في انتخابات البرلمان.. دعاية المرشحين تتحدى سقف القانون

الأحد 11-10-2015 PM 11:22
في انتخابات البرلمان.. دعاية المرشحين تتحدى سقف القانون

الدعاية الانتخابية - تصوير محمد عبد الغني-رويترز

أستاذ إعلان يطالب بإنشاء لجان متخصصة في الدعاية لمراقبة تكلفة الحملات الانتخابية

شركة دعاية: إنفاق المرشح على الدعاية يصل إلى 1.8 مليون جنيه في الموسم

مدير سابق للبنك الأهلي: الحسابات البنكية للمرشحين الأكثر انضباطاً.. والتلاعب من "جيب" المرشح


مع بدء السباق البرلماني واقتراب موعد الاقتراع، تشتد المنافسة الدعائية لكل مرشح (قائمة – فردي)، لينتهي الأمر بخرق بعض المرشحين لشروط اللجنة العليا للانتخابات، وتخطي الرقابة فيما يخص التكلفة المالية للدعاية.

 وحددت اللجنة العليا للانتخابات مبالغ مالية للدعاية الانتخابية 7.5 مليون جنيه للقائمة الانتخابية التي تضم 45 مرشحاً، و2.5 مليون جنيه للقائمة التي تضم 15 فرداً، و500 ألف جنيه لمرشحي الفردي، مع فتح حساب بنكي لكل مرشح، بالبنوك الحكومية، لمتابعة ما تم إنفاقه.

 وشكلت اللجنة العليا بالقرار رقم 74 لسنة 2015 لجانا شرعية بالمحافظات والدوائر الانتخابية بلغ عددها 252 لجنة، يرأسها رئيس المحكمة الابتدائية؛ لمراقبة ضوابط الدعاية والتمويل والإنفاق على الدعاية الانتخابية.

وقال الخبراء إن اللجان المشكَّلة لرصد خرق تكلفة الدعاية الانتخابية، لم ترصد حتى الآن أي حالة، مؤكدين اختراق عدد من المرشحين الفرديين والأحزاب للحاجز المخصص لهم في التكلفة الدعائية.

وأرجعوا اختراق المرشحين تكلفة الدعاية إلى عدد من الأسباب بينها، ارتفاع تكلفة الوسائل المستخدمة في الدعاية، والتي ارتبطت بارتفاع تكلفة الخامات المصنوعة منها، علاوة على اتساع الدوائر الانتخابية، ما يتطلب تغطية أكبر للدعاية، والمتمثلة في إقامة لقاءات مع الناخبين وتعليق لافتات وتوزيع "بوسترات" ورقية.

ولم يستثن الخبراء، الأجهزة المحلية "اللجان الرقابية بكل دائرة" المنوط بها الرقابة من الاتهام بالتقصير وضعف الرقابة على التكلفة الحقيقية للدعاية الانتخابية.

ضعف الرقابة

"لم ترصد اللجان الفرعية أي مخالفة بشأن تخطي المرشحين تكلفة الدعاية، على الرغم من انتشارها بالمحافظات والقاهرة".. هكذا قال الدكتور عادل عامر خبير القانون، ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية.

وأضاف أن الجهة المنوط بها الرقابة على تكلفة الدعاية الانتخابية هي اللجان الشرعية بالمحافظات والدوائر التي شكلتها اللجنة العليا للانتخابات وعددها 252 لجنة.

ولفت إلى أنه على الرغم من وجود بند استعانة اللجان بالمتخصصين في عملها لكشف تجاوز تكلفة الدعاية للمرشحين، إلا أنها لم تعلن حتى الآن عن أي حالة تخطت حجم الإنفاق على الدعاية الانتخابية، على الرغم من وجود ذلك، وهو ما ينم عن ضعف اللجان بالدوائر والمحافظات، أو عدم اللجوء لمتخصصين.

خالد العوام المتحدث الرسمي لحزب الحركة الوطنية، يقول إن العديد من المرشحين للانتخابات اخترقوا حد الإنفاق المخصص للدعاية الانتخابية للقوائم والأفراد.

