أحدث الأخبار
قال محللون وخبراء سياسيون، إن النتيجة غير الرسمية، للاستفتاء على مشروع الدستور، والتي تُظهر موافقة أغلبية محدودة من الناخبين عليه "لا تعني بالضرورة انتصار من قالوا نعم، في مقابل هزيمة من قالوا لا"، مشيرين إلي أن "الأرقام والنسب المعلنة تقول إن معدلات تأييد الناخبين للإخوان والسلفيين، باتت في تراجع مستمر"، ورأى الخبراء أن مؤسسة الرئاسة، برزت كـ "خاسر أكبر" بعد "معركة مرهقة بدأت منذ إصدار الإعلان الدستوري في 21 نوفمبر الماضي، فخلال تلك المعركة، استقال واحد من مساعدي الرئيس، وأربعة من مستشاريه، فضلا عن حالة الانقسام السائدة في المجتمع، والتي لن ينهيها تمرير الدستور"، على حد قولهم.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفي كامل السيّد، علّق على النتيجة، التي تُظهر موافقة نحو 64% ورفض نحو 36% من الناخبين، بنسبة مشاركة بلغت نحو 30% بحسب بعض التقديرات، قائلاً :" نتيجة كانت متوقعة، وكان مُتوقع أن يكون الموافقون على الدستور أكثر من المعترضين عليه لعدة أسباب، في مقدمتها أن حزبي الحرية والعدالة والنور أقدر علي الحشد بالمقارنة مع القوي المدنية التي لايوجد لها تنظيم علي مستوي المدن والقري، كما أن الذين صوتوا بنعم لم يكونوا بالضرورة مؤيدين للإسلاميين، وإنما أرادوا الاستقرار والانتخابات واستكمال مؤسسات الدولة، وعلينا ملاحظة أن نسبة المشاركين في الاستفتاء أقل من ثلث الناخبين، وأقل نسبة مشاركة بعد الثورة، وهذا يعكس قلة اهتمام المصريين بالمسائل الدستورية في ظل غياب الوقت الكافي لمناقشة الدستور".
أضاف السيّد: "أعتقد أن الرئاسة خرجت خاسرة من معركة تمرير الدستور، خسرت الإجماع الوطني حولها، منذ إصدار الإعلان الدستوري في 21 نوفمبر، وعزل النائب العام ثم العودة عن الإعلان الدستوري، ثم تسريع وتيرة تمرير الدستور، مما خلق لها من المشكلات ما هو أكبر من المكاسب، فعبر هذه الفترة خسرت الرئاسة واحدا من مساعدي الرئيس، وأربعة من الاستشاريين، الرئاسة تخرج من المعركة و تقلصت القوي المؤيدة لها، ونفس الأمر بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، فمكاسب الجماعة والرئيس، يمكن وصفها بأنها تكتيكية زمنية، مع وجود اتجاه للخسارة يكشفه انحسار التأييد لمواقفها في محافظات الوجه البحري والقاهرة، النتيجة الاجمالية للاستفتاء تكشف أنها خسرت كحد أدني حوالي 15 % من أصوات الناخبين ممن صوتوا لصالحها في استفتاء مارس 2011، وانتخابات الرئاسة، كما خرج الاخوان من المعركة وهم فصيل غير قادر علي تحقيق توافق ووطني، ومن الواضح ان اتجاه الخسارة سيستمر في الفترة القادمة بسبب صعوبة التحديات علي الرئيس، بما يجعل الخسارة استراتيجية".
وعن مكاسب وخسائر المعارضة من المعركة، قال السيد :" كسبت المعارضة بكل تأكيد المزيد من التأييد في الشارع، وأظهرت أنها تملك رصيداً شعبياً، أما الخسارة فيمكن أن تكون مؤقتة، إذا أحكمت تنظيماتها وتواصلت بدرجة أكبر مع المواطنين، ، كما اكتسبت القدرة علي أن تعمل معا بطريقة متناسقة ومشتركة وعليها أن تبني عليها".
