أحدث الأخبار
قالت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إن مشهدا غير معتاد ظهر في الآونة الأخيرة على حدود قطاع غزة مع مصر، حيث تم رصد العديد من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يقومون بدوريات ويقيمون المزيد من نقاط تفتيش.
وأضافت الصحيفة في تحليل نشرته بموقعها الالكتروني اليوم الجمعة، أن هذا النشاط جاء نتيجة اتفاقيات تم التوصل إليها في مارس الماضي بين ممثلين عن حركة حماس برئاسة القيادي محمود الزهار وجهاز المخابرات المصرية، في محاولة للتخفيف من حدة الغضب المصري ضد الحركة الإسلامية التي تسيطر على القطاع.
واتهمت مصر مسؤولين من حركة حماس بالضلوع في اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات العام الماضي، في خطوة كادت أن "تؤدي إلى قطع العلاقات بشكل كلي كما أضرت بقدرة الجماعة على السيطرة على القطاع"، بحسب الصحيفة.
وقتل بركات في تفجير استهدف موكبه بالقاهرة في يونيو العام الماضي. وهو أكبر مسؤول مصري يقتل بيد مسلحين منذ إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي عام 2013.
وقالت الصحيفة إن تفاصيل الاتفاق بين مصر وحماس لم تعلن، لكن من الواضح أن مصر قررت منح الحركة فرصة أخرى مقترنة بقائمة طلبات، أهمها أن تنأي بنفسها عن جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها الحكومة المصرية وأعلنتها جماعة ارهابية.
وأضافت الصحيفة أن قرار مصر الجديد ليس معزولا عن جهود السعودية لتشكيل تحالف سني ضد إيران، وسيكون لحماس دور رمزي فقط في مثل هذا التحالف.
لكن الاتفاق يفيد مصر رغم ذلك إذ يبدو أن حماس قدمت لمصر وثائق تفيد بانفصالها عن جماعة الإخوان المسلمين، بحسب الصحيفة.
وكان المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري صرح في مارس الماضي بأن الحركة بدأت صفحة جديدة في علاقاتها مع مصر، مشددا على أنها لن تسمح بهجمات ضد مصر. وقال "نحن قد نكون قريبين من الناحية الفكرية من جماعة الإخوان المسلمين ولكن تنظيميا وهيكليا ليس لدينا أي صلة بهم. نحن حركة فلسطينية بحتة لا تعمل لمصلحة أي طرف اخر".
وتنتظر مصر تحركا ملموسا من حركة حماس التي طالبت القاهرة بفتح معبر رفح الحدودي والكف عن إغراق الإنفاق الحدودية، التي تستخدم في التهريب، بالمياه. وقد تتمثل تلك التحركات في تقديم معلومات مخابرات عن التعاون بين الوحدات العسكرية في الحركة والجماعات المسلحة التي تنشط في شبه جزيرة سيناء.
ونأت حماس بنفسها عن اثنين من الناشطين البارزين في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، وأبلغت مصر بانضمامهما إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سيناء.
وقالت الصحيفة إن هذا قد يبشر بقرار استراتيجي أكثر أهمية يبين الابتعاد عن النفوذ الإيراني، والانضمام إلى "الدائرة العربية"، لكن موقف كتائب القسام في هذه المسألة ما زال غير واضح. وغالبا ما تعمل هذه المجموعة بصورة شبه مستقلة، رغم تبعيتها الهرمية للجناح السياسي لحماس.
وأضافت الصحيفة أن هذه الاتفاقيات بين مصر وحماس تعطي الرئيس عبد الفتاح السيسي القدرة على التأثير في قواعد اللعبة بين الحركة وإسرائيل.
وقال مصدر دبلوماسي للصحيفة إن محادثات بين مصر وإسرائيل عقدت هذا الأسبوع لضمان الا تعمل إسرائيل على تنفيذ عملية في قطاع غزة بعد اكتشاف نفق تابع لحماس. وسلمت مصر رسالة تفيد بأنها تبذل كل جهدها لوقف الحفر.
