لماذا يتحمل المصريون مشقة رحلة البحث عن رزق في ليبيا؟

الخميس 19-02-2015 AM 11:02
لماذا يتحمل المصريون مشقة رحلة البحث عن رزق في ليبيا؟

عزاء أقارب الضحايا المصريين بليبيا بقرية العور بالمنيا جنوب مصر، 16 فبراير 2015. تصوير: أسماء وجيه - رويترز

كتب

كتب: محمد جاد

مشهد مصرع 20 عاملا مصريا على يد متطرفين ليبيين مثل أحد التطورات الدامية في رحلة كفاح المصريين للبحث عن مصادر الرزق خارج البلاد، مما أثار التساؤلات حول شرائح المصريين التي كانت تعتمد على السوق الليبية لإيجاد فرص العمل قبل تصاعد الصراع السياسي في البلاد، والذين قد يحرمون من فرص كسب العيش بعد التصعيد الأخير.

أصوات مصرية تبحث في الأسباب التي تدفع فقراء الصعيد، على وجه الخصوص، إلى الذهاب لليبيا، وطبيعة المهن التي يعملون بها هناك، ومتوسط الأجور.

- لماذا كانت ليبيا مقصدا مهما للمصريين الباحثين عن العمل؟

لعب التقارب الجغرافي بين البلدين دورا رئيسيا في جذب قطاعات واسعة من العمالة المصرية إلى السوق الليبي، علاوة على التيسيرات التي منحتها حكومة البلاد في السابق لدخول العمال، بحسب دراسة للمنظمة الدولية للهجرة بعنوان "الهجرة المصرية إلى ليبيا".

ويُذكر أنه بعد خلع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي أصدر المجلس الانتقالي الليبي، في سبتمير 2011، قرارا بعدم السماح للجنسيات الأجنبية بالدخول إلى الأراضي الليبية إلا بعد الحصول على تأشيرة مسبقة أو بطاقة دعوة، وذلك بعد أن كان يذهب المصريون إلى هناك بالبطاقة الشخصية فقط.

ويقول إبراهيم عوض، أستاذ السياسات العامة ومدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إنه بغض النظر عن التحولات التي حدثت في الإجراءات الرسمية للعبور إلي ليبيا فإن نسبة كبيرة جدا من المهاجرين المصريين لليبيا تعبر بشكل غير قانوني .

وبحسب عوض، فإن المهن متدنية المهارة تمثل نسبة كبيرة من وظائف المصريين في ليبيا، والتي يصعب تقديرها في ظل انتشار العمالة غير المنظمة ونقص البيانات عن البلد الذي يعاني الحرب الاهلية.

- كم مصري يعمل في ليبيا؟

اختلفت التقديرات حول عدد المصريين العاملين هناك، حيث تذهب نسبة كبيرة منهم بطرق غير مشروعة، كما أن ليبيا لا تقوم بعمل تعداد لعدد العاملين الأجانب، وبالتالي لا يوجد تقدير رسمي بعددهم.

وبينما قدر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بدر عبد العاطي، عددهم الحالي بـ500 ألف شخص، فإن أبو بكر الجندي قال، منذ يومين، إنه يتوقع أن يكون العدد حاليا يتراوح ما بين 200 إلى 250 ألف مصري، مقابل مليون قبل ثورة يناير.

وقال الجندي إنه لا توجد "تقديرات رسمية بذلك"، مشيراً إلى أن الحكومة لديها حصر بعدد المصريين العائدين من ليبيا عبر المعابر فقط، لكن ليس لديها حصر بعدد المصريين العاملين هناك.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن التقديرات بأعداد المصريين في ليبيا قبل خلع القذافي، كانت تتراوح بين 330 ألف ومليون ونصف عامل، وأشارت إلى أن انتشار حالات الهجرة غير القانونية في البلاد تجعل تقدير أعداد المهاجرين هناك مسألة غير هينة.

