أحدث الأخبار
قال خبراء ومحللون سياسيون إن عدم جماهيرية قضية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية أدت إلى عزوف المواطنين عن المشاركة في التظاهرات التي دعت لها قوى سياسية وحزبية وشخصيات عامة أمس الاثنين.
وعزا المحللون أسباب ضعف المشاركة إلى إستراتيجية الأمن الاستباقية لتحجيم التظاهرات المعارضة، إضافة إلى أخطاء جسيمة وقعت فيها القوى السياسية الداعية للتظاهر.
ووقعت مصر والسعودية، مطلع أبريل الجاري، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، يقضي بموجبها التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للمملكة.
ودعت قوى سياسية وحركات معارضة إلى التظاهر السلمي يوم 25 أبريل الجاري ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بالتزامن مع احتفال مصر بعيد تحرير سيناء.
* نتائج صفرية
قال المحلل والسياسي المصري، أسامة الغزالي حرب، إن قضية تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير ليست قضية جماهيرية قادرة على حشد وتعبئة الشارع.
وأضاف حرب، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، أن الداعين والمشاركين في تظاهرات أمس ليسوا من أصحاب الحجج القوية في المسألة أو الثقل على المستويين السياسي والشعبي.
وتابع أن "تحذيرات الأمن جاءت بنتائجها السلبية على حجم المشاركة... التعامل الأمني مع المعارضين كان في غاية السوء ويتنافى مع القواعد الأولية للديمقراطية".
وأوضح الغزالي حرب أنه يميل إلى اعتبار الجزيرتين سعوديتين وليسوا مصريتين، لكن ذلك لا يبرر "عنف النظام مع المعارضين ومساعيه لتقييد ووأد حرية التظاهر".
واعتبر حرب أن المعارضة والأمن حصلا خلال مظاهرات أمس على "صفر" بعد أن فشلت قوى المعارضة في الحشد وقمعت أجهزة الأمن التظاهرات.
وقالت وزارة الداخلية، اليوم الثلاثاء، إن أجهزة الأمن بالقاهرة والجيزة ألقت القبض على 270 متظاهرا شاركوا في تظاهرات أمس الاثنين احتجاجاً على نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير من مصر للسعودية.
* قضية خلافية
وأشار رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، محمد السعيد إدريس، إلى أن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية قضية خلافية لا تحسم بالتظاهر أو اللجوء للشارع.
وأضاف أن القضية تحتاج إلى جهد بحثي وتوثيقي لتقديم تقرير مُدعم بحجج تاريخية حول قضية الجزيرتين، مؤكدا أن اللجوء للتظاهر أو التصويت في البرلمان "عديم التأثير" لأنه من غير ذوي الاختصاص.
وعزا إدريس أسباب ضعف الحشد خلال التظاهرات إلى استغلال بعض القوى السياسية المعارضة الحدث فيما سماه بـ"تصفية حسابات قديمة مع النظام السياسي".
وقال إدريس إن رفع سقف المطالب في التظاهرات لتصل إلى إسقاط النظام هو "غباء سياسي"، موكدا أن كلمة "ارحل" لا يجوز أن تكون حلا للمشكلات السياسية وكأن رئيس الدولة أصبح مدرب كرة يتم تغييره مع كل موسم كروي.
وكان سياسيون ونشطاء أطلقوا حملة باسم "الحملة الشعبية لحماية الأرض" تحت شعار "مصر مش للبيع"، وقالوا إنها ردا على ما سموه من "تنازل السلطة عن الجزر المصرية".
ووقع البيان التأسيسي للحملة أحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والدستور، ومصر القوية، ومنظمات شبابية وطلابية، إضافة إلى المرشحين الرئاسيين السابقين حمدين صباحي وخالد علي.
* تصعيد المواجهة
وأوضح الخبير السياسي، زياد عقل، أن تقييم حجم الحشد الشعبي يعد معيارا غير دقيق بسبب إستراتيجية الأمن الاستباقية وعدم السماح للمعارضين بالوصول إلى أي جهة من أماكن التظاهر.
وأشار عقل إلى أن المكسب الوحيد من تظاهرات أمس هو خروج المعارضة عن صمتها عقب أحداث 30 يونيو، متوقعا أن تُعجل حملة اعتقال المعارضين في ما سماه بـ"بدء مرحلة المواجهة بين المعارضة والأذرع الأمنية للنظام السياسي".
وقال زياد عقل إن "عودة المعارضة إلى الشارع أهم من راديكالية المطالب"، منتقدا الإفراط في المطالب لتصل إلى حد إسقاط النظام ورحيل السيسي، لا سيما وأن الخروج عن حيز "مصرية الجزيرتين وإنفراد السلطة بقرار التنازل عنهما" سيضر بحركة المعارضة في مصر.
وتابع عقل "التجربة أثبتت أن المطالب الصغير المحددة قادرة على حشد وتعبئة الشارع أكثر من المطالب الكبيرة التي قد يتم تفسيرها في سياقات مختلفة"، مدللا على ذلك بقدرة جماعات الألتراس على الحشد مقارنة بحركة 6 أبريل، حيث تركز الأولى على قضية محددة، بينما تتسع الثانية لفضاءات أخرى.
وكانت برامج تلفزيونية تابعت تظاهرات أمس نقلت مقاطع مصورة لعدد من المسيرات المحدودة أطلق المشاركون فيها شعارات مثل "ارحل" و"الشعب يريد إسقاط النظام".
كما انتشر هاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "يالا يا سيسي لم هدومك" في تصعيد اعتبره محللون وسياسيون "في غير محله".
ولا تزال قضية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية محل جدل وتجاذبات قوية على الساحة السياسية الداخلية، لا سيما وأن قرار البرلمان بشأن الاتفاقية لم يصدر بعد.