نساء قضين سنوات في المحاكم للحصول على الطلاق والنفقة

الأحد 07-12-2014 PM 03:34
نساء قضين سنوات في المحاكم للحصول على الطلاق والنفقة

امرأة بدوية من سيناء - تصوير عمرو دلش - رويترز

كتب

كتبت: أمنية طلال

 "المطلقة في مصر تدفع ثمن انفصالها عن زوجها ورفضها الزواج مرة أخرى"، قالت بهية حسن، 48 عاما، مشيرة إلى نظرة المجتمع "القاسية" للمطلقة والمعاناة التي تواجهها في الحصول على حقوقها وحقوق أبنائها.

بهية لديها ولد مازال في المرحلة الثانوية وإبنة حاصلة على ليسانس آداب قسم لغة عربية منذ عامين ولم تجد عملاً حتى الآن بعد رحلة بحث على أبواب المدارس ودور النشر وغيرها.

بدأت معاناة بهية، التي كانت تعمل فنية بشركة النصر للتليفزيون، عندما انفصلت عن زوجها عام 1995، حيث كان يرفض الإنفاق على الأسرة وحملها كافة الأعباء على حد تعبيرها، وأقامت دعوى النفقة في عام 1997 ولم تحصل سوى على خمسين جنيها في عام 2001، قائلة "كنت أضطر للبقاء في منزل والدتي طوال الشهر حتى أوفي احتياجات الأولاد".

وتروي بهية "هذه الدعاوى القضائية كلفتني أكثر من 6 ألاف جنيه كأتعاب محاماه رغم أن راتبي لم يتعدى 700 جنيه"، موضحة أنها تحملت نفقات الأسرة وتعليم الأبناء بالإضافة إلى مصاريف المحامي.

ولم تجد بهية حلا لمشكلتها سوى إقامة دعوى قضائية جديدة لزيادة النفقة، موضحة "بعد معاناة خمس سنوات بين المحامين والمحاكم أقمت دعوى أخرى في عام 2011 لزيادة النفقة ولم أحصل على شيء حتى الآن".

 

طول مدة التقاضي 

هناك حوالي 2.5 مليون مطلقة في مصر وفق إحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2011.

ووصلت دعاوى النفقة إلى ما يقرب من 350 ألف دعوى لعام 2011، وتمثل 80% من الدعاوى التي تقام أمام محاكم الأسرة سنوياً حسب تقرير للمجلس القومي للمرأة معتمد على إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

واعترضت مرفت تلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة، على قانون الأحوال الشخصية الحالي، مؤكدة  "المجلس رصد العديد من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها النساء وكان أهمها طول مدة التقاضي في دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحاكم خاصة في دعاوى النفقات، وتليها مشكلة مسكن الزوجية سواء أثناء فترة الحضانة أو بعد انتهائها وتصبح السيدة بلا مأوى".

تختلف مشكلة د.ع، التي تعمل كومبارس في السينما، عن مشكلة عزة، حيث بدأت معاناتها منذ عام ونصف العام، بعد ولادة ابنتها الوحيدة، مشيرة إلى رفض الزوج استخراج شهادة ميلاد للطفلة والإنفاق عليها لزواجه بأخرى كما أنه رفض تطليقها حتى لا تقيم دعوى نفقة على حد قولها.

تروي (د.ع) قائلة "زوجي يعتدي علي بالضرب بشكل يومي بدون أي أسباب، بالإضافة لرفضه الإنفاق على ابنته"، معتبرة أن الحل الوحيد لمعاناتها هو الطلاق والحصول على نفقة، مؤكدة أن زوجها ميسور الحال ويعمل سائق نقل ثقيل ويحصل 300 جنيه يوميا.

"باشتغل يوم وعشرة لأ، وأبويا رغم ظروفه الصعبة متكفل بمصاريف بنتي حتى البامبرز" قالت (د.ع)، موضحة أنها لم تملك أتعاب المحامي الذي طلب منها 5 ألاف جنيه لإقامة دعوى الطلاق.

وقررت (د.ع) الذهاب مباشرة إلى المحكمة،  لكن جهلها بقانون الأحوال الشخصة، وعدم معرفتها بالإجراءات القانونية لم يمكناها من إقامة الدعوى حتى ساعدها موظف بالمحكمة للوصول لأحد مراكز حقوق الإنسان المهتمة بالمرأة وهو مركز القاهرة للتنمية.

ولم تتمكن (د.ع) من الحصول على حكم طلاق حتى الآن في الدعوى التي أقامها لها المركز مجانا، لكنها استطاعت أن تحصل على حكم في قضية النسب  واستخرجت شهادة ميلاد لابنتها.

 

الطلاق من أجل النفقة 

"اضطررت إلى بيع كل مصاغي للإنفاق على أولادي ولم يتبق معي أي أموال أخرى لإقامة دعاوى الطلاق والنفقة التي ستكلفني 25 ألف جنيه" قالت (ه.أ) البالغة من العمر 42 عاما، معتبرة أن الطلاق هو أنسب حل لإجبار زوجها على الإنفاق على أبنائه.

