القلق من ضغوط المعيشة لا يفرق بين حارس النادي والمهندس

الأربعاء 31-12-2014 PM 07:11
 القلق من ضغوط المعيشة لا يفرق بين حارس النادي والمهندس

زحام في احد أحياء القاهرة. المصدر: رويترز

كتب

كتبت: دينا درويش

يجمع أسرتان من الطبقة العليا والدنيا الخوف من العام الجديد، فراتب المهندس عمر الذي يتجاوز 40 ألف جنيه في الشهر يكفيه بالكاد لتوفير التعليم والحياة اللائقة لأبناءه، وبضعة أوراق من فئة المئة جنيه تدخل في جيب رمضان كل شهر وتجعله حائرا في حساب مصاريف الغذاء والمواصلات للأسرة. أصوات مصرية تحدثت مع الأسرتين عن مشاق تدبير نفقاتهما الشهرية ومخاوفهما من زيادة الأعباء في 2015.

تباديل وتوافيق للحفاظ على حياة مرفهة 

تعد المحافظة على نفس مستوى المعيشة اليوم تحديا حقيقا للمهندس عمر محمد. إذ أصبح على عمر وزوجته منة أن يقوما بمجموعة من التباديل والتوافيق على قائمة إحتياجاتهما الشهرية حتى يتسنى لهما أن يواجها الزيادة المستمرة في الأسعار والتي شملت أغلبية السلع والخدمات هذا العام بعد القرارات التي اتخذتها الحكومة برفع أسعار الطاقة.

ورغم أن راتب هذا المهندس الأربعيني يصل لحوالي 45 ألف جنيه شهريا، إلا أن نمط الحياة التي اعتاد عليها هو وأسرته يضعه اليوم في مأزق.

ولأنه يؤمن بأن التعليم هو "خير استثمار" لأولاده، فإن المدرسة الدولية التي يدرس بها أبناؤه الثلاث تلتهم الجزء الأكبر من دخله، إذ تصل المصروفات المدرسية إلي ستين ألف جنيه سنوياً لكل طفل، ناهيك عن الدروس الخصوصية التي قد يسددها بالعملة الصعبة نظرا لان بعض المعلمين أجانب.

تقول منة، ربة منزل ثلاثينية، "نشعر اليوم بالاختناق، ولا نتمكن من ادخار أى نقود رغم أن دخل زوجي كبير نسبيا. فنحن نلهث طول العام من أجل تدبير المصاريف الدراسية".

وهذا الأمر اضطر الأسرة هذا العام إلى نقل طفليها الصغار لمدرسة أخرى تصل مصروفاتها لثلاثين ألف جنيه لتخفيض الجزء المخصص للمصروفات المدرسية إلى حوالي النصف.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد استأجر عمر سائقا مقابل 1200 جنيه شهرياً لتوصيل أبناءه للمدرسة لتوفير نفقات الأتوبيس المدرسي التي كانت تصل لستة الاف جنيه سنويا لكل طفل.

"أحاول أن أستخدم موارد الأسرة أفضل استخدام، فسيارة زوجتي كانت غير مستغلة طيلة الفترة الماضية لكننا اليوم نستخدمها في هذا الغرض كما أن السائق أصبح يجلب لنا أغراض المنزل اليومية، وبذلك نكون وفرنا أيضا ثمن خدمة التوصيل المنزلي".

أما بالنسبة لرياضة التنس التي يمارسها إثنان من أبناء عمر ومنة، فقد قرر الزوجان مؤخرا أن يلحقا إبنيهما بالنادى الأهلي حيث لا يتعدى الإشتراك الشهرى أكثر من 375 جنيه للفرد مقابل 1000 جنيه كان يدفعها الزوجان لكل طفل في أحد النوادي الخاصة الجديدة.

"التوفير لا يقتصر على الاشتراك الشهري فقط لكن وجود أبنائي في وسط الطبقات الأكثر ثراءً يفرض علينا التزامات أخرى، مثل شراء أحذية ومضارب وكذلك ملابس رياضية ذات ماركات عالمية مرتفعة الثمن، في حين أن وجودهما بين أبناء الطبقة الوسطى قد لا يزيد من تطلعاتهما كثيرا"، يقول عمر.

وتضطر منة أن تننظر التخفيضات أو تشترى من على الإنترنت أو من خلال أقاربها القادمين من الخارج حتى توفر "بعض الجنيهات من ميزانية الكسوة".

ورغم أن الأسرة قد اعتادت أن تسافر كل عام إلي الخارج، فإنها تفضل اليوم أن تستفيد من ثروتها العقارية سواء في الساحل الشمالي أو العين السخنة. لكنها قد تخضع أحيانا لضغوط الأبناء وتسافر إلي الدول ذات التكلفة المنخفضة مثل لبنان أو دول اوربا الشرقية التي ما زالت أرخص ثمنا من نظيراتها في غرب أوروبا.

