"كرامة" و"تكافل" طوق إنقاذ لفقراء العياط .. لولا الدروس الخصوصية (2-2)

الإثنين 28-12-2015 PM 02:38

فقراء مصر - صورة من رويترز

كتب

أرزاق: بقينا بنطبخ يومين في الأسبوع

مها: بنعد الأيام علشان نقبض ونسد اللي علينا

رضا: بنحلم بيوم ما نحتاجش فيه لحد

كتبت: ياسمين سليم

قليل من الأمل دفع أرزاق أحمد عويس، للذهاب إلى مقر الوحدة الاجتماعية في برنشط مركز العياط بمحافظة الجيزة، لتقديم أوراقها للحصول على معاش الدعم النقدي "تكافل"، المعني بالأسر الفقيرة.

"جوزي قاللي متضيعيش وقتك لكن أنا قولت أعمل اللي عليا وأقدم الورق وخلاص"، هكذا كانت تفكر أرزاق، وبعد ثلاثة أشهر فقط من التقديم، كانت بطاقة الصرف الإلكتروني (ATM) بين يدي أرزاق ليمكنها صرف معاش تكافل.

في يناير الماضي فتحت وزارة التضامن الاجتماعي الباب للراغبين في التسجيل للحصول على معاشي كرامة وتكافل في محافظتي أسيوط وسوهاج كخطوة أولى لتطبيق نظام الدعم النقدي المشروط وغير المشروط.

وفي مارس الماضي صرفت الوزارة أول دفعة من تلك المعاشات لعينة تضم نحو 1000 مستحق، ثم صرفت لمستحقين إضافيين في هاتين المحافظتين في أول يونيو الماضي بأثر رجعي عن ثلاثة أشهر ماضية.

في منتصف سبتمبر الماضي حصلت أرزاق وأسرتها على مبلغ 1650 جنيها بعدما تقدمت للحصول على المعاش في يونيو الماضي مع بدء التسجيل في محافظة الجيزة، "استلمنا البطاقة الخاصة بنا وكانت لحظة حصولي على المبلغ سعيدة جدا"، تقول أرزاق.

ويقدم برنامج تكافل دعما نقديا للأسرة التي تعاني من الفقر الشديد وتحتاج إلى دعم نقدي وخدمي، على أن يكون لديها أطفال في الفئة العمرية (0-18 سنة)، بمبلغ 325 جنيها في الشهر، بالإضافة إلى 60 جنيها لطفل المرحلة الابتدائية، و80 جنيها لطالب المرحلة الإعدادية و100 جنيه للمرحلة الثانوية ويصرف بشكل تراكمى كل 3 أشهر عن طريق الأم، شرط استمرار الأبناء فى المدرسة.

حصلت أسرة أرزاق على معاش تكافل مع بداية العام الدراسي وعيد الأضحى، وتقول "الحقيقة الفلوس جت في وقتها.. اشترينا لبس المدرسة ولحمة العيد وفرحنا العيال".

يعمل زوج أرزاق في ورشة لصناعة الطوب بقريتهم بدسا التابعة للعياط، "جوزي يوم شغال وعشرة لأ ومفيش دخل ثابت لنا علشان كده فكرت مع أول معاش نعمل مشروع صغير يجيب دخل".

اشترت أرزاق "ديب فريزر" بقسط شهري "دفعت مقدم والباقي بالتقسيط وكان باقي معايا 500 جنيه اشتريت بيهم لحمة وسمك مجمدين من تاجر جملة وبدأت أبيعهم للجيران"، بحسب قولها.

تصف أرزاق الربح الذي تجنيه من مشروعها الصغير بأنه قليل جدا "يعني ممكن أكسب جنيه أو اتنين في كيلو السمك أو اللحمة، لكن المشروع ده بقى يضمن لي ان فيه وجبة سمك أو فراخ في نص الأسبوع هعملها للعيال من الفلوس اللي بتجيلي.. قبل كده كنا بنطبخ يوم الخميس بس".

