مقابلة.. مسؤول بالبنك الدولي: نقترح على الحكومة أن يغطي التأمين الصحي كل المصريين بحلول 2030

الأحد 29-03-2015 PM 07:48
مقابلة.. مسؤول بالبنك الدولي: نقترح على الحكومة أن يغطي التأمين الصحي كل المصريين بحلول 2030

أطباء في مستشفى - صورة أرشيفية من رويترز

كتب

كتب: محمد جاد

- الأدنى دخلا في مصر ينفقون 21% من أموالهم على الصحة.. والأعلى ينفقون 13.5% فقط

- نتناقش مع الحكومة في مشروع لتوفير خدمات صحة الأسرة في كل صعيد مصر

صحة المصريين تحسنت خلال العشرين عاما الأخيرة ليزيد العمر المتوقع للمواطن من 64.5 سنة إلى 70.5 سنة، ولكن هذا التحسن لم يتحقق بشكل به مساواة، كما قال البنك الدولي في الدراسة التي أصدرها عن القطاع الصحي بمصر.

"خارطة طريق لتحقيق العدالة الاجتماعية في مجال الرعاية الصحية بمصر"، كان عنوان الدراسة التي أصدرها البنك في يناير الماضي، وقدم خلالها رؤية مقترحة للحكومة المصرية لإصلاح النظام الصحي وجعله أكثر عدالة.

ويأتي إصدار هذه الدراسة في الوقت الذي تعكف فيه الحكومة على إصدار قانون جديد يغير فلسفة العمل بنظام التأمين الصحي الحالي.

مفهوم العدالة في الصحة الذي تبنته دراسة البنك مبني على مناقشات عدة خاضها خبراء في العالم حول هذه القضية في السنوات الأخيرة، والتي بلورتها منظمة الصحة العالمية في 2010 بأن "يحصل كل الناس على الخدمات الصحية، ذات الجودة، التي يحتاجونها بدون التعرض لأي متاعب مالية"، كما يقول علاء حامد، خبير الصحة بالبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وبحسب البيانات المعروضة في دراسة البنك الدولي، فإن أغنى 20% من المصريين ينفقون 13.5% من دخلهم على الخدمات الصحية، بينما ينفق أفقر 20% نحو 21%، "وهذا يمثل عبئا ضخما على الفقراء" يقول حامد، مشيرا إلى أن أحد أهداف السياسات الصحية يجب أن يكون تخفيف أعباء تكاليف الخدمة الصحية على الأقل دخلا.

ويشير حامد، أحد المشاركين في صياغة الرؤية المقترحة لإصلاح نظام الصحة في مصر، إلى أن الجدل المثار عالميا في الوقت الحالي حول العدالة في الصحة مدفوع بالقلق من سقوط بعض الطبقات في الفقر بسبب الإنفاق على الصحة، "أكثر من 100 مليون شخص حول العالم يدخلون دائرة الفقر سنويا بسبب مصروفات الصحة".

وأضاف حامد، خلال حواره مع أصوات مصرية حول أهم البنود المقترحة في رؤية البنك، أن بعض مؤشرات صحة المصريين تظهر تحسنا على المستوى الكلي، لكن هناك مناطق جغرافية لا تحقق تحسنا مماثلا لما تظهره المؤشرات الكلية.

ويضرب الخبير بالبنك الدولي مثالا على ذلك بقوله إن "النتائج الصحية في مجال (خفض) وفيات الأطفال والأمهات (ستمكن مصر من أن) تحقق أهداف الألفية (التى وضعتها الأمم المتحدة) لكن الصعيد لن يتمكن من تحقيقها".

وتشمل أهداف الألفية تخفيض ثلثي وفيات الأطفال تحت سن الخامسة وتخفيض ثلاثة أرباع وفيات الحوامل في 2015.

* أهداف صحية في 2030

تقوم الرؤية التي قدمها البنك الدولي للحكومة المصرية على تحقيق هدفين في 2030 الأول إتاحة خدمات صحة الأسرة لكل المصريين مع ضمان مستوى محدد من الجودة، والثاني تغطية كافة المواطنين بنظام للتأمين الصحي، كما يقول حامد.

ويهدف نظام طب الأسرة إلى توفير خدمات الرعاية الصحية الأولية للأسر القاطنة في نطاق جغرافي محدد، ويغطي نظام التأمين الصحي تكاليف العلاج بهذا النظام للمؤمن عليهم.

