أحدث الأخبار
"لن استطيع أن ألبّى مطلب واحد فئوى.. مش هيحصل" كانت كلمات عبد الفتاح السيسي في خطاب بحفل تخرج دفعة بالكلية الحربية عقب أيام من تنصيبه رئيسا للجمهورية، في إشارة إلى أن ضعف الأداء الاقتصادي يستوجب التوقف عن الاحتجاج.
وتقدر البيانات الحكومية أن الاحتجاجات العمالية تراجعت خلال العام المنقضي، إذ تُظهر بيانات لوزارة القوى العاملة تراجع وتيرة الإضرابات والاعتصامات العمالية خلال 2014 (إجمالي 287 احتجاجا)، بنسبة 16% عن العام الأسبق، وقالت الوزارة في بيان لها إن "معظم حالات الاحتجاجات العمالية .. سويت ودياً".
إلا أن هبة خليل، الباحثة بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تشير إلى أن إجمالي احتجاجات 2013 كان مرتفعا بسبب تزايد الفعاليات العمالية خلال النصف الأول من ذلك العام في ظل حالة السيولة السياسية خلال حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، بينما تراجعت نسبة كبيرة من العمال عن الاحتجاج بعد أحداث 30 يونيو حتي لا تحسب تلك التحركات علي أنها في مصلحة أي من أطراف الصراع السياسي الجاري.
ورغم أن المركز المصري لم ينته حتى الآن من إعداد تقديراته لإجمالي الاحتجاجات العمالية في 2014، فإن خليل تعتقد أن الأرقام ستظهر ارتفاعا في وتيرة الاحتجاجات في الشهور الأخيرة، "فبالرغم من استمرار تصاعد العنف في المواجهات السياسية يبدو أن الحراك العمالي بدأ يستعيد وتيرته الطبيعية خلال الأشهر الأخيرة"، تقول خليل.
ولكن مسحا للاحتجاجات العمالية في 2014 من إعداد مركز المحروسة يشير الي أن وتيرة الإحتجاجات بعد انتخاب السيسي كانت أقل من الأشهر السابقة لتنصيبه، حيث يقدر المركز أن أكثر فترات الاحتجاجات العمالي خلال العام الأخير كانت في شهر فبراير، والذي استحوذ علي نحو 44% من إجمالي الإحتجاجات التي رصدها المركز، بينما مثلت إحتجاجات النصف الثاني من العام نحو 30% من الرقم الإجمالي.
"لقد تسبب تطبيق الحد الأدني للأجور في القطاع الحكومي مطلع العام الماضي في زيادة الإحتجاجات، لأن عمال القطاع العام طالبوا بأن يشملهم القرار"، تقول النقابية والباحثة فاطمة رمضان، مفسرة زيادة الاحتجاجات في فبراير.
ويُظهر مسح المحروسة أن نحو 33% من احتجاجات 2014 لجأ فيها العمال إلى الإضراب، بالرغم من أن هذا الإجراء يعد أقصى درجات التصعيد في المواجهات بين العمال وأصحاب العمل، "لقد أغلقت الحكومة الباب أمام التظاهر مما دفع العمال للإضراب، لم يكن متاحا الاعتصام أمام مجلس الوزراء مثلما كان الوضع قبل ثورة 2011"، تضيف رمضان.
وتعد تقديرات "المحروسة" لاحتجاجات 2014 أكبر بنحو عشرة أضعاف من تقديرات وزارة القوى العاملة، إلا أن البيانات الرسمية تقتصر علي رصد الاضرابات والاعتصامات، بينما تشمل بيانات المركز الحقوقي سلوكيات احتجاجية كتنظيم السلاسل البشرية وجمع التوقيعات وغيرها.
ووفقا لبيانات القوى العاملة فقد استحوذ القطاع الخاص علي نحو 86% من احتجاجات 2014، "لقد استجاب العمال في البداية لدعوة السيسي للتوقف عن الإضرابات، ولكن رجال الأعمال استغلوا ذلك بشكل سلبي"، يقول سعد شعبان، رئيس إتحاد عمال مصر الديمقراطي.
ويضيف رئيس الاتحاد الذي أسسته نحو 200 نقابة عام 2013 أنه خلال الفترة الماضية كانت "استجابة أصحاب العمل للتفاوض ضعيفة .. وتم استغلال البدو لفض احتجاجات عمالية بالبلطجة".
ويقول شعبان إن نسبة كبيرة من الاحتجاجات التي تابعها في القطاع الخاص خلال العام الماضي كانت تنشب بسبب عدم صرف النسبة المقررة للعمال في قانون الاستثمار من أرباح الشركات وعدم صرف علاوة يوليو، وهو ما يساهم في استمرار تجدد الاحتجاجات كل عام .
وتقول وزارة القوى العاملة إن الوضع الاقتصادي ساهم في خلق أجواء محفزة للإحتجاج خلال 2014 معلقة في بيان لها بأن "عدم توافر السيولة المالية لبعض المنشآت، وتزايد الإنتاج الراكد لديها (أديا) لوجود الكثير من المنتجات الأجنبية التى تباع فى الأسواق المصرية بأسعار تقل كثيراً عن مثيلتها المصرية"، مما أثر على تنافسية المنتجات المصرية وقلل من فرص أرباح الشركات المحلية.
لكن القوى العاملة أشارت في بيانها إلى ما وصفته ب "غياب ثقافة الحوار بين أصحاب العمل والعمال"، وتري رمضان أن "ما يشجع أصحاب العمل على عدم الاستجابة للعمال هو عدم وجود عقوبات تشريعية رادعة علي عدم الالتزام باتفاقيات العمل الجماعية، بل أن وزارة العمل أحيانا ما تستدعي صاحب العمل للتفاوض ولا يهتمون بالحضور".
وينتظر العمال البرلمان المقبل لتمرير قانون يشرع النقابات المستقلة ، التي نمت أعدادها بعد ثورة يناير و قدرت وزارة القوى العاملة في 2012 أنها بلغت نحو ألف نقابة.
ويقول شعبان أنه بالرغم من تأخر صدور القانون إلا أنه لم يشهد مؤشرات علي انهيار تلك المؤسسات النقابية خلال الفترة الماضية، لكن رمضان تقول إنه جرت خلال الفترة الماضية محاولات من أصحاب العمل لتسريح القيادات العمالية في الشركات.