تشرح أرزاق كيف غير معاش تكافل من حياتها، وتقول "بقينا مسنودين إن فيه دخل ثابت هيجي لنا.. كان بيجي عليا أيام ببعت ولادي للمدرسة من غير فلوس أو أكل لكن دلوقتي ضامنة أن فيه عيش الصبح وأي غموس وبيفطروا قبل لما يمشوا".

رغم فقر أسرة أرزاق إلا أن هذا لم يمنعها من إرسال أبنائها للمدارس "احنا مهتمين نعلم ولادنا، كنت بزعل قوي لما ابعت ابني الكبير اللي في تانية اعدادي يشتغل في الإجازة في مصنع الطوب، بس غصب عني".

وجهت أرزاق جزءا من المعاش إلى تقوية مستوى أولادها في التعليم "ابني الكبير كان بيأخد 3 دروس دلوقتي بقى ياخد 5 دروس.. وده مش كويس بس نعمل إيه المدارس مفيهاش تعليم".

خلال الشهر الجاري ستحصل أرزاق على معاشها الثاني ومنذ فترة بدأت التخطيط لكيفية إنفاقه، وتقول "جوزي من يومين جه فرحان وبيقوللي هنقبض قريب وهنركب كهرباء لباقي البيت لأن مفيش غير أوضة واحدة بس اللي فيها كهرباء".

تسكن أرزاق في بيت متواضع من الطوب الأحمر مكون من غرفتين وصالة صغيرة وحمام، وتقول "عندنا أوضة واحدة بس اللي لها سقف خشب وبقية البيت من جريد النخل، عملنا جمعية علشان نعمل سقف أسمنت وكانت النتيجة أننا بندفع 400 جنيه شهريا قسط لمدة 5 سنين".

وتضيف "صحيح مفيش كهرباء في البيت غير في أوضة واحدة بس.. بس الحمد لله أحسن من مفيش".

متى يأتي المعاش؟

لدى أرزاق منزل واسع نسبيا وتدخل له الشمس من كل جوانبه، لكن الحال يختلف عند مها عبد المحي، التي تعيش مع أسرتها المكونة من زوجها و4 أبناء في غرفة صغيرة وحمام في منزل أم زوجها.

تحكي مها كيف استقبلت نبأ استلامها أول معاش في برنامج تكافل وتقول "مصدقتش غير لما استلمت 1050 جنيها في إيديا".

تصف مها حالها بعد استلام المعاش بقولها "الموضوع فرق جامد.. بقى عندي دخل ثابت أنا وأسرتي.. وبقى بإمكانا ندفع فلوس الدروس والأكل والشرب".

وبحسب وزارة التضامن الاجتماعي، فإن عدد المستحقين حاليا لمعاشي كرامة وتكافل في سوهاج هو 31 ألفا و244 أسرة، وفي أسيوط 47 ألف و763 أسرة، وفي الأقصر 13 ألف و340 أسرة، والجيزة 31 ألف و291 أسرة.

لدى مها أربعة أطفال جميعهم في المدرسة، ويعمل زوجها في ورشة صناعة الطوب الأحمر في قريتهم بدسا التابعة للعياط، وتقول مها "أهل البلد كلهم بيشتغلوا في مصنع الطوب وأحيانا جوزي بيفضل 3 أشهر ما بيشتغلش".

تحصل مها على مواد تموينية شهريا تبلغ 2 كيلو سكر وكيلو أرز وزجاجتين من الزيت وهي مواد لا تكفي أسرتها الكبيرة وتقول "أحيانا ألجأ إلى أمي لأحصل منها على أي شيء لطبخه".

وتضيف "ممكن أمشي حالي في اليوم بـ 10 جنيه لو فيه فلوس وممكن ما يكونش فيه فلوس".

