المساعدات الخارجية لمصر ما بين 25 يناير و30 يونيو.. الاقتصاد في خدمة السياسة

الخميس 23-01-2014 PM 03:20
المساعدات الخارجية لمصر ما بين 25 يناير و30 يونيو.. الاقتصاد في خدمة السياسة

صورة من مسيرة بالقاهرة معارضة لقرض صندوق النقد الدولي -أحمد حامد - أصوات مصرية

كتب

كتبت: مريم عبد الغني

فى أعقاب ثورة 25 يناير ومظاهرات 30 يونيو سارعت بعض الدول الغربية والعربية بتقديم مساعدات مالية ضخمة لمصر، على عكس الحقبة السابقة، فيما يرى البعض أنه يخدم أهدافاً ومصالح سياسية لهذه الدول.

واختلفت المساعدات من حيث مصدرها وقيمتها، باختلاف السلطة القائمة في مصر وبالأحداث الجارية على الأرض.

وأكد الخبير الاقتصادي، وائل زيادة، أن المساعدات الاقتصادية التي قُدمت لمصر عقب ثورة يناير كانت في ظاهرها مساعدات اقتصادية ولكن في باطنها كان لها توجه سياسي.

وأشار زيادة، في حوار مع أصوات مصرية، إلى أن المساعدات لمصر منذ ثورة يناير تنقسم إلى فترتين زمنيتين؛ الأولى منذ أول انتخابات رئاسية وفوز محمد مرسي المنتمي للإخوان بالرئاسة وصعود تيار الإسلام السياسي، وتمثلت المساعدات في تلك الفترة في الدعم القطري والتركي والليبي.

المساعدات القطرية والتركية والليبية عقب 25 يناير

في سبتمبر 2012، أعلن ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، أنه تم الاتفاق مع تركيا على تقديم حزمة مساعدات لمصر بقيمة ملياري دولار، لاستخدامها فى دعم احتياطي مصر من النقد الأجنبي وتمويل مشروعات البنية الأساسية بما يسهم فى تعزيز أوضاع الاقتصاد المصري ومساعدته على استعادة الاستقرار ومعاودة النمو.

وتلقت مصر مليار دولار من المساعدات التركية تم توجيهها لدعم الاحتياطي الأجنبي. لكن في أغسطس الماضي وبعد عزل مرسي، قال أشرف العربي، وزير التخطيط، إن الحكومة التركية عطلت الجزء الثاني من المساعدات التي تعهدت بها لمصر.

وأوضح زيادة، أن مساعدات تركيا وليبيا كانت بسبب التوجه الإسلامي للحكومة المصرية في هذه الفترة، مضيفا أنه بالنسبة لقطر فإن مساعداتها كانت مرتبطة بالقرار الأمريكي وتوجه أمريكا لمساعدة مصر وجماعة الإخوان المسلمين.

وقدمت قطر، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع جماعة الإخوان المسلمين، قروضا ومنحا بقيمة خمسة مليارات دولار عقب تولي الرئيس محمد مرسي السلطة بعد انتخابات عام 2012.

وفي مطلع عام 2013، قال وزير المالية المصري، ممتاز السعيد، إن إجمالي المساعدات التي قدمتها قطر لدعم الاقتصاد بلغ خمسة مليارات دولار منها مليار دولار منحة و1.5 مليار وديعة و2.5 مليار لشراء سندات، مضيفا أن البنك المركزي تلقى بالفعل كل المساعدات القطرية.

وفي شهر مايو من نفس العام، أقرضت قطر مصر ثلاثة مليارات دولار أخرى، وأعلنت عن استعدادها لتقديم مساعدات أخرى بقيمة ثلاثة مليار دولار.

وتدهورت علاقة مصر مع قطر بعد عزل محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي عقب احتجاجات شعبية واسعة ضده. وينظر إلى قطر باعتبارها داعما قويا لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي.

وفي شهر سبتمبر الماضي، قال هشام رامز، محافظ البنك المركزي، إن مصر ردت ملياري دولار إلى قطر كانت أودعتها في البنك المركزي وذلك بعد فشل مفاوضات لتحويل المبلغ إلى سندات مدتها ثلاث سنوات.

لكنه قال إن قرار رد الوديعة لم تكن له دوافع سياسية وإنما كان قرارا فنيا أخذه البنك المركزي.

وفي شهر نوفمبر، قال مصدر مسؤول في البنك المركزي، إن مصر ردت وديعة قطرية قيمتها 500 مليون دولار في الأول من نوفمبر، وسترد 500 مليون دولار أخرى في بداية الشهر المقبل بعد رفض قطر تمديد أجل الوديعة.