من جانبه، قال الخبير السياسي الدكتور حسن نافعة: "نتيجة الاستفتاء، أعلى بقليل من نتائج المرحلة الأولي، لأن محافظات المرحلة الثانية، أغلبها، ريفية ولدى الإسلاميين وجود متجذر فيها، ولا تشكل مفاجأة، ومن الواضح أن مشروع الدستور لم يحصل علي ثلثي أصوات المقترعين، مايجعلنا نقول إنه نجح بدرجة مقبول ولكنه نجاح بطعم السقوط لأنه مشروع جرى في ظل انقسام، وهذا الدستور لن يخرج مصر من الأزمة التي تواجهها، وعلي الرئيس التفكير بعقلية مختلفة، لأنه إذا مضي قدما نحو الانتخابات، ستدخل البلاد الي أزمة أعمق، ولن تكون الانتخابات المقبلة ممثلة لاإدة المصريين بشكل حقيقي وقد تحدث خلالها مصادمات".
أضاف نافعة :" التيار الاسلامي خسر كثيرا من معركة تمرير الدستور، بعدما ثبت أن هناك معارضة قوية موجودة في الشارع، ولكن من الواجب أن تكون الأولوية الآن إنهاء حالة الانقسام، ولم الشمل، وإعادة ترتيب البيت، لأنه اذا استمر الانقسام على ماهو عليه، قد تتحول مصر لدولة فاشلة، وعلى الرئاسة أن تقف وقفة لتعيد النظر في الأمور كافة، بعد تمرير دستور من خلال عملية قيصرية أدخلت الأم (مصر) إلي غرفة الإنعاش".
وقال المحلل السياسي الدكتور مصطفي حجازي :" لا ينبغي النظر إلي نسب التأييد والرفض في المطلق، وإنما لنأخذها إلي القاعدة، نحن إزاء نسب مشاركة لم تتجاوز 32% من نسب الناخبين المقدر عددهم بنحو خمسين مليوناً، وفي النهاية سنجد أن تمرير الدستور تم بإرادة مابين تسعة أو عشرة ملايين ناخب، أي حوالي 10% من المصريين، الإسلاميون يلعبون بالإجراءات الديمقراطية الشكلية مخصوماً منها النزاهة، والحرية، يعتمدون إطاراً إجرائياً، حتى لو كان فاسداً، ويكررون خطايا مبارك، بشكل فج، كانوا يدافعون عن استقلال القضاء في عصر مبارك، والآن رموز هذا الاستقلال، يقودون مذبحة القضاة، الرئاسة خسرت من معركة تمرير الدستور، ولاتدرك الفرق بين القدرة علي الحكم أو القدرة علي السلطة، يتوهمون القدرة علي التحكم في المصريين، لكنهم في الحقيقة يتسلطون ولا يقدرون علي الحكم، كما خرج التيار الديني خاسراً خسراناً مبيناً، بعدما لجأ لذات أساليب مبارك من تغيير للحقائق وتكميم للأفواه والحديث عن نظريات المؤامرة".
وعن حصاد المعارضة من معركة تمرير الدستور، زاد حجازي :" المعارضة في كل الأحوال تكسب أو تخسر بموقعها من الشارع، ومدي قدرتها على أن تتمثل إرداة الشارع، جبهة الانقاذ استطاعت أن تضع نفسها خلف الشارع وفي قلبه ولم تدعي أنها تحرك الشارع، فقط كانت تصدر مجرد نداءات، والنتيجة مكسب بالنسبة لها، أما الخسارة ستحدث، إذا انحرفت عن هذه الحالة، واذا تصور بعض أطرافها أنه قادر علي العمل بمفرده".
وتابع حجازي: "سيتصور البعض أن تمرير الدستور سيجلب الاستقرار، لكنني لا أراه سيحدث، فالشارع غاضب".
وقال الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع: "نتيجة الاستفتاء، مرضية للقوى المدنية بالتأكيد، وعليها أن تعمل على استغلال النتيجة بالشكل الأمثل، وأن تتوحد وتحافظ على وحدتها لتعرية الطرف الآخر، المعارضة حققت مكسبا علي الأرض، في مقابل الطرف الآخر المجبر الآن على عمل وفاق وطني جامع".