ويوضح حامد أن مصر استهدفت تطبيق نظام خدمات صحة الأسرة في 2003، ولكن اقتصر تنفيذه على خمس محافظات ولم يتم التوسع فيه "حتى أصبح الحلقة الأضعف" في النظام الصحي بمصر، وفقا لقوله.

ويمول البنك الدولي حاليا مشروعا لتحسين جودة خدمات صحة الأسرة في الألف قرية الأفقر في مصر والتي تسجل نتائج صحية متدنية، كما يقول حامد.

كان مجلس المديرين التنفيذين بالبنك الدولي قد وافق، في نوفمبر الماضي، على تقديم قرض بقيمة 75 مليون دولار لتوفير الرعاية الصحية لجميع الأسر المصرية في أفقر ألف قرية، 93% منها في محافظات الصعيد، على أن ينتهي المشروع في 2017.

"وهناك مشروع نتناقش فيه مع الحكومة حالياً يستهدف توفير خدمات صحة الأسرة في كل صعيد مصر وتحسين مستوى الخدمات الأساسية بالمستشفيات.. لتقليل أسباب وفيات الأطفال"، يضيف حامد.

وتقول دراسة البنك الدولي إن وفيات الأطفال حديثي الولادة، ممن لم يمر 28 يوما على ولادتهم، تمثل نصف وفيات الأطفال حديثي الولادة، الذين يموتون قبل بلوغ عام، وترتفع تلك المعدلات في الصعيد.

وتعد خدمات الصحة النفسية من بين الخدمات الأساسية التي يحتاج المصريون إلى التوسع في تقديمها، يقول حامد، مشيرا إلى وجود مؤشرات على ارتفاع معدلات الإصابة في هذا المجال تستوجب تحسين الخدمات الصحية المقدمة بها.

وتقول دراسة البنك الدولي إن القلق والاكتئاب ثنائي القطبية (مزيج ما بين الاكتئاب واليوفوريا) ضمن الأسباب الرئيسية لموت وعجز السيدات في المراحل العمرية بين 15 و49 سنة، بينما تتصاعد معدلات الإدمان بين الرجال والذي ينعكس على صحتهم النفسية.

أما عن خدمات نظام التأمين الصحي فمن المفترض أن تغطي أمراض مرتفعة التكلفة والتي تمثل مخاطر كبيرة على المرضى تعرضهم للسقوط في الفقر، مثل السرطان، كما يقول حامد.

وأشار مسؤول البنك الدولي إلى أن رؤية مؤسسته تستهدف التوسع في تغطية خدمات التأمين الصحي لتصل إلى كل المصريين، خاصة الفقراء ومن يعملون في القطاع غير الرسمي بحلول عام 2030.

وبحسب التقديرات الحكومية، فإن نظام التأمين الصحي يغطي حالياً 50 مليون مواطن، وتعمل الحكومة على إعداد قانون لتغطية كافة المصريين بالخدمات التأمينية فيما يعرف بالتأمين الصحي الشامل.

* وسائل التمويل المتاحة

بينما تستهدف الحكومة تغطية كافة المصريين بالخدمات التأمينية في القانون الذي تعكف على إعداده حالياً، فإن الواقع الذي تعرضه دراسة البنك الدولي يوضح أن 72% من إجمالي الإنفاق على الخدمات الصحية في مصر يأتي من جيوب المواطنين خارج مظلة الخدمات التأمينية.

ويوضح حامد أن النظام الشامل يجب أن يستهدف تقليل الإنفاق الخاص بقدر الإمكان، لخفض مخاطر وقوع المواطنين تحت خط الفقر بسبب إنفاقهم على الخدمات الصحية.

ويقول خبير المؤسسة الدولية إن نظم التأمين الصحي في العالم عادة ما تمول من خلال الاشتراكات أو الضرائب "المشكلة في مصر أن قاعدة الخاضعين للضرائب غير واسعة ومعدلات العمل في القطاع غير الرسمي كبيرة.. لذا مصر تحتاج إلى العمل بخليط من هذين الموردين الماليين خلال الـ10 أو 15 سنة القادمة".

وتشدد الرؤية التي يقدمها البنك الدولي لإصلاح القطاع الصحي في مصر على تحسين آليات المساءلة للجهات المقدمة للخدمات الصحية لتحسين جودة الخدمات.

"يجب أن يكون هناك إشراك للمجتمع المدني في الرقابة على الخدمات، وأن يكون هناك نظم شكاوى فعالة (للمواطنين).. ونظام يتسم بالاستقلالية يقيس جودة الخدمات" كما يضيف حامد.

تعليقات الفيسبوك