مصريون يواجهون البطالة والغلاء بمشروعات متناهية الصغر

الأربعاء 20-11-2013 AM 11:12
مصريون يواجهون البطالة والغلاء بمشروعات متناهية الصغر

شابان يبيعان مأكولات لمواجهة البطالة - صورة لأصوات مصرية

كتب

كتب: محمود سليم    

بدراجة هوائية فوقها قفص من الجريد وعربة صاج بداخلها موقد غاز صغير يواجه بعض المصريين البطالة والغلاء والفقر. هذه المشروعات المتناهية الصغر، والتي لا يتجاوز رأس مالها مائتي جنيه،  بالكاد تعول أسرة تضم خمسة أفراد على الأقل.

على ناصية شارع لبنان في حي المهندسين الراقي يقف أحمد عبد العظيم، 24 عامًا، قرب دراجة هوائية وضع فوقها قفص مملوء بأرغفة الخبز وبعض علب الجبن والتونة والمربى والحلوى يُعد منها السندوتشات ويبيعها  بجنيه واحد.

تمرّ السيارات الفارهة بالشارع وتنتصب في الخلف أبنية شاهقة تتصدرها لافتات بنوك وشركات تجارية كبرى، وعدة فروع لمطاعم أجنبية إضافة إلى محلات البيتزا.

زبائن أحمد موظفون صغار وعمال بسطاء يحصلون على رواتب محدودة ويعانون الأمرَّين في توفير نفقاتهم، ولا يستطيعون شراء وجبة من المطاعم الراقية بالمنطقة. يقول أحدهم "لو أكلنا من المحلات الكبيرة المرتب هيخلص في أسبوع". 

يقول أحمد الذي يحرص على ارتداء ملابس مُهندَمة: "أنا خريج معهد خدمة اجتماعية ولم أجد عملاً في مجال تخصصي. ودفعتني الظروف القاسية إلى هذا العمل كي أعول أسرتي المكونة من أمي وشقيقي الأصغر وزوجتي وولديَّ الاثنين".

ويضيف أحمد الذي يعمل 12 ساعة في اليوم: "ولو ما اشتغلتش طول اليوم مش هعرف أصرف عليهم، والمظاهرات هي الحاجة الوحيدة اللي بتوقفني عن الشغل".

ويعرب أحمد الذي يتحدث ويداه لم تتوقفا للحظة عن إعداد السندوتشات عن أمله في أن يتحول مشروعه لمطعم كبير. ثم يستدرك: "لكن اللي جاي على قد اللي رايح"، قاصدًا الربح القليل.

وتبلغ معدلات البطالة في مصر 12.6 % - ما يزيد عن ثلاثة ملايين عاطل – بحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2012.

وذكر تقرير مرصد الغذاء المصري التابع لمركز معلومات مجلس الوزراء أن معدل التضخم بلغ 11% خلال الفترة من يونيو 2012 حتى يونيو 2013 وأن أسعار المواد الغذائية زادت بنسبة 13% .

وأشار التقرير إلى أن تكلفة سلة الغذاء للأسرة المصرية خلال الربع الثاني من العام الجاري ارتفعت بنسبة 4.4% مقابل 1.8% خلال الربع السابق عليه.

وعلى غرار أحمد يتخذ محمد الشيخ، 29 عامًا، مكانًا لعربته الصاج أمام أكاديمية أخبار اليوم بمدينة 6 أكتوبر، غرب القاهرة، حيث يُعد سندوتشات الكبد المستورد والبطاطس للطلاب. ويقول "أعمل هنا منذ سنتين، ولو ما اشتغلتش يوم واحد هيأثر عليَّ جامد".

ويتحدث محمد عن معاناته: "مشكلتي فقط في الزيادة المستمرة في سعر الكبد والبطاطس وأنبوبة الغاز اللي مش لاقينها"، معلقًا "كل هذا يرفع ثمن السندوتش لجنيهين مما يقلل معدل البيع وينقص العائد اليومي".

ويقول محمد الذي أوقف عربة الصاج بجوار سور الأكاديمية المرموقة وبالقرب من  سيارات الطلاب والأساتذة: "كنت أعمل في بيع الملابس والأحذية في شوارع القاهرة قبل عامين لكني تعبت من مطاردة شرطة المرافق والمظاهرات التي أوقفت حالنا فانتقلت إلى 6 أكتوبر".

ويُكمل محمد الذي يتحفظ على ذكر دخله اليومي: "هنا التقيت شخصاً وافق على تأجير العربة الصاج وأعمل عليها لمدة ثمان ساعات في اليوم على الأقل كي أعول أمي وشقيقين أصغر مني أساعدهما على استكمال تعليمهما".

وتعليقًا على الحلول الفردية لمشكلة البطالة، يرى الخبير الاقتصادي إبراهيم العيسوي، مستشار معهد التخطيط القومي، أن "هذا نطاق ضيق جدًا، الناس يبحثون بالطبع عن منفذ للضوء وهم مضطرون لذلك في ظل غياب دور الحكومة، لكن المشكلة أكثر تعقيدًا من الجهود الخاصة".

ويضيف: "معدل البطالة في مصر يزيد كثيرًا عن 13%"، موضحاً أن هذا الرقم الرسمي "ربما  يتفق مع المعايير الدولية للبطالة التي تعتبر كل من عمل ولو يوم واحد في الشهر ضمن العاملين وليس العاطلين".

وبرأيه فإن هذه المشكلة "مزمنة ولا توجد حلول سحرية طالما الوضع السياسي والأمني مضطرب وبالتالي حركة الاستثمارات متوقفة وقدرات الحكومة على توفير فرص عمل قليلة جدًا".

ويكمن الحل حسب الخبير في تغيير جذري في  توجهات السياسة الاقتصادية للدولة ونظرتها لقضية الادخار المحلي وكيفية زيادته ومراجعة السياسات الضريبية والجمركية "وليس الاعتماد على الخارج".

وتعليقاً على وعد الحكومة  بتقليل معدل البطالة إلى 9.5 % بحلول عام 2017 ورصد حزمة لتحفيز الاستثمارات تبلغ 22 مليار جنيه، ثمَّن العيسوي جهودها، غير أنه قال "هذا لا يكفي لحلحلة مشكلة البطالة التي تحتاج إلى استثمارات حكومية ضخمة في مشاريع انتاجية كبرى تخلق سوق حيوي للعمل قادر على استيعاب مخرجات التعليم على الأقل".

تعليقات الفيسبوك