- ما هي أكثر الشرائح المجتمعية التي كانت تهتم بالسفر إلى ليبيا؟

وفقا لاستطلاع للرأي أجرته المنظمة الدولية للهجرة في 2011 على مصريين عائدين من ليبيا، كانت النسبة الأكبر من المهاجرين من محافظات الدقهلية والفيوم والمنيا وأسيوط.

ويوضح هذا الاستطلاع طبيعة المهن متدنية المهارة التي تعمل بها نسبة كبيرة من المصريين هناك، والتي تأتي على رأسها وظائف قطاع الإنشاءات ثم الزراعة والصيد ثم الصناعة والتجارة.

وهذا يفسر لماذا كان ٢٧٪ من المصريين العاملين هناك أميين، و٤٩٪ حاصلين على تعليم فني، بينما ٩٪ فقط منهم جامعيين، بحسب الاستطلاع.
وكانت أكبر نسبة من عينة الاستطلاع (51%) تتقاضى شهريا أقل من ١٠٠٠ جنيه، بينما كان يحصل ١٥٪ منهم على ما يتراوح بين 1000 و2000 جنيه، في حين أن 13% فقط كانوا يحصلون على أكثر من 4000 جنيه.
ويقول عوض إن الكثير من العمالة المصرية تهاجر لليبيا ليس بسبب زيادة متوقعة في الأجر ولكن لعدم توفر فرص عمل محليا.

كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن، منذ يومين، وصول معدل البطالة إلى 12.9% العام الماضي، مشيراً إلى تراجع أعداد العاطلين بنحو 100 ألف شخص فقط.

- ماذا حدث للمصريين بعد خلع القذافي؟

تقول دراسة لمركز شاتام هاوس إن المصريين كانوا يهاجرون إلى ليبيا بمعدلات هائلة حتى قامت الثورة ضد القذافي.

وفي آخر 10 أيام من فبراير 2011 عبر 77 ألف مصري الحدود من ليبيا إلى مصر، وهو ما كان بداية لظاهرة عودة المصريين من هناك مع تفاقم الوضع الأمني.

وتقول منظمة العمل الدولية في تقرير لها عن بيئة العمل في ليبيا، صدر في 2014، إن الصراع الدائر في البلاد جعل توفير العمل اللائق في ليبيا يواجه تحديات عميقة على مستوى ضمان حقوق العمل والحماية الإجتماعية، علاوة على ارتفاع معدلات البطالة هناك خاصة بين الشباب والتي تصل إلى 30%.

- ما هي فرص الإقتصاد الليبي في عودة التعافي وخلق فرص العمل؟

شهد الاقتصاد الليبي تذبذات عنيفة خلال السنوات التي تلت الثورة، حيث انتقل من انكماش في 2011، إلى نمو في 2012، ثم عاد للانكماش بنسبة 9.4% في 2013 بعد أن سجل انخفاضا كبيرا في مستويات الإنتاج النفطي مع تأثر هذا النشاط بالصراع الأهلي في البلاد، وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي عن الدول العربية التي تمر بمرحلة التحول السياسي، الصادر في أبريل الماضي.

وتوقع الصندوق أن يعود الاقتصاد الليبي للنمو بـ29.8% في 2015 .

ويرهن كل من صندوق النقد والبنك الأفريقي للتنمية، في تقريرين صدرا في 2014، تعافي الاقتصاد الليبي بتحسن الأوضاع السياسية.

وبحسب الصندوق، فإن الوضع الاقتصادي المتردي انعكس على سوق العمل هناك في ظل قدرة القطاع العام "المحدودة" على توفير وظائف جديدة، وحالة "الركود" في التعيينات الجديدة بالقطاع الخاص .

كما يلقي بنك التنمية الإفريقي الضوء على المشكلات الهيكلية في الإقتصاد الليبي التي تحد من قدرته على توفير وظائف، والمتمثلة في تركز نشاطه الاقتصادي في البترول، حيث يقدر تقرير البنك الأفريقي أن الأنشطة الاستخراجية مثلت 65.6% من الناتج الإجمالي للبلاد في 2012.

تعليقات الفيسبوك