ولم تعلق اسرائيل على هذه التقارير، ولا على تقارير عن أن طائرات إسرائيلية بدون طيار تعمل في سيناء كجزء من جهد مشترك مع مصر لمكافحة تنظيم داعش.
وقالت الصحيفة إنه بينما يمكن لحماس إبرام اتفاقات مع الحكومة المصرية، إلا أن وضع داعش في سيناء مختلف. وأضافت أن هجومين وقعا في مارس الماضي وخلفا أكثر من 20 قتيلا يشيران إلى أن المعركة أبعد ما تكون عن الانتهاء.
وذكرت أن تنظيم داعش عانى بشدة من الهجمات الجوية المصرية، وأن الهجمات البرية أصبحت أكثر فاعلية. ويبدو أن شبكات اتصالات التنظيم أصابتها أضرار كبيرة، ما اضطره إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، الأمر الذي تأكدت صعوبته في المناطق الجبلية في سيناء. لكن التنظيم يحتفظ بخطوط إمداد حول العريش.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين مصريين قولهم إن التنظيم يسعى إلى تعزيز صفوفه، باستيعاب مقاتلين من تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية في محاولة لخلق جبهة موحدة. ويحتفظ تنظيم داعش بصلات وثيقة مع ناشطيه في قطاع غزة من خلال حلقة الوصل هناك شادي المنيعي، الذي ترددت أنباء تفيد بمقتله في ديسمبر الماضي لكن لم تتأكد.
وأشارت الصحيفة إلى أن حركة حماس تنفي أي نشاط لتنظيم الدولة الإسلامية في غزة، لكن مصر قدمت لحماس الدليل على أن بعض أفراد داعش تلقوا تدريبا في القطاع.
وقالت إن أحد مراكز الدعم لداعش في غزة يتمثل في جماعة جيش الإسلام التي يقودها ممتاز دغمش، وهو صاحب تاريخ طويل من النشاط العسكري والانتقال من جماعة إلى أخرى، وكان جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن ينضم إلى حركة حماس، كما أن لديه روابط بكتائب عز الدين القسام رغم أنه ليس عضوا بها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية قولها إن جماعة جيش الإسلام هي مجرد واجهة إذ تعمل نيابة عن تنظيم داعش وكتائب عز الدين في حين تسمح لحماس بالتنصل من أي تورط.
وقالت الصحيفة إنه إلى جانب جيش الإسلام والجماعات الجهادية السلفية التي يعتمد عليها تنظيم داعش في سيناء لتوفير الدعم في مجال الامداد والتموين، فقد تتمثل الدعامة الأهم في قبائل البدو في سيناء التي انضم بعض أعضائها إلى صفوف التنظيم.
وذكرت أنه بعد الخسائر البشرية الناتجة عن الغارات الجوية المصرية، حذر زعماء قبائل مصر من أن الغضب من هذه الهجمات قد يدفع أعدادا كبيرة من البدو للانضمام لداعش. وأشارت إلى أن الحكومة المصرية تحاول منذ سنوات إقناع زعماء القبائل بالتعاون في مكافحة داعش، ولكن حققت نجاحا جزئيا فقط، مع انتظار القبائل للحصول على منافع اقتصادية كبيرة.
وقالت إنه حتى الآن كانت توجد خطط على الورق فقط. وربما سيحدث شيء الآن مع التعهد السعودي بقرض بقيمة 1.5 مليار دولار. وأضافت أن البدو اعتادوا على الوعود ولا يحبسون أنفاسهم انتظارا لما سيحدث.
وتابعت أنه مع غياب خطة كبيرة لتنمية شبه جزيرة سيناء، تنفذ الحكومة المصرية خططا صغيرة تعتمد على زعماء قبليين ينتهزون الفرص. وتمثل التنمية الآن ضرورة بشرية واقتصادية حاسمة، وبدونها لن تنجح أي حملة فعالة ضد داعش. وإذا قطعت حماس علاقاتها مع داعش في سيناء، فستطلب تعويضا مثل فتح معبر رفح الحدودي أو دعم لانشاء ميناء، وأيضا اعتراف بحكومتها.