تعديل المادة 78 عقوبات.. مَنْ المقصود وما الهدف؟

الأربعاء 24-09-2014 PM 07:50
تعديل المادة 78 عقوبات.. مَنْ المقصود وما الهدف؟

دار القضاء العالي بالقاهرة - رويترز

كتب

* تعدد جهات التمويل لتشمل الداخل والخارج.. وتوسيع مصطلح الأمن القومي.. وعدم اقتصار المساعدة على المال والسلاح

* عطية: التعديلات عامة والقصد الجنائي يحدد أركان الجريمة..وفرغلي: ستستخدم للتضييق على المجتمع المدني والنشطاء

* رفعت السيد: لا يوجد تمويل «لوجه الله».. والقانون يجرم «ما اقترفته المنظمات ضد المصلحة العامة»

أثارت التعديلات الجديدة التى أصدرها بقرار جمهورى الرئيس عبدالفتاح السيسى على المادة 78 من قانون العقوبات، بتوسيع مفهوم جريمة تلقى الأموال من الخارج بقصد إضرار البلاد لتشمل التمويل الداخلى والخارجى، عدة تساؤﻻت حول كيفية تطبيق النص، ومن المقصود بهذه التعديلات، وهل هى مقصورة على محاربة الإرهاب العابر للحدود فقط، أم أنها تهدف للتضييق على منظمات المجتمع المدنى والتيارات السياسية، وعن مدى إمكانية تأثر بعض الأنشطة السياسية والحقوقية بهذه التعديلات.

قال المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية الأسبق، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن التعديلات التى أضيفت على المادة واضحة وتتضمن قصدا جنائيا للجريمة المؤثمة متمثلا فى الإضرار بمصالح الدولة سواء فى الداخل أو الخارج، ومن ثم فإنه لدى توافر ذلك القصد فى حالة تلقى أموال من أى دول أو منظمات خارجية سيقع متلقوها تحت طائلة العقوبات التى تنص عليها هذه المادة.

وأضاف عطية أن «القوانين والتشريعات تمثل قواعد عامة مجردة لا تخاطب أشخاصا معينين، وإنما تشرع لعموم الناس»، مستبعدا أن تتعمد السلطات استخدام تلك التعديلات مستقبلا فى التنكيل بمنظمات المجتمع المدنى التى تتلقى تمويلات من منظمات خارجية بهدف تحقيق المنفعة والتنمية للبلاد، أو التسبب فى وضع القائمين عليها فى السجون.

وأوضح عطية أنه لا يرى مبررا لحالة القلق التى أحدثتها المادة فى أوساط المجتمع المدنى طالما تستخدم التمويلات والمعونات التى تتلقاها لتحقيق الأهداف الأساسية المتمثلة فى تحقيق التنمية، مؤكدا أن القانون بتعديلاته الجديدة سيطبق على كافة المنظمات والأفراد التى تتلقى تمويلات بهدف الإضرار بمصالح البلاد وأمنها القومى سواء كانت تلك المنظمات تابعة لجماعة الإخوان أو غيرها من المنظمات.

بينما قال المستشار عادل فرغلى، رئيس محاكم القضاء الإدارى الأسبق، إن رقابة القضاء ستكون حاضرة بشأن ما تتخذه السلطات من إجراءات مستندة إلى تلك التعديلات الجديدة، ولم يستبعد أن «تشمل الإجراءات تضييقا على النشطاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدنى واتهامهم بالعمالة وتلقى التمويلات، إلى جانب استخدامها فى الهدف المعلن من قبل الحكومة بشأن تجفيف منابع تمويل العمليات الإرهابية».

وأضاف فرغلى أن ما يدعم هذا التصور ويجعله قابلا للتحقيق فى القريب العاجل، هو كراهية عدد كبير من رجال القضاء للنشطاء والمنظمات، مشيرا إلى أن «الكراهية إذا ما انطبعت على القاضى أفقدته عدله وحيدته، وحتى إذا كان القضاء قد أهين أو تعرض للإساءة من أى شخص فيجب ألا يتأثر القاضى الشامخ بذلك».

