجمعية التأسيسية
•ما الذى أنجزته الجمعية التأسيسية من عملها فى كتابة الدستور؟
ـ تم تقسيم أعضاء الجمعية إلى مجموعة من اللجان النوعية، كل لجنة منها مختصة بباب من أبواب الدستور وهى لجنة الحقوق والحريات، ولجنة المقومات الأساسية، ولجنة نظام الحكم، ولجنة الهيئات الرقابية والمستقلة، ولجنة الاقتراحات والتواصل المجتمعى، ولجنة الصياغة التى أشرف بعضويتها، وهى معنية بصياغة مقترحات كل لجنة من اللجان السابقة فى نصوص مُحكمة ومنضبطة حتى يتم عرضها بعد ذلك على أعضاء الجمعية ككل، بعض اللجان انتهت بالفعل من أعمالها وأحالت إلينا مقترحاتها، وقد انتهينا فى لجنة الصياغة من باب الحقوق والحريات، لكن هناك بعض المواد المحدودة جدا التى أعدناها إلى لجنة الحريات مرة أخرى، لأننا رأينا أن تلك المواد بحاجة لبعض التغيير فى المضمون، وكنت قد اقترحت فى لجنة الصياغة إضافة مادة فى نهاية باب الحريات تقول إن «أى انتهاك لأى من الحريات والحقوق الموجودة فى الدستور جريمة لا تسقط بالتقادم ولا يجوز فيها العفو»، ولأن لجنة الصياغة ليس من حقها اقتراح المواد فقد أحلنا المادة إلى لجنة الحريات وتمت الموافقة عليها.
•وماهى المواد التى أعادتها لجنة الصياغة إلى لجنة الحريات؟
ـ من بين تلك المواد، مادة متعلقة بالصحفيين وجرائم النشر، حيث رأينا فى لجنة الصياغة أنها مقيّدة للحريات خلافا لباقى مواد باب الحريات الذى أتاح حريات واسعة للمواطنين، وفضلا عن ذلك فإن المادة كانت متضمنة تعبيرات عامة جدا يمكن تفسيرها فى غير صالح الصحفى.
•وما حجم التوافق حتى الآن داخل الجمعية التأسيسية حول ما تم إنجازه؟
ــ لا توجد مواد وافقت عليها الجمعية التأسيسية، والحسم بالنسبة للمنتج النهائى لما نحن بصدده سيكون بعد عرض كل مواد الدستور للتصويت على الأعضاء المائة، وسيكون التصويت على كل مادة على حدة، لكن ما نناقشه حاليا هو القراءة الأولى، وربما نقوم بقراءة ثانية داخل لجنة الصياغة بناء على جلسات الاستماع التى يحضرها رموز وشخصيات عامة من كل المجالات، وما يصلنا من مقترحات.
•وما حقيقة الحديث عن وجود استقطاب بين أعضاء الجمعية التأسيسية حول المواد المتعلقة بالشريعة الإسلامية ووضع الأزهر الشريف والمرأة فى الدستور؟
ــ لم نبدأ بعد فى النظر فى المادة الثانية، لا فى لجنة الصياغة ولا فى الجمعية ككل، ولكن فى رأيى أن كل هذه المواد التى تعتبر خلافية لابد من بناء توافق حولها، لأنه طبقا للائحة عمل الجمعية التأسيسية فإن المادة يتم وضعها بالتوافق العام فى البداية، فإذا لم يتم التوافق حولها نلجأ إلى التصويت ويكون الحسم فى أول مرة بـ67% من نسبة الأعضاء المائة، وإذا تعذر الحسم والتوافق وفق هذه النسبة نلجأ للخيار الأخير بالتصويت ويكون الحسم بـ57% من نسبة الأعضاء، ولا يوجد بالجمعية طرف بعينه يمتلك 57% من نسبة التصويت، وبالتالى فلا بديل عن التوافق. أعتقد أن النجاح الحقيقى للجمعية التأسيسية وأعضاءها جميعا يكون بإنتاج دستور توافقى يلقى قبولا لدى المجتمع ككل.