عندما تحرص الأم على توفير وجبة مفرحة أسبوعيا لأبنائها

يحتاج سامح رمضان، عامل حراسة بأحد نوادي القاهرة الجديدة، إلي 600 جنيه شهرياً على الأقل لسد احتياجات الغذاء والمواصلات لأسرته المكونة من خمسة أفراد، وبتلك الميزانية الهزيلة تحرص زوجته كريمة على أن تضع كل قرش في مكانه.

"أحرص على طهي اللحوم مرة واحدة فقط في الأسبوع كي أوفر وجبة مفرحة لأسرتي التي لا تأكل اللحوم سوى أربع مرات في الشهر، فكل أسبوع تحتاج عائلتي لدجاجتين أو كيلو من اللحم مقابل ستين جنيها"، تقول كريمة.

وتدبر زوجة رمضان خضروات الأسبوع بـ35 جنيه، فضلا عن كيلو أرز أسبوعيا.

وبينما تكفي الوجبة المفرحة الأسرة لمدة يومين، فإن كريمة تقوم بطبخ "صنف واحد مثل المسقعة أو العدس بكميات كبيرة لتكفي باقي أيام الأسبوع، وهذه الوجبة الأرديحي تكلفني حوالي 50 جنيهاً".

ولا تقتصر احتياجات أسرة رمضان من الغذاء على هذا، فهي تحتاج لـ20 جنيه أخرى لتوفير نصف كيلو من الحليب يوميا لأطفالها الثلاثة، فضلا عن كارتونة بيض أسبوعيا "أقوم بوضع البيض مع كثير من الخضروات في نصف رغيف من الخبز كي يشعر الأولاد بالشبع"، بحسب تعبير كريمة.

وتقول كريمة، التي لا تجيد القراءة والكتابة لكنها تمرست مع الوقت على إجراء الحسابات بدقة شديدة، تكفي حصة الأسرة التموينية (2 كيلو من الأرز و4 كيلو من السكر وزجاجتين من الزيت و2 باكو من الشاى) حتى منتصف الشهر، لذا فهي تلجأ لبعض الحيل، إذ تقوم بتربية بعض الدواجن كي تدبر حاجة أولادها من البروتين الحيواني أو تقترض البطاقة التموينية لوالد زوجها للحصول على مزيد من الخبز.

وتواجه الأسرة تحديا كبيرا لتدبير مصاريف المواصلات لا سيما بعد إرتفاع أسعار الوقود هذا العام، "يحتاج زوجي لثلاث مواصلات في اليوم كي يذهب لعمله من عزبة الهجانة بمنطقة الكيلو اربعة ونصف حتى التجمع الخامس، فهو يستخدم يوميا الأتوبيس العام أو الميكروباص وفي اخر الشهر قد ينزل من العزبة سيرا على الأقدام كي يوفر سعر الركوب"، كما تقول كريمة .

وتشعر الزوجة بالقلق من ظهور "الأتوبيس الأزرق" الذى يصل سعر تذكرته لجنيهين، فمن الممكن أن "يختفي بسببه الأتوبيس الأحمر الذى لا يتعدى سعر تذكرته جنيها"، كما تعتقد كريمة.

وتمثل زيادة سعر الأتوبيس مشكلة بالغة للأسرة، خاصة وأن "سعر السرفيس زاد مؤخرا بـ25 قرشا، لذلك نفكر في تدبير ثمن دراجة بخارية بالقسط أو عن طريق جمعية كي توفر الأسرة ثمن التنقلات".

وعلي عكس قطاعات واسعة من الأسر المصرية، لا تشعر هذه الأسرة بقلق بالغ من فاتورة الكهرباء، لأنها لا تمتلك العديد من الأجهزة الكهربائية باستثناء ثلاجة وغسالة ومروحة سقف واحدة.

وتستخدم الأسرة أربع لمبات موفرة لإنارة غرفة المعيشة وحجرتي النوم والمطبخ، لكن ربة المنزل تسعي إلى أن تدير مفردات حياتها في غرفة واحدة توفيرا للطاقة، "كما ينصح التليفزيون".

"بند الترفيه" هو البند المحذوف من ميزانية الأسرة منذ ثلاث سنوات،عندما ذهبت الأسرة للحديقة الدولية في إحدى العطلات، حيث تقول الزوجة أن "فسحة زي دي تصل تكلفتها هذه الأيام إلى 30 جنيه ربما تكون الاسرة في أمس الحاجة إليها".

وتتنفس كريمة الصعداء عندما يمضي الشهر دون مفاجآت مدوية من مرض أو غيره، والتي تضيف نفقات قد تهبط بالأسرة من شريحة الفقر إلي شريحة الفقر المدقع، لتكون ضمن 6% من المصريين الذين يعيشون بـ214 جنيه في الشهر.

تعليقات الفيسبوك