وقالت وكالة أنباء رويترز، إن قطر انفقت نحو أربعة في المئة من ناتجها الإجمالي لدعم مصر قبل سقوط مرسي.

وأعربت قطر الشهر الماضي عن قلقها إزاء سقوط عدد كبير من القتلى إثر ما وصفته بـ "قمع المظاهرات" في كل أنحاء مصر، ما دفع الخارحية المصرية لاستدعاء السفير القطري في القاهرة وإبلاغه رفض مصر القاطع لهذه التصريحات ورفضها التدخل في شئونها الداخلية.

وأعلنت ليبيا في شهر مارس 2013 عن عزمها تقديم مساعدات لمصر بقيمة ملياري دولار في صورة وديعة في البنك المركزي لدعم الاقتصاد المصري، وتسلمتها مصر في مطلع شهر أبريل من نفس العام.

المساعدات الأمريكية والأوروبية عقب 25 يناير

في عام 2012، تعهد الاتحاد الأوروبي بمنح مصر مساعدات تبلغ قيمتها خمسة مليارات يورو (6.7 مليار دولار) في صورة منح وقروض تتوقف إلى حد بعيد على الإصلاحات الاقتصادية والديمقراطية، ومواصلة الحوار السياسي.

لكن في شهر أغسطس الماضي، عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعا عاجلا لمناقشة تخفيض المساعدات المالية أو العسكرية لمصر بعد تصاعد أعمال العنف بها.

وينظر إلى الاتحاد الأوروبي في مصر باعتباره طرفا أكثر حيادا من الولايات المتحدة التي تقدم مساعدات للجيش المصري. وبرز الاتحاد كوسيط رئيسي في مصر منذ عزل الجيش مرسي في الثالث من يوليو.

ولم تصل سوى نسبة هامشية من هذه الأموال وحجب الكثير منها بعد فشل مصر في تحقيق الإصلاح الديمقراطي، حسبما رأى الاتحاد الأوروبي.

وفي شهر أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن ستحجب تسليم دبابات وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وصواريخ وأيضا مساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار إلى الحكومة المصرية انتظارا للتقدم بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وقُوبل القرار بانتقادات واسعة من الجانب المصري وبعض المشرعين والسياسيين بالولايات المتحدة، ورأوا أن القرار يعكس تذبذب إدارة أوباما في الوصول لقرار فيما يتعلق بعزل مرسي في 3 يوليو الماضي، وتحديد ما حدث باعتباره انقلابا عسكريا أو ثورة أطاحت بالرئيس.

ويلزم القانون الأمريكي الإدارة بوقف المساعدات إلى الدول التي يعتقد أن انقلابا عسكريا وقع بها.

وفي حرص منها على استمرار العلاقات مع مصر التي تعتبرها دولة استراتيجية، قام وزير الخارجية الأمريكي بزيارة للقاهرة في شهر نوفمبر الماضي، أكد خلالها على أن الإدارة الأمريكية سعيدة بتقدم مصر نحو استعادة الديمقراطية، وأن حجب جزء من المعونات العسكرية لا يقصد به فرض "عقاب".

وفي أواخر شهر نوفمبر الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، إن جماعة الإخوان المسلمين في مصر سرقت ثورة 2011 التي أسقطت مبارك، في تصريح هو أعنف هجوم على نظام جماعة الإخوان المسلمين من قبل الإدارة الأمريكية.

واتهم سياسيون مصريون الولايات المتحدة بدعم الرئيس المعزول محمد مرسي في مواجهة التظاهرات الحاشدة التي قامت ضده في 30 يونيو الماضي وعزله الجيش على إثرها.

وعلى الرغم من إبدائهما القلق من الإطاحة بمرسي ومطالبتهما بعودة سريعة إلى الديمقراطية، إلا أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يصلا إلى حد وصف ما حدث في مصر بأنه "انقلاب".

وكان مسؤول بالخارجية الأمريكية أعلن في وقت سابق من عام 2012 أن إدارة الرئيس باراك أوباما تأمل أن تقدم للكونجرس خطة بقيمة مليار دولار لتخفيف ديون مصر لمساعدتها في استعادة الاستقرار الاقتصادي وتنمية القطاع الخاص.