•وكيف تنظرين لفرص إنتاج هذه الدستور التوافقى؟
ــ كما قلت لك، هناك رؤى مختلفة كثيرة وهناك آراء ومواد يختلف عليها الناس وهذا صحى، ولابد أن يكون موجودا، وسيتم بالضرورة التوافق حول المواد الخلافية من خلال الوصول لشىء وسط بين خيارين، هذا هو المعروف فى التوفيق بين المصالح المتضاربة بأن يحصل كل طرف على «شىء» مما كان يطمح إليه.
•كيف تنظرين لقرار رئيس الجمهورية الصادر مؤخرا الذى أتاح له حق تشكيل جمعية تأسيسية جديدة إذا قام مانع يحول دون استمرار الجمعية الحالية؟
ــ نحن نتعامل مع الجمعية القائمة حاليا لآخر لحظة حتى يتم البت فى أمرها، ونحن لسنا طرفا فيما يدور حولها من جدل، لو كان هناك موقف من أعضاء الجمعية الحالية تجاه ما يثار حولها، ما كنا لنرى العمل يجرى بهذه الجدية وهذا الدأب ليل نهار.
•هل تشكلت ملامح للدستور الجديد؟
ــ أهم ملمح من ملامح الدستور الذى نعمل على صياغته، أنه تم اطلاق الحريات بشكل واسع، فكل مادة كانت تنتهى بعبارة «على النحو الذى ينظمه القانون» فى دستور 1971 تم حذف هذه العبارة منها، لأنها كانت الوسيلة التى يستخدمها القانون لتقييد هذه الحرية. وأيضا تم استحداث حقوق جديدة، ووُضعت مادة عن الحق فى الرياضة والحق فى بيئة نظيفة والمسكن الملائم. عموما نحن نسعى لدستور بالتزامات محددة على الدولة وضمانات قوية للحقوق والحريات بحيث تكون أحد الأسس المهمة للمستقبل فى مصر.
•متى يمكن الانتهاء فعليا من كتابة الدستور؟
ــ نحاول الموازنة بين أن يخرج الدستور فى أقرب وقت حتى تبدأ مصر فى عمل انتخابات برلمانية وتعود الحياة لطبيعتها وبين صياغة دستور يليق بمصر. هناك الكثير من الكلام حول الأمد الزمنى، وأنا أرى أنه لن ننتهى من كتابة الدستور الا حينما نشعر بالفعل أنه دستور لائق ببلد كبير وعظيم مثل مصر.
الإطاحة بالعسكرى
•وما تقييمك لقرارات الرئيس مرسى الأخيرة بإحالة كبار قادة الجيش للتقاعد وإنهاء الدور السياسى للمجلس العسكرى؟
ـــ كان من أبرز مطالب الثوار، إنهاء الحكم العسكرى وتسليم السلطة للمدنيين بشكل كامل، وهذه القرارات خطوة مهمة فى هذا الاتجاه. انتهاء المرحلة الانتقالية وبداية مرحلة جديدة أمر إيجابى، أعتقد أن هذا الخروج للمشير طنطاوى والفريق سامى عنان وقادة الجيش كان خروجا مشرفا، فقد منح الرئيس طنطاوى وعنان قلادة النيل وقلادة الجمهورية وعيّنهما مستشارين له، فضلا عن تكليف قادة الأفرع الرئيسية للجيش، ممن أحيلوا للتقاعد، بمناصب مهمة.