وحول تفسير القاضى الجنائى لمفهوم تهمة الإضرار بالأمن القومى، قال المستشار رفعت السيد، الرئيس الأسبق لمحكمة استئناف القاهرة، إن «الإضرار بالأمن القومى مسألة متعارف عليها، ومشروحة فى كل كتب الفقه، وتتمثل فى كل الأعمال التى تعرض أمن الأمة جميعا لا الأشخاص الفرادى بل البلاد للخطر».

وذكر أن «حالة القلق التى انتابت أوساط القائمين على منظمات المجتمع المدنى على إثر التعديلات، نابعة من تأكدهم من أن ما يحصلون عليه من أموال يبعد عن رقابة الدولة وموافقتها، ويقع تحت طائلة العقاب على كل فعل اقترفته أيديهم من شأنه الإضرار بالمصلحة القومية سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا وأمنيا».

وأشار السيد إلى أن «التجربة العملية أثبتت أنه ليس هناك فى العالم كله من يعطى أموالا للغير صدقة لوجه الله، بل لتحقيق أهداف معينة فى الغالب ما تكون مناوئة لأهداف البلد الذى تنفق الأموال فيه».

يذكر أن التعديلات تضمنت تغييرا فى الفعل المؤثم الذى كانت تعاقب عليه المادة، حيث تم توسيعه ليشمل تلقى اﻷموال بقصد الإضرار بالبلاد سواء من الداخل أو الخارج، وبمطالعة النص القديم للمادة، يتبين أنه تمت إضافة «اﻷشخاص اﻻعتبارية والطبيعية والمنظمات المحلية والأجنبية والجهات الأخرى التى لا تتبع دولا أجنبية» إلى الجهات المجرّم تلقى اﻷموال منها بقصد اﻹضرار بالدولة، بعدما كانت هذه المادة تتحدث فقط عن تلقى اﻷموال من «دولة أجنبية أو من أحد ممن يعملون لمصلحتها».

ووفقا للمذكرة اﻹيضاحية التى قدمها مجلس الوزراء مع التعديل التشريعى، فإن التوسيع يستهدف السيطرة وتجفيف منابع تمويل العمليات اﻹرهابية والمضرة بأمن الوطن.

كما لم يعد اﻹضرار بالأمن مقتصرا وفق النص الجديد على مصطلح «ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية» وفقا للمادة قبل تعديلها، حيث أضيفت له مصطلحات «المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام» مما يعنى توسيع رقعة تجريم اﻷفعال أيضا.

كما وسع النص اﻷدوات التى يمكن لمتلقى التمويل استخدامها لتحقيق أهدافه، فأصبحت غير ممكنة الحصر، بالنص على «الأموال السائلة والمنقولة والعتاد واﻵلات واﻷسلحة والذخائر وما فى حكمها»، ثم ختمت هذه الجملة بمصطلح «أو أشياء أخرى» لتشمل كل اﻷدوات الممكنة بما فى ذلك غير العتاد الحربى أو الأسلحة، وكانت المادة فيما سبق تقتصر فى ذكر الأدوات التى ترسلها الدولة الأجنبية إلى المتهم على «النقود والمنافع» فقط.

أما العقوبات، فتم تغيير عقوبة هذه الجريمة من «الأشغال الشاقة المؤقتة وغرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد عما أعطى أو وعد به المتهم» لتصبح «السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه» وفى حالة إذا كان الجانى موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة أو إذا ارتكب الجريمة فى زمن الحرب أو تنفيذا لغرض إرهابى، تمت إضافة عقوبة اﻹعدام، مع إمكانية المعاقبة بالسجن المؤبد وغرامة ﻻ تقل عن 500 ألف جنيه أيضا».

وفى الفقرة اﻷخيرة من المادة المعدلة، تم توسيع مساحة اكتشاف ومصادرة دليل التمويل، حيث نصت على أن «الجريمة تتم إذا كان الطلب مكتوبا ورقيا أو إلكترونيا»، وكانت تنص فى السابق على أنها تتم «بمجرد مصادرة الطلب أو القبول أو العرض أو الوعد أو التوسط فى حالة إبرامها بطريق الكتابة»، وهو ما فسرته المذكرة اﻹيضاحية بأنه تحديث للقانون حسب تطور طرق ارتكاب الجرائم وتمويلها، ليشمل أسلوب اﻻتفاق اﻹلكترونى وليس المكتوب تقليديا فقط.

تعليقات الفيسبوك