في أكتوبر 1973.. التحذير النووي كان ورقة إسرائيل الأخيرة

الأحد 04-10-2015 PM 07:23
في أكتوبر 1973.. التحذير النووي كان ورقة إسرائيل الأخيرة

جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائلية وآريل شارون رئيس الأركان في سيناء أثناء حرب أكتوبر 1973 - صورة أرشيفية من رويترز

كتب

إعداد: دينا عفيفي

في مساء الثامن من أكتوبر عام 1973 بات وجود إسرائيل مهددا بشدة. وبعد الهجوم المباغت من مصر وسوريا قبل يومين من هذا التاريخ في عيد الغفران (يوم كيبور)، كانت عدة آلاف من قوات الاحتياط الإسرائيلية تخوض معركة لا أمل فيها على جبهتي الجولان السورية وسيناء المصرية.

وقال موقع "ماركت ووتش" التابع لمجموعة داو جونز الإعلامية إنه في الشمال كان عشرات من قوات الاحتياط داخل دبابات سنتوريون البريطانية الصنع ينخرطون في أكبر معركة مدرعات منذ معركة كورسك في الحرب العالمية الثانية عام 1943، حيث حاولت مئات الدبابات T-55 وT-62 روسية الصنع أن تشق طريقها عبر الجولان إلى إسرائيل.

وأضاف الموقع في تقرير أنه في الجنوب تدفق الجيش المصري عبر قناة السويس مستخدما خراطيم المياه لإحداث ثغرات في الساتر الترابي على الضفة الشرقية. وكان مصير الدبابات M-60 الأمريكية الصنع التي حاولت صد الهجوم أن تحولت إلى حطام بواسطة صواريخ جديدة موجهة مضادة للدبابات. وعلى صعيد الجو شهدت القوات الجوية الإسرائيلية، التي طالما افتخرت بقوتها، طائراتها الأمريكية الصنع من طراز فانتوم وسكاي هوك وهي تسقط بفعل صواريخ أرض-جو السوفيتية الجديدة التي تحمي رؤوس الجسور في السويس والمدرعات السورية على الجولان.

وأصيبت الحكومة الإسرائيلية برئاسة جولدا مائير بالذعر، إذ كانت الذخيرة وقطع الغيار على وشك النفاد. وبدأت الخسائر في الأرواح تتزايد وكانت عملية التعبئة بكامل طاقتها ما زالت في بدايتها، إذ تم إرسال الأفراد والدبابات إلى ساحة المعركة دون وحدات منظمة.

وقال مسؤول رفيع للصحفي الاستقصائي الشهير سيمور هيرش في كتابه "الخيار شمشون" الذي صدر عام 1991 "كان الأمر يبدو وكأن نهاية العالم وشيكة."

وسرد الكتاب تفاصيل تكوين القوة النووية الإسرائيلية وسياستها بناءً على معلومات من موردخاي فانونو الذي كان فنيا في مركز النقب للأبحاث النووية وقرر الكشف عن أسرار نووية للصحف البريطانية عام 1986. وقال المسؤول الرفيع لهيرش "من عايش منا الهولوكوست، كان يعرف أمرا واحدا، هو أنها لن تحدث مرة أخرى."

وألقت الحكومة الإسرائيلية بورقة اللعب الأخيرة ألا وهي  تحذير نووي لا يمكن لأقمار التجسس وطائرات الاستطلاع السوفيتية والأمريكية أن تخطئه.

وقال هيرش، في كتابه نقلا عن المسؤول، "وافقت الحكومة على تشغيل قاذفات الصواريخ النووية في قرية خربة زكريا أيا كان عدد الجاهز منها إلى جانب ثمانية من طائرات أف-4 التي تحمل علامات خاصة والتي كانت في حالة استنفار طوال 24 ساعة في قاعدة تل نوف الجوية قرب ريهوفوت." ومن الأهداف التي تم الاتفاق عليها في البداية مقار عسكرية قرب القاهرة ودمشق مما يعني الدمار شبه التام للعاصمتين العربيتين. وقالت مصادر عربية وأمريكية لهيرش إنه تم إخراج ما يصل إلى ثلاثة صواريخ من مخابئها السرية مع تجهيزها للإطلاق.

كان هذا ابتزازا نوويا لكنه أتى ثماره رغم إثارته غضب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون.

وقال وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، في مذكراته، إنه "بحلول مساء التاسع من أكتوبر، حصلت إسرائيل على تأكيدات (من الولايات المتحدة) بأنه سيجري تعويض خسائرها في الحرب. وبناء على هذه التطمينات، كثفت استهلاكها لمعدات الحرب". وفي ذلك الوقت انطلقت عشرات من طائرات الشحن من طرازي  C-5 وC-141 إلى مطار تل أبيب حاملة دبابات وصواريخ وقطع غيار.

وتمكن الجيش الإسرائيلي من صد هجمات سوريا ومصر. ومع إتمام عملية التعبئة العسكرية بعد عدة أيام شن هجمات مضادة قوية جعلت الجيش السوري يتراجع حتى دمشق تقريبا. وتمكن من حصارالجيش الثالث المصري على الجانب الشرقي لقناة السويس مع تأخر الجسر الجوي السوفيتي كثيرا في نقل الأسلحة إلى مصر.

ونتيجة لذلك دفعت الهزيمة الوشيكة للجيشين العربيين اللذين كانا يحصلان على عتاد روسي الزعيم السوفيتي ليونيد بريجنيف إلى وضع وحدات تدخل سريع محمولة جوا في حالة استنفار.

وفيما يشبه الأخطاء التي ارتكبتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قبيل حرب العراق عام 2003، زادت الوكالة الطين بلة بأن أوردت تقريرا غير دقيق من وحدة تابعة للمخابرات البحرية الأمريكية عن أن سفينة سوفيتية أفرغت أسلحة نووية في مصر. ورد نيكسون بإيفاد حاملة الطائرات المسلحة نوويا جون كنيدي إلى البحر المتوسط وإعادة نشر 50 قاذفة نووية طراز B-52 بمدى يصل إلى دول الشرق الأوسط، بل إن إسرائيل أعلنت حالة الاستنفار النووي للمرة الثانية.

وقال مسؤول في المخابرات الأمريكية لهيرش "أصاب الجنون الجميع في الولايات المتحدة.. لكن اتضح أن القصة برمتها خاطئة، كانت سفينة مختلفة."

وأشار تقرير الموقع إلى أن مصر استعادت كامل سيناء بعد اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل التي أبرمت عام 1979 لكن القوات الإسرائيلية ما زالت تحتل هضبة الجولان حتى الآن.

تعليقات الفيسبوك