وأضاف أن المرشحين بدأوا حملاتهم مبكراً حتى قبل الإعلان الرسمي عن موعد الانتخابات، الأمر الذي زاد من زمن الدعاية وحجم التكلفة النهائية للتعريف بالمرشحين.

وناشد العوام المرشحين سواء قوائم أو أفراد بالالتزام بمبادئ وقوانين اللجنة العليا للانتخابات، والتي خصصتها لضمان تكافؤ الفرص بين المتنافسين، خاصة فيما يتعلق ببند الدعاية الانتخابية.

وطالب اللجنة العليا للانتخابات بتشديد الرقابة على أماكن تواجد الدعاية الانتخابية للمرشحين، خاصة في المناطق الشعبية التي تضم العديد من الانتهاكات الدعائية تتمثل في الدعاية عن طريق توزيع رشاوي عينية أو مادية، ولافتات تخطت تكلفتها الحد المسموح به، وطالب أيضا بشطب كل مرشح يخترق الشروط المحددة سواء في الدعاية أو غيرها.

الحساب البنكي

الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قال إنه اقترح في الانتخابات الماضية - وأثناء عدة اجتماعات تحضيرية لوضع معايير رقابة على تكلفة الدعاية للمرشحين، باللجنة العليا للانتخابات - اشتراط وجود حساب بنكي لكل مرشح أثناء تقديم أوراق ترشحه، لاستقبال التبرعات من خلاله، والإنفاق على الدعاية الانتخابية منه، على أن يكون الحساب بأحد البنوك الحكومية، لضمان جدية التعامل مع العليا للانتخابات، وتسهيل مهمتها للرقابة على تكلفة الدعاية لكل مرشح.

ووافقت اللجنة العليا للانتخابات على هذا الاقتراح وتم تطبيقه، لكن العالم شكك في عملية التزام المرشحين الحاليين (قوائم - فردي) بالإنفاق على الدعاية الانتخابية من خلال الحساب البنكي فقط، معللا ذلك بأن سباق الدعاية الانتخابية بدأ مبكراً بالمخالفة لشروط اللجنة العليا.

 وحددت اللجنة العليا للانتخابات شروط تلقى المترشح للتبرعات من الغير للإنفاق على الدعاية الانتخابية، بأن يكون التمويل من أموال المرشح الخاصة، وأن يتلقى المرشح تبرعات نقدية أو عينية من أي شخص طبيعي مصري أو من الأحزاب المصرية، بشرط ألا يجاوز التبرع 5% من الحد الأقصى المصرح به للإنفاق على الدعاية الانتخابية وهو 500 ألف جنيه، وفي حالة الإعادة يكون حد الإنفاق 200 ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى لما ينفقه المترشحون على القائمة ذات الـ 15 مقعداً مليونين وخمسمائة ألف جنيه، وفى حالة الإعادة مليون جنيه، ويزاد الحدان المشار إليهما إلى ثلاثة أمثال للقائمة المخصص لها 45 مقعداً، ويشترط على المرشح الفردي أو في القائمة فتح حساب في أحد فروع البنك الأهلي أو بنك مصر أو أحد مكاتب البريد يودع فيه ما يخصصه من أموال وتبرعات بقصد الدعاية.

ويُحظر تلقي التبرعات للإنفاق على الدعاية الانتخابية لمترشح، أو للتأثير في اتجاهات الرأي العام لتوجيهه لإبداء الرأي على نحو معين، وذلك من أي شخص اعتباري، أو دولة أو جهة أجنبية، أو منظمة دولية، أو كيان يساهم في رأسماله شخص مصري أو أجنبي طبيعي أو اعتباري.

وطرح العالم حلا للسيطرة على خرق المرشحين لضوابط الدعاية الانتخابية يتلخص في تشكل لجنة من المتخصصين في الدعاية وأساتذة الإعلان بكل محافظات مصر، تعمل تحت إشراف اللجان التي شكلتها العليا للانتخابات بالمحافظات، يكون دورها تقييم دعاية المرشحين بالوسائل المختلفة لمعرفة هل تعدت الحد المسموح به أم لا.

