أحدث الأخبار
بعد حوالي 16 عاماً من التوقف، تستأنف مصر والولايات المتحدة الأحد المقبل في القاهرة الحوار الاستراتيجي بين البلدين. ويتوقع محللون بحث قضايا اقتصادية وسياسية وطرح ملفات محاربة الارهاب وآليات المصالحة السياسية والحريات في مصر على مائدة الحوار مع اقتراب الانتخابات البرلمانية لكنهم استبعدوا ممارسة ضغوط من جانب واشنطن مع سعيها لطي صفحة التوتر في علاقات البلدين في السنوات القليلة الماضية.
ويرأس الوفد المصري وزير الخارجية سامح شكري في حين يرأس نظيره الأمريكي جون كيري وفد بلاده في الجلسة القادمة للحوار الذي عقد للمرة الأولى في واشنطن في يوليو 1998.
كانت العلاقات بين البلدين شهدت توترا مع تداعيات عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013، ما دفع واشنطن لتعليق جزء من المساعدات العسكرية للقاهرة في أكتوبر 2013.
وفي اواخر مارس الماضي، أنهى الرئيس باراك أوباما تعليق إمدادات الأسلحة إلى مصر ووافق على تسليمها أسلحة أمريكية تتجاوز قيمتها 1.3 مليار دولار.
ويتوقع محللون أن يكون ملف الإرهاب على رأس جدول أعمال الحوار، وكذلك الموقف من جماعة الإخوان المسلمين خاصة في ظل اختلاف رؤية البلدين للجماعة التي ينتمي لها مرسي وامكانية إعادة دمجها في الحياة السياسية المصرية.
وكانت مصر اعتبرت الاخوان المسلمين جماعة ارهابية في ديسمبر 2013 لكن الولايات المتحدة لم تدرج الجماعة ضمن القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية المصرية لأصوات مصرية طالبا عدم نشر اسمه، إن الحوار سيناقش العلاقات بين مصر والولايات المتحدة على المستوى السياسي والاقتصادي. وأشار إلى ان مصر ستؤكد أن الإرهاب خطر متفش يجب محاربته على جميع الأصعدة "دون الاكتفاء بتنظيم واحد فقط".
وقال المسؤول إن ملف المساعدات الأمريكية لمصر سيكون له حيز كبير في جلسات الحوار، حيث ستطلب مصر من واشنطن عدم الاعتماد على التقارير الخاصة بالمنظمات الأجنبية ومراكز الأبحاث المختلفة التي "تتبنى وجهات نظر بعينها دون أن تستمع للطرف المصري وتثير انتقادات دائمة، مما يجعل الصورة غير مكتملة لدى الجانب الأمريكي في إدارة هذا الملف".
ويصل حجم المساعدات الأمريكية لمصر إلى حوالي 1.5 مليار دولار سنويا مما يجعلها ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية في العالم بعد اسرائيل.
وسيتطرق الحوار أيضاً للقضايا الإقليمية خاصة الأوضاع في كل من ليبيا وسوريا واليمن، واستئناف مفاوضات السلام بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي.
وعقدت آخر جلسات الحوار الاستراتيجي بين البلدين في اشنطن في فبراير1999.
التخلص من تركة بوش
وبحسب مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير السيد أمين شلبي، فقد انتكست فكرة الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن مع وصول جورج بوش الابن إلى الحكم في أمريكا عام 2001، حيث قررت الإدارة الأمريكية اعتبار الشؤون الداخلية لأي دولة "شأنا أمريكيا" طالما أنه يؤثر على الأمن القومي الأمريكي من وجهة نظر إدارة بوش. وتوترت العلاقات بعض الشيء مع مصر ثم أعقب ذلك أحداث حرب العراق عام 2003 ما لم يتح الفرصة لانعقاد الحوار مجددا حتى بعد تولي باراك أوباما منصب الرئاسة في الولايات المتحدة.
واعتبر شلبي أن استئناف جلسات الحوار في الوقت الراهن أمر ذو أهمية خاصة "لمعالجة أي توتر في العلاقات بعد ثورة 30 يونيو، حيث زادت المفاهيم غير الدقيقة والقراءة غير المكتملة للإدارة الأمريكية حول حقيقة ما يحدث في مصر".
وتوقع شلبي طرح بعض القضايا الخلافية في الحوار منها حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية في مصر.
وأضاف لأصوات مصرية أن هناك خلافا أيضا يتعلق بمحاربة الإرهاب حيث ترى مصر أنها لا يجب أن تقتصر على فئة معينة بل أن تشمل "كل الجماعات المتطرفة".
ومنذ عزل مرسي في 2013 تشن السلطات في مصر حملة امنية مشددة على مؤيدي جماعة الاخوان قتل خلالها المئات واعتقل الآلاف.
وقالت صيحفة "نيويورك تايمز" في مقال افتتاحي منتصف الشهر الجاري إن "المسؤولين في إدارة أوباما والمشرعين في الكونجرس أصبحوا جميعا على استعداد للتغاضي عن الانتهاكات في مصر لأنهم يرونها حليفا لا غنى عنه في منطقة الشرق الأوسط المضطربة".
تناقضات أمريكية
ووضعت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة د. نورهان الشيخ علامات استفهام على مدى جدية الحوار الاستراتيجي المرتقب وفرص نجاحه، في ضوء التناقضات الأمريكية تجاه مصر واستمرار عدم الوضوح في الرؤية الأمريكية بشان التعامل مع الإخوان ومكافحة الإرهاب في المنطقة.
وتوقعت الشيخ أن تطرح الولايات المتحدة مبادرة لإشراك جماعة الإخوان في الأطراف في الوضع السياسي المصري وهو ما سيكون موضع الخلاف بين القاهرة وواشنطن خلال الحوار الاستراتيجي.
وقالت لأصوات مصرية إن تمسك الحكومة المصرية برفض عودة الإخوان للسياسة مجددا سيكون سببا رئيسيا في عدم نجاح الحوار الاستراتيجي وتحقيق أهدافه. لكنها استدركت قائلة "إذا أبدت مصر بعض المرونة في التعامل مع هذا الملف مقابل امتيازات جديدة لها، سيكون الحوار الاستراتيجي ناجحا وحقق هدفه الرئيسي".
وعلى عكس الشيخ استبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة طرح أي مبادرات بشأن إعادة الإخوان للحياة السياسية مجددا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، معتبرا أن "مصر الآن في وضع لا يقبل أي إملاءات من الولايات المتحدة، فضلا عن أن الولايات المتحدة الآن ليست في وضع يسمح لها بذلك".
وأشار نافعة إلى مجموعة من القضايا الإقليمية التي رأي أن الحوار الاستراتيجي سيحاول التنسيق بشأنها مثل سوريا واليمن وليبيا والقضية الفلسطينية.
وقال أستاذ العلوم السياسية إن العلاقات المصرية الأمريكية لن تعود لمرحلة الثقة مثلما كانت في العقود الماضية بعد الحوار الاستراتيجي ولكن الأمر سوف يحتاج بعض الوقت لإزالة أي آثار سلبية. وأكد على أن مصر لن تقبل من الولايات المتحدة أي توصيات بشأن ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات التي ستكون بالتأكيد موضع خلاف مع الولايات المتحدة.
وتوقع أن ألا تثير واشنطن هذه القضايا لأنها تريد "لملمة أوراقها والعمل على إعادة الحليف القوي في المنطقة بعد أن وسعت مصر من علاقاتها الدولية".