اضطرت (ه.أ) إلى إقامة 11 دعوى قضائية (طلاق، نفقة زوجية، نفقة متعة، نفقة صغار، نفقة عدة، نفقة مؤقتة، إثبات حضانة، ضم الصغار، تبديد منقولات، ولاية تعليمية، ضرب الزوجة) ضد زوجها الذي كان يعمل في الأعمال الحرة لزواجه من أخرى ورفضه الإنفاق عليها وعلى أبنائه.

وبعد أن عجزت (ه.أ) عن إقامة الدعاوى عن طريق مكتب محاماه، لجأت إلى مركز حقوقي لإقامة الدعاوى لها مجانا، موضحة أنها تمكنت بعد عامين من الحصول على نفقة الأبناء بأثر رجعي.

ورأت انتصار السعيد، مدير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، أن الأزمة الحقيقية تكمن في جهل النساء بقوانين الأحوال الشخصية والإجراءات القانونية المتعلقة بإقامة الدعاوى القضائية، وبالتالي  يتم استغلالهن من قبل بعض المحامين الذين يتقاضون أموالا تفوق قدرة الراغبات في الطلاق، خاصة أن معظمهن يلجأن للطلاق من أجل الحصول على النفقة.

وأشارت فاطمة صلاح مسؤولة الوحدة القانونية بمركز القاهرة للتنمية إلى طول فترة التقاضي نتيجة كثرة قضايا الأحوال الشخصية وبالتالي يصعب الحصول على أحكام سريعة.

ويتولى مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان كل عام من 200 إلى 250 قضية أحوال شخصية أغلبها طلاق ونفقة.

وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامـة والإحصاء مؤخرا عن انخفاض حالات الزواج بنحو 1,4% وارتفاع حالات الطلاق في مصر بنحو 4,7% خلال عام 2013.

وسجلت أعلى نسبة طلاق للرجال فى الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة، وبالنسبة للمطلقات من الإناث سجلت أعلى نسبة طلاق فى الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة.

قالت الدكتورة فاطمة خفاجى، مدير مكتب الشكاوى بالمجلس القومي للمرأة، إن 40% من الشكاوى التي يتلقاها المكتب خاصة بقضايا الأحوال الشخصية، متمثلة في قضايا النفقة، والخلع، والطلاق، والرؤية، والعنف الأسري.

وأضافت خفاجي، لأصوات مصرية، أن قضايا الخلع مازالت تستغرق وقتا طويلا في المحاكم، ولكنها أسرع من الطلاق، قائلة إن "الراغبات في الحصول على الخلع غالبا يكن نساء فقيرات هجرهن أزواجهن ويردن الحصول على معاش الضمان الاجتماعي، وليس كما يعتقد البعض أنهن نساء مرفهات".

 

تعديل قانون الأحوال الشخصية

وطالبت تلاوي بضرورة مراجعة قوانين وإجراءات الزواج للحد من ارتفاع حالات الطلاق وبالتالي ارتفاع قضايا الأحوال الشخصية، مؤكدة على ضرورة معالجة صعوبة وتأخر الحصول على النفقات وتفعيل الحكم بنفقة مؤقتة للزوجة والأولاد لحين صدور حكم في الدعوى.

كما طالبت بضرورة إيجاد حلول سريعة لمشاكل سداد النفقة من صندوق تأمين الأسرة ببنك ناصر الاجتماعي، ومعالجة تأخر تنفيذ الأحكام، وطول فترة التقاضي لقضايا النفقة في الوقت الذي تحتاج السيدة المال للإنفاق على أبنائها.

ويرى طاهر أبو النصر، المحامي بالنقض، أن إقامة دعوى النفقة يتطلب توفير عدة أوراق منها حكم الطلاق، ومفردات مرتب الزوج وإثبات دخله، أو السجل التجاري أو الحيازة الزراعية له، مشيرا إلى صعوبة تحديد ذلك خاصة إذا كان الزوج لا يعمل لدى الحكومة والقطاع العام وهو ما يعرقل تحديد النفقة.

ويوضح أبو النصر أن المنظومة القضائية في مصر تسمح بضياع الوقت في القضايا بشكل عام، مشيرا إلى أن أي قضية نفقة تستغرق خمس جلسات ولا ينبغي في الأحوال الطبيعية أن تستغرق أكثر من 6 أشهر، لكن ما يحدث  من تأجيل جلسات وطول الوقت بين الجلسات يعطل الحصول على أحكام.

"تقدر النفقة وفق حالة الزوج المادية، مع وجود شرط لاستحقاق الزوجة للنفقة، وصحة عقد الزواج وشكوى الزوجة من عدم إنفاق الزوج عليها" أوضح أبو النصر، مؤكدا أن وجود دخل للزوجة أو اختلافها في الدين مع زوجها لا يحرمها من النفقة.

وأكد أبو النصر "للزوجة الحق فى الحصول على نفقة عام قبل بداية رفع الدعوى، وما لا يدفعه الزوج من نفقة يعد دينا عليه، لا يسقط حتى بوفاته، موضحا أن الزوجة يجوز لها طلب النفقة من تاريخ عقد الزواج، والحالة الوحيدة التي لا يجوز فيها طلب النفقة هى حالة الخلع.

 

"بهية حسن" هو اسم مستعار تم استخدامه في الموضوع لحماية هوية الشخصية الحقيقية. 

تعليقات الفيسبوك