في شهر التوعية بمرض التوحد... تحديات تواجه أهل الأطفال المصابين

الأربعاء 22-04-2015 PM 01:55
في شهر التوعية بمرض التوحد... تحديات تواجه أهل الأطفال المصابين

صورة لأحد الأطفال المصابين بمتلازمة اسبرجر - تصور شانون ستابلتون - رويترز

كتب

كتبت: أمنية طلال

"لم أكن أعرف شيئا عن التوحد ولم أتخيل أن ابني مصاب به" قالت نهى أحمد، التي لاقت معاناة على حد وصفها لمعرفة حقيقة مرض إبنها الأكبر، حتى اكتشفت مؤخرا إصابته بطيف التوحد.

والتوحد هو اضطراب يلاحظ على الطفل عادة منذ الطفولة الباكرة، ويؤثر على نموه وتطوره، وتختلف مظاهر التوحد حسب مستوى التطور وعمر الفرد، وعادة يسبب خلل وظيفي في التفاعل الاجتماعي المتبادل وفي التواصل مع الآخرين، ويؤدي إلى سلوكيات نمطية تكرارية محدودة.

ويصيب مرض التوحد الصبيان 3- 4 مرات أكثر من الفتيات، ويظهر قبل سن ثلاث سنوات من العمر، ويعاني الشخص المصاب بالتوحد من صعوبة في التواصل الكلامي وغير الكلامي وفي التفاعل الاجتماعي وفي اللعب واللهو والنشاط، بحسب جمعية التوحديين الأمريكية.

تتحدث نهى عن رحلة طويلة من المعاناة بدأت بالتردد على عيادات الأطباء في تخصصات مختلفة، والبداية كما أوضحت كانت عندما بلغ ابنها الثالثة من عمره، وكان يعاني من تأخر في الكلام ويميل للعزلة بطبعه.

وقتها لجأت نهى إلى عرض ابنها على إخصائي أطفال، والذي أكد لها أنه سليم وأن الأمر مجرد تأخر في الكلام وطلب منها عرضه على طبيب تخاطب.

"التشخيص الخاطئ" كما أشارت نهى كان سبب معاناتها، فلم تنته مشكلة ابنها الذي يرفض الكلام ويمتنع عن التواصل مع الآخرين، الأمر الذي دفعها لعرضه على طبيب أنف وأذن وحنجرة، بعدما شكت في أنه يعاني من مشاكل في السمع، لكن الأمر لم يكن كذلك بعدما تأكدت أنه يسمع جيدا.

"بعد عام تقريبا من التردد على عيادات الأطباء اكتشفت أن ابني مصاب بالتوحد"، قالت نهى موضحة أن زوج صديقتها الذي يعمل طبيب لفت نظرها إلى احتمال إصابته بأحد الأمراض النفسية، ونصحها بعرضه على طبيب نفسي متخصص.

قالت نهى إن الطبيب أجرى عدة اختبارات لها ولإبنها تأكد من خلالها بإصابته بالتوحد.

لم تنته معاناة نهى، فتضاعفت أعبائها بعد أن اكتشفت حقيقة مرض ابنها، إذ وجدت صعوبة في العثور على مركز أو مدرسة مناسبة لعلاج التوحد في ظل ندرة المراكز الحكومية التي تساعد ذوي الإعاقة وخصوصا المتوحدين.

وتواجه أمهات أطفال التوحد مشكلة ندرة المستشفيات أو المراكز حكومية لتأهيل وعلاج أطفال التوحد، حيث يعتمدن على المراكز الخاصة التي تغالي فى أسعار العلاج، كما أوضحت نهى، قائلة إنها تنفق على إبنها الذي يعاني من التوحد ثلاثة أضعاف ما تنفقه على ابنها الطبيعي، مشيرة إلى أن تكاليف المدرسة التي ألحقته بها تبلغ 12 ألف جنيه سنويا.

وكانت نهى تخشى التردد على عيادة الأطفال بمستشفى العباسية للصحة النفسية، نظرا لكونها مستشفى للمرضى العقليين كما هو متعارف عليه مشيرة إلى النظرة المجتمعية لهذه المستشفى.

وتوضح الدكتورة إيمان جابر، مدير إدارة الأطفال والمراهقين في الأمانة العامة للصحة النفسية في وزارة الصحة، أن هناك مركزين تابعين للحكومية للرعاية النهارية للمصابين بالتوحد على مستوى الجمهورية أحدهما في داخل مستشفى العباسية والآخر في المعمورة في الإسكندرية، أما باقي المراكز فتقدم خدمة محدودة منها التشخيص أو تعديل السلوك كما قالت جابر.

وتعتبر الأمانة العامة للصحة النفسية التي تشرف عليها جابر، شهر أبريل شهرا للتوعية بمرض التوحد، ليتواكب مع يوم 2 إبريل الذي اختارته الجمعية العامة للأمم المتحدة كيوم عالمي للتوعية بمرض التوحد، لتسليط الضوء على الحاجة إلى تحسين حياة الأطفال والبالغين الذين يعانون من هذا المرض بما يكفل لهم حياة كريمة.

ونظم مركز الرعاية النهارية لأطفال التوحد في مستشفى الصحة النفسية بالعباسية، أمس الثلثاء حفلا ترفيهيا لأطفال التوحد، ضمن فعاليات الشهر.

وتقول جابر إن الرعاية النهارية مهمة جدا لتحسين مستوى معيشة الطفل وتنمية مهاراته، موضحة أن التوحد هو اضطراب نمائي ينتج عن جينات وراثية، وبالتالي يحتاج مصاب التوحد إلى تنمية مهاراته بمعاونة فريق متخصص من أطباء وإخصائيين نفسيين لمدة تصل إلى 40 ساعة في الأسبوع.

ووفقا للأمانة العامة للصحة النفسية فإن نسبة انتشار مرض التوحد في مصر تصل إلي 1% أي يبلغ أعداد المرضي حوالي 800 ألف مريض.

"التعرف على المرض يبدأ في سن 18 شهرا" وفق ما أكده محمد محمود، إخصائي التوحد، الذي يعمل مدرسا في إحدى المدارس المتخصصة في تعليم ذوي الإعاقة، موضحا أن هناك علامات تظهر على الطفل منها صعوبة التواصل، أوالتفاعل الاجتماعي مع الأخرين، وتأخر الكلام.

ويشير محمود إلى أن هناك درجات مختلفة من المرض تتباين حدتها وتأثيرها على حياة المريض،

موضحا أن التوحد هو اضطراب نمائي وليس مرضا يمكن العلاج منه، وبالتالي يكون التركيز على تدريب المريض على التعامل مع المرض بهدف تحسين نوعية حياته.

وتقول الدكتورة دعاء الحضري، إخصائية الصحة النفسية، ولديها مركز لعلاج التوحد، إن كثيرا من المصابين بالتوحد يتمتعون بدرجات ذكاء طبيعية أو أعلي من الطبيعية، موضحة أن دور مراكز التأهيل هو مساعدتهم على استخدام هذه القدرات والاستفادة منها.

وتوضح الحضري أن كل ما يحتاجه الطفل المتوحد هو تزويده بمهارات التخاطب، وتنمية المهارات الشخصية لديه، وتعديل سلوكه، وهو ما تقدمه مراكز إعادة التأهيل.

تعليقات الفيسبوك