تصطدم مها دائما بالأسعار وتقول "كل لما أفكر هعمل إيه بالمعاش الثاني بافتكر إن الأسعار غليت قوي وتحديدا أسعار الأكل والشرب".

وتشكي مها أن المعاش لا يأتي إلا بأثر رجعي كل ثلاثة شهور فقط وتقول "الواحد بقى يستنى الأيام تعدي علشان نقبض تاني واسد الفلوس اللي علينا للبقال والخضري وأجيب مصاريف الأولاد".

وتبلغ الموازنة المرصودة لبرنامجي كرامة وتكافل بداية من شهر أكتوبر وحتى ديسمبر ٢٠١٥ نحو ٣٤١ مليون جنيه، ستزيد بداية من شهر يناير وحتى مارس ٢٠١٦ لنحو ٦٨٣ مليون جنيه.

وخصصت الحكومة بندا مستقلا في البيان المالي لمشروع موازنتها للعام المالي الحالي 2015-2016 بقيمة 4.7 مليار جنيه للبرنامجين.

كرامة وتكافل في أسرة واحدة

لم تكن رضا عبد الحميد تتوقع وهي ذاهبة لتقديم أوراقها للحصول على الدعم النقدي أنها ستحصل على معاشين وليس معاشا واحدا فقط.

تقول رضا "زوجي راجل كبير عنده 65 سنة ومعندناش دخل ثابت ولا أرض وعندنا ولاد في الجامعة والمدرسة، وبعد لما قدمت فوجئت أننا أخدنا معاشين لأننا نستحق".

ويتيح برنامج الدعم النقدي المشروط وغير المشروط، الحصول على المعاشين داخل الأسرة الواحدة، حيث يحق للأسرة معاش واحد لتكافل ومعاشين لكرامة، بحسب ما أعلنته وزارة التضامن سابقا.

ويمنح كرامة معاشا لكبار السن فوق 65 عاما والمعاقين، الذين ليس لديهم دخل ثابت، ويبلغ 350 جنيهاً ويصرف شهريا.

ويقول موسى عبده، زوج رضا، "كنت أعمل في فرن بالقاهرة وبعدما كبرت في السن رجعت لقريتي بالعياط، بدون أي دخل ثابت والمعاش فرق كتير معانا".

تحصل أسرة موسى ورضا على 350 جنيها قيمة معاش كرامة شهريا نظرا لأن موسى تخطى 65 سنة و1005 جنيهات قيمة معاش تكافل كل 3 أشهر، وتقول رضا "كان علينا ديون كتير سددناها والفلوس ساعدت في مصاريف العيال".

تعيش أسرة موسى ورضا في بعض الأحيان على التبرعات، ويقول موسى "مكنش عندنا بطانية بس واحد ابن حلال اتبرع لنا بواحدة وغيره جاب لنا تلفزيون وآدينا عايشين".

عقب توقف موسى عن العمل خرجت زوجته للعمل وتقول "كنت بشتغل في المزارع بس جالي السكر ومبقتش قادرة أشتغل والولاد بيروحوا يشتغلوا في مصنع الطوب في الإجازات لكن مش طول السنة".

تلجأ رضا إلى الاقتراض لتسيير أمورها المادية في حال عدم وجود أموال معها وتقول "بنحاول نمشي حالنا بالسلف لكن ده مش نافع خصوصا ان مصاريف الأولاد كتير وكمان علاجي أنا وجوزي أكتر".

وتستهدف وزارة التضامن الاجتماعي منح نحو ٨٢٥ ألف أسرة من الأسر الفقيرة معاشي كرامة وتكافل بنهاية العام المالي ٢٠١٥/ ٢٠١٦.

تأمل رضا أن تساعدها المبالغ التي تحصل عليها من البرنامجين في أن تتخطى مرحلة الفقر ولو بنسبة قليلة "بنحلم بيوم ما نحتاجش فيه لحد".

تعليقات الفيسبوك