•لكن البعض اعتبر ما حدث «خروجا آمنا» للعسكر.. وطالب بفتح تحقيقات مستقلة عن الحوادث التى أسفرت عن ضحايا بالمئات من شباب الثورة طوال الفترة الانتقالية؟
ــ هذا موضوع مختلف. قضية إنهاء المرحلة الانتقالية موضوع، والحديث عما جرى خلال هذه المرحلة الانتقالية موضوع آخر. الواقع أنه تم إنهاء فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
•وإلى أى مدى تقبلين أو ترفضين الكلام المثار بأن قرارات الرئيس تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة وقطر؟
ــ كلام غير صحيح وليس عليه دليل ولا يمكن الاعتداد به. لا قطر ولا أمريكا لها دور فى تشكيل الوضع السياسى فى مصر. والقول بهذا يمثل إهانة لمصر. الولايات المتحدة لم يكن لها أى دور فى الثورة وكانت ضدها حتى آخر لحظة ولم يكن من مصلحتها أصلا أن تقول هذا أو ذاك للرئيس، لابد أن نعيد الاعتبار لأنفسنا ولوطننا وأن نؤكد على ضرورة استقلال الإرادة المصرية.
•أفهم من ذلك أن الولايات المتحدة لم تعرف بقرارات مرسى قبل إعلانها؟
ــ فارق كبير بين أن تعرف أمريكا بقرار إحالة كبار قادة الجيش للتقاعد قبل صدوره، وهى لديها العشرات من المصادر لمعرفة ذلك، وبين أن تكون شريكة فى صنع تلك القرارات، لأن الولايات المتحدة، كما ذكرت لك، لم تكن مع الثورة حتى آخر لحظة والكونجرس الأمريكى، الذى لا تستطيع الإدارة الأمريكية إنفاق دولار واحد دون موافقته، كان ولا يزال بفضل التعاون مع العسكر فى مصر، بل ويريد مصر على نموذج باكستان أو على أقل تقدير تركيا قبل أردوغان. هناك قلق شديد داخل الولايات المتحدة بسبب القرارات الأخيرة للرئيس مرسى، والإدارة الأمريكية ليست على قلب رجل واحد فى هذا الأمر.
•إذن.. فما موقفك من القول بأن أمريكا تدعم الإخوان المسلمين؟
ــ رأيى أن الكلام عن دعم أمريكا للإخوان، ليس عليه أى دليل. الولايات المتحدة دولة عظمى لها مصالح وستتعامل مع أى من كان فى السلطة فى مصر، لأن مصر دولة مهمة للغاية بالنسبة لأمريكا وهى لا تريد أن تكرر ما صار يُعرف فى الولايات المتحدة وحول العالم بـ«عُقدة إيران» لدى الأمريكان.
•وإلى أى مدى يؤثر الوضع الراهن على مستقبل المعونة الأمريكية لمصر؟
ــ الكونجرس الأمريكى، وهو المسئول عن المعونة، ليس سعيدا على الإطلاق بالإطاحة بـ«العسكرى» ولم يكن سعيدا بالثورة، لكن فى النهاية الولايات المتحدة تبحث عن مصلحتها ولا علاقة للقضية بالإخوان تحديدا لأنها متحالفة مع إسلاميين فى دول كثيرة من العالم وكانت حليفة لـ«ضياء الحق» فى باكستان وهى لا تزال حليفا قويا للسعودية وكانت ضمن دولتين فقط اعترفتا بنظام طالبان فى البداية مع الإمارات.
•البعض يطالب برفض المعونة الأمريكية ووقفها.. ما رأيك؟
ــ هناك فارق بين المعونة الاقتصادية التى تضاءلت للغاية ولم يعد لها تأثير على الميزانية المصرية، والمعونة العسكرية، ولذا نحن بحاجة قبل اتخاذ أى قرار بوقف المعونة لتنويع مصادر السلاح.
