"شيكا" و"كابو" أطفال شوارع في "التجربة المصرية"

الجمعة 27-06-2014 AM 02:15

اثنان من أطفال الشوارع في ميدان التحرير -تصوير ستيف كرسب - رويترز

كتب

كتبت: أمنية طلال

 "نفسي في أي سبوبة آكل منها لقمة حلال وأعمل أسرة .. مش عاوز أفضل طول عمري في الشارع"..  هذا كل ما يحلم به "شيكا" الذي لم يسمع عن "التجربة البرازيلية" في حل أزمة أطفال الشوارع، ولم يعرف شيئا عن جدل مثار حاليا بشأن مقال للدكتور نصار عبد الله تحدث فيه عن "الحل البرازيلي في السبعينات لمشكلة أطفال الشوارع بإبادتهم".

لكن "شيكا" يعيش "التجربة المصرية" التي نشاهدها يوميا في شوارع المدن المختلفة. 

يعيش "شيكا"، البالغ من العمر 27 عاما، في الشارع منذ 12 عاما بعد وفاة والدته، فلم يجد مأوى غيره وهو وأخوته الثلاثة.  

خلال هذه الفترة عمل في مهن متعددة؛ عامل في مقهي، وعامل في ورشة ميكانيكا، وعامل في فرن، إلى أن أصبح "سايس سيارات" في أحد الشوارع المجاورة لميدان التحرير.

يعاني "شيكا"، الذي يعيش في أحد الشوارع المؤدية لميدان التحرير، من "ظلم الشرطة"، على حد تعبيره. ويتهمها بملاحقة من يتخذ الشارع مأوى له و"بتلفيق التهم"، قائلا "قضيت 10 سنوات متفرقة من عمري في السجن في قضايا مختلفة ولا أتمنى أن أعود له مرة أخرى".

ويأمل "شيكا" في تحسن أوضاعه وزملائه في الشارع، قائلا "مفيش حكومة بتغير حاجة ويا رب السيسي ينجدنا".

ولا يوجد إحصاء دقيق عن عدد أطفال الشوارع في مصر، كما قالت الدكتورة عزة العشماوي، أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة، في تصريحات صحفية لها في فبراير الماضي، إلا أن هاني هلال، رئيس الائتلاف المصري لحقوق الطفل، قدر أن أعدادهم قد تصل إلى ثلاثة ملايين.

 

ممارسات الشرطة

الشائع عن أطفال الشوارع هو أنهم عدوانيون، إلا أن الجولة التي قامت بها "أصوات مصرية" في منطقة من مناطق تواجدهم تشير إلى أن هذا الافتراض ليس حقيقيا في كل الأوقات.

ففي ميدان التحرير التقينا مجموعة من الأطفال والشباب ممن اتخدوا الشارع مأوى لهم، تترواح أعمارهم من 8 إلى 27 عاماً. خفة الظل وملامح الطيبة كانت من أهم ما ميزهم، بالإضافة إلى الظروف المتشابهة التي دفعتهم للتواجد في الشارع.

هم كذلك يرفضون وصفهم بـ"البلطجية والصيع"، ويعتبرون الشرطة عدوهم الأول، ولا يعرفون من المسؤولين سوى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مطالبين بإنهاء مسلسل الظلم الذي تمارسه الشرطة في حقهم.

وعلى الرغم من معاناته في الشارع يعتبر "كابو" 15 عاما، الشارع أفضل بكثير من منزل والده ومن البقاء مع زوجة والده.

"كابو"، الذي يعمل "تباع" على سيارة ميكروباص، لم يعرف أمه ولا يعرف أين تعيش بعد انفصالها عن والده.

ويقول "مفيش حد يحمينا .. إحنا بننام الساعة 3 الصبح علشان بنخاف من الشرطة تيجي تاخدنا وتحبسنا".

ويخشى "كابو"، الذي يعيش متنقلا بين شوارع وسط المدينة، من الاستعانة بمؤسسات رعاية أطفال الشوارع وجمعيات حقوق الإنسان، لأنه سمع أنهم يذبحون الأطفال ويستولون على أعضائهم البشرية، على حد قوله.

