أحدث الأخبار
في خطوة فاصلة على مسار إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين الفاتيكان والأزهر، يلتقي شيخ الأزهر أحمد الطيب -خلال زيارة يبدأها اليوم الاثنين إلى روما- بابا الفاتيكان فرنسيس، في لقاء استغرق الإعداد له شهورا، وينتظر أن ينتُج عنه تفعيل دور اللجان المشتركة بين المؤسستين والذي توقف لأكثر من خمس سنوات في ضوء الخلاف بينهما.
* تاريخ الخلاف بين الأزهر والفاتيكان
اللقاء يهدف لتحسين العلاقات التي انقطعت لأكثر من خمس سنوات بين المؤسستين، بعد تدهورها بشكل كبير في عام 2011 بسبب تعليق بابا الفاتيكان آنذاك بنديكتوس على تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، حيث طالب قادة العالم بتوفير الحماية للأقليات المسيحية في الدول ذات الأغلبية المسلمة.
تصريحات بنديكتوس قوبلت بانتقادات ورفض من الأزهر ووزارة الخارجية المصرية، كما استدعت مصر سفيرها لدى الفاتيكان للتشاور، الأمر الذي أدى إلى توقف اتفاقية الحوار الموقعة بين الأزهر والفاتيكان في 1990، والتي تهدف إلى العمل على زيادة التعاون بين المؤسستين لخلق روح الإخاء بين المسلمين والمسيحيين في العالم من خلال لجان عمل مشتركة.
لكن تلك العلاقات المتوترة بدأت في التحسن عقب تولي البابا فرنسيس الكرسي الباباوي في الفاتيكان في 2013، لتصل إلى نقطة هامة باستقبال فرنسيس للرئيس عبد الفتاح السيسي في منزله بروما في نوفمبر 2014. بعد هذا اللقاء تبادلت وفود الأزهر والفاتيكان الزيارات، إلى أن سلم سكرتير المجلس الباباوي دعوة لشيخ الأزهر في فبراير الماضي لزيارة روما ولقاء بابا الفاتيكان.
* دور اللجان المشتركة في التقريب بين المؤسستين
وقال الأزهر، في بيان اليوم، إن زيارة الطيب للفاتيكان "زيارة تاريخية"، مضيفا أن اللقاء يهدف إلى بحث سبل تنسيق الجهود بين المؤسستين من أجل نشر ثقافة الحوار والسلام والتعايش بين الشعوب والمجتمعات.
وأشار الأزهر إلى أن الزيارة ستتضمن جلسة حوارية بين وفدين من الأزهر والفاتيكان لمناقشة إعادة تفعيل لجان العمل المشتركة بينهما.
وقال مسؤول في الخارجية، في تصريح لأصوات مصرية، إن لجان العمل المشتركة بين الأزهر والفاتيكان -والمنبثقة عن اتفاقية 1998 بين المؤسستين- توقف عملها منذ 5 سنوات.
وأضاف المسؤول أن "زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان ستعمل على تفعيلها، حيث تعمل تلك اللجان على الحوار بين الطرفين وإزالة أي مفاهيم خاطئة"، لافتا إلى أنه بموجب تلك اللجان يلتقي مسؤولون من الأزهر والفاتيكان كل عام.
وأشار إلى أن اللجان المشتركة لها دور مهم في وضع الاستراتيجيات التي تكافح التعصب بين الجانبين والعمل على تعزيز التعامل بينهما.
وأوضح محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر، لأصوات مصرية، أنه قبل تجمد العلاقات بين الفاتيكان والأزهر، كانت اللجان المشتركة تشمل المجالات الثقافية والحضارية والاجتماعية، وتضم أعضاء من المشيخة والكنيسة.
وأضاف أن هذه اللجان "تهدف إلى تقريب الأفكار الحضارية والتفاعل الحضاري والثقافي بين الجانبين، دون الأفكار العقائدية".
* اهتمام الإعلام الدولي باللقاء
لقاء الطيب وفرنسيس المرتقب جذب انتباه وسائل الإعلام في العالم، فقد وصفته صحيفة الديلي ميل البريطانية بأنه "علامة على تحسن العلاقات بين الفاتيكان ومركز تعليم المسلمين السنة المرموق (الأزهر)".
ووصفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل اللقاء بأنه "غير مسبوق"، وقالت إنه يأتي على خلفية التحسن الأخير في العلاقات "بين الديانتين" بعد توترات خطيرة في عهد البابا السابق.
وقال موقع "كروس" -وهو موقع معني بتغطية أخبار الكنيسة الكاثوليكية- في تقرير له اليوم إن اللقاء يعد فرصة للبابا فرنسيس لاستثمار رأس المال السياسي الكبير في بنك العالم الإسلامي.
ونقل الموقع عن فرنسيس قوله، في تصريحات له مؤخرا، إن "التعايش بين المسلمين والمسيحيين لا يزال ممكنا"، داعيا الدول الغربية لانتقاد الطريقة التي صدرت بها مفهوم الديمقراطية بالقوة إلى الدول الإسلامية.
ودأب فرنسيس منذ توليه على إدانة الهجمات التي تشنها الجماعات الإسلامية المتشددة في الدول العربية والغربية.