•وماذا عن مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية فى ضوء السباق الرئاسى الأمريكى؟
ــ لا أرى مصر فى هذه العلاقة باعتبارها «مفعولا به». مصر أحد طرفى علاقة تقوم على تبادل المصالح وعلى الولايات المتحدة إدراك حجم التغيير الذى جرى فى مصر وأن تتكيّف معه، وإذا لم تدرك حجم هذا التغيير فى الواقع المصرى وفى السياسة المصرية، ستكون هناك مشكلة فى تلك العلاقة. وبالنسبة للانتخابات الأمريكية علينا أن ندرك التفاعلات السياسية لديهم، المرشح الجمهورى «ميت رومنى» سيكون نسخة جديدة من بوش الابن، فهو يحيط نفسه بالمحافظين الجدد، أعتقد أن وصول «رومنى» للحكم بمثابة عودة بوش الابن للحكم.
•فى حالة وصول المرشح الجمهورى للرئاسة.. هل تتوقعين إثارة مشكلات فى العلاقة بين مصر والولايات المتحدة؟
ــ أرفض مرة أخرى الحديث عن مصر باعتبارها مفعولا به، بأن يأتى رئيس جديد لأمريكا فتصبح أمام موقف جديد. مصر سارت على بداية طريق الديمقراطية التى كانت تستخدم كذريعة للى ذراع مصر. وجود رئيس منتخب وبرلمان منتخب يجعل وضعنا أقوى كثيرا فى التعامل مع الدول الأجنبية.
اعتداءات سيناء
•ما تقييمك لاعتداءات سيناء على الجيش مؤخرا.. ورؤيتك لتأمين سيناء فى ظل الفراغ الأمنى الذى تفرضه قيود اتفاقية كامب ديفيد؟
ــ القضية ليست فقط فى اتفاقية «كامب ديفيد» لكن أقول: آن الأوان للتعامل مع أهل سيناء بالاحترام الذى يستحقونه. لا يجوز فى رأيى تحت أى مسمى حرمان أهل سيناء من الجنسية المصرية ومن حق التملك، هذا أمر غير دستورى بناء على أى دستور سواء دستور 23 أو دستور 1971 أو الإعلان الدستورى فى مارس 2011. لا يجوز على الإطلاق حرمان أى مواطن من الجنسية، وكونهم يسكنون على الحدود هذا لا يؤدى تلقائيا إلى جعلهم جواسيس وعملاء، هذه إهانة لكل مصرى أن يتم التعامل مع أهل سيناء بهذه الطريقة. المفتاح الحقيقى لحل مشكلات سيناء هو احترام أهلها.
•وكيف تتم معالجة الفراغ الأمنى فى ضوء مطالبات العديد من القوى السياسية بتعديل كامب ديفيد؟
ــ مصر ليست فى حاجة لاستئذان إسرائيل فى حماية أمنها القومى، أؤيد تعديل المعاهدة فيما يتعلق بهذا الفراغ الأمنى، ولكن حتى قبل هذا التعديل، وفى ظل تهديد الأمن القومى المصرى بصورة مباشرة أقول إننا لسنا فى حاجة للاستئذان من أحد لحماية أمننا القومى.
•مع وجود رئيس مدنى منتخب على رأس السلطة فى مصر.. ألا يزال الجزء الغاطس فى علاقات مصر الخارجية أكبر من الجزء الظاهر؟
ــ لا ينبغى النظر إلى طبيعة العلاقات الخارجية فى مصر على أنها ستتغير فى يوم وليلة، لأنها تحتاج إلى الكثير من الدراسة والفهم لمتطلبات الأمن القومى المصرى وكيفية إعادة مصر إلى مكانتها ودورها الحقيقى كدولة رائدة.
•وكيف تنظرين لمستقبل الحياة السياسية فى مصر؟
ــ لدىّ أسباب موضوعية للتفاؤل بشأن مستقبل الحياة السياسية، لأن الشعب الذى استطاع القيام بهذه الثورة العظيمة، يستطيع تعديل مسار مصر والعودة بها إلى الطريق الصحيح. بمجرد أن نخطو أولى خطوات الديمقراطية، الشعب قادر، من خلال الرقابة على السلطات ومن خلال تداول السلطة، على تعديل المسار طوال الوقت وهذا هو جوهر المسألة.