لكن طفلين صغيرين لم يتعد عمرهما الـ 8 سنوات سألا  "إنتي من حقوق الإنسان؟"، موضحين أن منظمات حقوقية تقدم لهم يد العون والمساعدة، وتقوم بإخراجهم من القسم على حد قولهما.

 

لائحة نموذجية

يوجد في مصر 537 دارا لإيواء الأطفال، و44 مؤسسة اجتماعية تتضمن مؤسسات رعاية الأطفال المعرضين للخطر ومؤسسات رعاية الأطفال المتسولين، بالإضافة إلى دور الملاحظة ومكاتب المراقبة الاجتماعية على مستوى الجمهورية التي تقدم الخدمات الاجتماعية والنفسية والتربوية لهؤلاء الأطفال، وفق تصريحات صحفية لغادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي.

واعتمدت والي الإثنين الماضي لائحة نموذجية منظمة للعمل بالمؤسسات الإيوائية أعدتها بالتعاون مع جمعيات العمل الأهلي والمختصين، وعدد من النزلاء بهذه الدور للارتقاء بأوضاعها، مع وضع خطط للمتابعة للتأكد من مدى التزامها بتنفيذ اللائحة الجديدة.

وتطرقت اللائحة إلى أكثر من جانب منها البنية التحتية للدور والتجهيزات إلى جانب شكل الإدارة وتوثيق حالة الأطفال النزلاء به.

ورأى هلال أن أزمة أطفال الشوارع في مصر تبدأ بغياب تعريف واضح لهم أو وجود مسح ديموجرافي دقيق للظاهرة، مشيرا إلى أن دمجهم ليس بالمهمة الصعبة إذا عملت الدولة مع منظمات المجتمع المدني على ذلك.

وقال هلال، لأصوات مصرية، إن 80% من أطفال الشوارع لديهم أسر لكنهم تركوها هربا إلى الشارع نتيجة مشكلات اجتماعية نتيجة الفقر وغياب الأم أو الأب، موضحا أن هناك إمكانية لإقناعهم بالعودة مع ضمان حل هذه المشكلات من قبل وزارة التضامن الاجتماعي ووضع خطط لمتابعتهم.

واعتبر هلال أن دور الإيواء الموجودة حاليا تكفي لاستيعاب الـ20% المتبقية، لافتا إلى أن هذه الدور لا يتعدى إشغالها 30% فقط، مبررا ذلك بسوء إدارتها ومناخها الطارد للأطفال نتيجة العنف الممارس ضدهم مع غياب برامج تأهيل لإعادة دمجهم مرة أخرى في المجتمع، وغياب المشرفين المؤهلين للقيام بهذا الدور.

 

التجربة البرازيلية الثانية

ويرى، محمود البدوي مدير مؤسسة رعاية الأحداث، التي تعمل في مجال حماية أطفال الشوارع، أن مصر تحتاج للاستعانة بالتجربة البرازيلية الحالية في حل هذه الأزمة.

فكما يؤكد محمود التجربة البرازيلية في التعامل مع أطفال الشوارع في السبعينات مختلفة نوعيا عن التجربة الحالية، حيث  يتم توفير فرص عمل لهم، ومشروعات صغيرة مكنتهم من العيش الكريم.

وتحدثت ديزى كوزاسترا، رئيسة المنظمة العالمية للأسرة في البرازيل خلال ورشة عمل نظمها المجلس القومي للطفولة والأمومة العام الماضي، عن سبل تمكين وتوظيف الشباب في وضعية الشارع، راصدة ما قدمته الدولة في البرازيل من حماية اجتماعية للأسر والأفراد الذين عانوا من مشاكل أدت لخروج الأطفال للشارع. كما وفرت الدولة السكن المناسب لهم والمشروعات الصغيرة التي تكفل لهم دخلا مناسبا ونظاماً صحياً وتعليمياً مناسبين وأنشطة ترفيهية، إلى جانب التعامل مع هؤلاء الأطفال من خلال أشخاص مؤهلين.

ونظمت البرازيل في مارس الماضي كأس العالم لأطفال الشوارع في ريو دي جانيرو في إطار حملة عالمية تسعى لمنح أطفال الشوارع الحماية والفرص التي يستحقها جميع الأطفال.

وقد شارك في في كأس العالم لأطفال الشوارع فرق من حوالي 20 دولة من ضمنها مصر.

تعليقات الفيسبوك