ووقعت مصر اتفاقاً مع الولايات المتحدة مطلع مارس الماضي تحصل بموجبه على مساعدات بقيمة 190 مليون دولار، وهي قيمة الشريحة الأولي من إجمالي مساعدات أمريكية لمصر بقيمة 450 مليون دولار، وذلك على أن يتم توقيع اتفاقية أخرى للشريحة الثانية بقيمة 260 مليون دولار في وقت لاحق.

المساعدات الخليجية عقب 30 يونيو وعزل مرسي

بعد أقل من أسبوع من الإطاحة بالرئيس المعزول، أعلنت دول خليجية هي السعودية والإمارات والكويت- والتي اعتبرت وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم في مصر سابقة خطيرة- دعمها لمصر وللظروف التي تمر بها، وتعهدت بتقديم مساعدات لمصر تبلغ قيمتها 12 مليار دولار.

وقال وائل زيادة إنه عقب عزل الجيش لمحمد مرسي انقلبت الآية وبدأت الدول التي كان لها تحفظ على صعود الإخوان المسلمين للحكم في مصر في تقديم المساعدات لها.

وتابع أن المساعدات الخليجية لمصر عقب عزل مرسي جاءت لعدة أسباب، منها رفض هذه الدول لسياسات جماعة الإخوان ووصول تيار الإسلام للحكم، وإحسساهم بأن الاستقرار السياسي في مصر – الذي هم بحاجة إليه- لن يأتي في ل ظروف اقتصادية صعبة. فهم يهتمون بعدم فشل النظام السياسي الحالي، بالإضافة إلى إصرارهم على عدم حدوث فجوة في السلطة أو ارتداد يؤدي لعودة جماعة الإخوان.

وقدمت السعودية 5 مليارات دولار، والإمارات 3 مليارات دولار والكويت 4 مليارات دولار لمصر في صورة قروض ومنح وشحنات وقود، تسلمت منها مصر بالفعل 7 مليارات .

وقال وزير المالية في شهر سبتمبر الماضي، إن المساعدات الخليجية منحت مصر "فرصة لالتقاط الأنفاس" وإن مصر تستخدم الدعم الذي حصلت عليه من السعودية ودولة الإمارات والكويت بشكل أساسي في تحفيز الاقتصاد الاستثماري وليس الاستهلاكي.

ويعاني الاقتصاد المصري من التباطؤ مع تراجع السياحة وهروب المستثمرين الأجانب بسبب الاضطرابات والانفلات الأمني المتواصلين منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك مطلع 2011.

وفي أكتوبر الماضي، قالت وكالة الأنباء الرسمية للإمارات العربية المتحدة إن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وحازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء المصري وقعا اتفاقا بزيادة المساعدات المقدمة لمصر من 3 إلى 4.9 مليار دولار.

وقالت وكالة أنباء رويترز، في تحليل نشر في شهر أغسطس الماضي، إن مساعدات الدول الخليجية تأتي في ظل شعور حكام الخليج بالقلق من حركات إسلامية لها شعبية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي كانت أكبر المستفيدين من سقوط دكتاتوريات عام 2011 والتي يعتبرونها تهديدا لأنظمة حكمهم .

وقال زيادة، إن المساعدات منذ ثورة 25 يناير ساعدت بشكل ما في تحسين الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أنه في أعقاب الثورة أصبح الميزان التجاري لمصر بالسالب ولم يعد هناك مصدر دخل للنقد الأجنبي بسبب تعثر السياحة.

وأضاف أن النقد الأجنبي انخفض بمقدار 45 مليار دولار، ولكن ما استلمته مصر من المساعدات التي وعدت بها ساعد نوعا ما في زيادة النقد الأجنبي بمقدار 25 مليار دولار.

وشدد الدكتور مختار شريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، على أنه "لولا تلك المساعدات لواجهت مصر أزمة اقتصادية طاحنة خاصة بعد 30 يونيو". مؤكدا في حديثه لأصوات مصرية أن المساعدات تم توظيفها مرحليا إلى أن ينتعش الاقتصاد المصري.

وأوضح أن المساعدات – والتي كان أغلبها في صورة قروض- دخلت إلى الاحتياطي النقدي في البنك المركزي لرفع احتياطي النقد الأجنبي، "حيث أنه لم يكن لدينا موارد مالية كافية من النقد الأجنبي".

وأضاف "الميزان التجاري كان به عجز لأننا لم نكن نصدر، كما أن السياحة وهي أهم مصدر للدخل لم تكن تعمل كما يفترض لها أن تسير". وقال إنه لو كانت السياحة تعمل لأدخلت لمصر 13 مليار دولار سنويا وهو آخر رقم لعام 2011 قبل الثورة.

تعليقات الفيسبوك