تلاعب المرشحين

ونفي أحمد رشدي المدير السابق للبنك الأهلي تلاعب المرشحين في الحسابات البنكية المخصصة للدعاية الانتخابية، خاصة وأن البنوك التي تم فتح الحسابات بها هي بنوك حكومية، وتعلم جيدا أن تلك الحسابات سوف تخضع للتدقيق من قبل اللجنة العليا للانتخابات، لمراقبة تكلفة الدعاية.

وأشار إلى أن كشف الحساب النهائي لكل مرشح تظهر فيه المبالغ الصادرة والواردة، وأسماء من أودعها (شخص، جماعة، دولة، حزب).

وأوضح رشدي أن التلاعب وتخطي الإنفاق المحدد للدعاية لكل مترشح، يكون من المترشح نفسه وليس من خلال حسابه بالبنك، بمعنى أنه من الممكن أن ينفق المترشح مبلغا معينا على الدعاية الخاصة به، بخلاف المبلغ المخصص له في الحساب البنكي.

وسائل الدعاية والتكلفة

يقول أحمد عادل مدير الإعلانات بشركة تاون تاون، مراقب إنتاج بقسم الإعلانات الخارجية سابقاً بشركة أد فنشر إحدى شركات طارق نور، إن المبلغ الكافي لكل مرشح للإعلان عن نفسه وبرنامجه الانتخابي حسب سوق العمل والمنافسة بين المرشحين يصل إلى 1.8 مليون جنيه.

"500 ألف جنيه ما ينفعوش دعاية لمرشح خاصة إذا كان مش مشهور".. هكذا أكمل عادل حديثه، مؤكداً ارتفاع أسعار الخامات التي تستخدم في صناعة بنرات (لافتات)، علاوة على احتدام المنافسة بين المرشحين كلما اقترب موعد الاقتراع.

وأوضح عادل أن تكلفة حجز لافتة واحدة بطريق عام بمحافظة المنوفية تصل إلى 50 ألف جنيه، في حين تصل إلى 150 ألف جنيه شهريا أعلى كوبري أكتوبر.

وأشار أن طباعة 10 آلاف ملصق (استيكر) يتكلف أكثر من 15 ألف جنيه، أما إعلانات التليفزيون والراديو فيتم حسابها بالثانية، وحسب كل فضائية، ناهيك عن إعلانات الصحف التي تختلف أسعارها من جريدة إلى أخرى.

وقال عمرو خضر، رئيس شعبة الورق بغرفة القاهرة التجارية، إن المبلغ الذي حددته اللجنة العليا للانتخابات للإنفاق على الدعاية غير كاف لتحقيق حملة ناجحة.

 وأرجع خضر عدم كفاية المبلغ المخصص لكل مرشح إلى الإسراف في طبع الدعاية الورقية والتوزيع، مع ارتفاع أسعار طن الورق المستخدم للدعاية خلال الشهرين الماضيين، لتصل إلى 8 آلاف جنيه لطن الورق المستورد بدلا من 7200 جنيه، و6500 جنيه لطن الورق المحلي بدلا من 6300 جنيه.

 واشترطت اللجنة العليا أن يكون لكل مرشح الحق في استخدام وسائل الإعلام المملوكة للدولة في حدود المتاح فعليا، بما يحقق تكافؤ الفرص بين المرشحين، بحيث يوزع الوقت المتاح للمرشحين في النظام الفردي والقوائم خلال فترات الإرسال المتميزة والعادية على أساس المساواة التامة.

 وشددت اللجنة العليا للانتخابات على أنه يمكن شطب المرشح من الانتخابات، في حالة ما إذا ثبت للجنة ارتكابه مخالفة للضوابط الواردة في الدستور والقانون، أو قرارات اللجنة العليا بشأن الدعاية الانتخابية.

وطالب الدكتور عبد المنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، برفع الحد الأدنى لإنفاق المرشح إلى مليون جنيه، نظرا لاتساع الدوائر الانتخابية، وما يتطلبه من دعاية.

وأشار إلى أن مركزه يعكف الآن على تحديث دراسة تكاليف الدعاية الانتخابية في الانتخابات الماضية، من خلال إجراء دراسة ميدانية لتحديد حجم الإنفاق على الدعاية هذا العام، حيث توصلت الدراسة إلى إنفاق المرشحين في الانتخابات الماضية لـ 10 مليارات جنيه على الدعاية.

تعليقات الفيسبوك