أحدث الأخبار
بـ"التصالح العرفي والتنازل" يتم التعامل مع معظم حوادث الاحتقانات الطائفية والتي تشهد محافظة المنيا جزءا كبيرا منها هذه الأيام.
وتشهد المنيا صراعا طائفيا ساخنا على خلفية مقتل شخص وإصابة 4 آخرين في مشاجرة بين مسيحيين ومسلمين بقرية "طهنا الجبل"، عقب وقوع 3 حوادث طائفية كبرى في أقل من شهرين بقرى "الكرم" و"كوم اللوفي" و"عزبة أبو يعقوب".
ورغم أن قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات يجيزا الصلح في عدد من الجرائم الجنائية حتى ولو صدر فيها حكم نهائي بات، إلا أن معظم حالات الصلح تكون أقرب لـ"الإذعان" من خلال إجبار الطرف الضعيف على التنازل لإفلات الطرف القوي من العقوبة.
وكانت واقعة اعتداء المدير الفني للنادي المصري البورسعيدي حسام حسن على رقيب شرطة أثناء مباراة "المصري" و"غزل المحلة" انتهت بالصلح والتنازل.
وأحالت النيابة العامة، يوم الأربعاء الماضي، حسام حسن إلى المحاكمة الجنائية على خلفية الاعتداء على شرطي بعد مباراة في الدوري الممتاز لكرة القدم.
ويظل التصالح هو حيلة "الكبار" للإفلات من العقوبة عقب تورطهم في جرائم، حيث يجيز قانون العقوبات التصالح في جرائم الضرب، والإصابة الخطأ، والاختلاس، والتبديد، والتخريب العمد، والاتلاف، والحريق، وعدم رد الشيء المفقود لأصحابه، والقتل الخطأ.
وكانت من أبرز قضايا التصالح التي أثارت الرأي العام المصري في عام 1998، قَتل طالب بكلية هندسة عقب اصطدامه بـ"لانش" يمتلكه رجل الأعمال محمد أبو العينين في مارينا بالساحل الشمالي، ما أدى إلى وفاته متأثرا بجراحه.
وتنازل ذوو الشاب القتيل عن القضية آنذاك بعد أن تردد حصولهم على مليون جنيه للتنازل، في وقت حظي فيه أبو العينين بمكانة متميزة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي بسبب قربه من نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق، إن معظم جلسات الصلح العرفية في المجتمع تكون أقرب لـ"الإذعان" من خلال فرض إرادة الطرف القوي على نظيره الضعيف.
ويوضح صادق، في تصريح لأصوات مصرية، أن غلبة مفهوم القوة في المجتمع تغذي التطرف وعدم الانتماء والفتن وإهدار قيمة القانون.
وأرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي أسباب ذلك إلى ما سماه بـ"ضعف الدولة ووجود أجهزة تابعة لها تتواطأ مع التطرف الديني ورأس المال والأفكار الرجعية".
ويشير سعيد صادق إلى انتشار وجود مستويات من "الإذعان" أدنى من مرحلة الصلح العرفي تكون من خلال إجبار الطرف الضعيف على التنازل دون مقابل.
وعلى الصعيد القانوني، يقول نائب رئيس محكمة النقض السابق، المستشار أنور الجابري، إن قانون العقوبات يتيح التصالح في بعض الدعاوى الجنائية مع تحديد نوع الجريمة، مؤكدا أن النيابة العامة والمحاكم غالبا ما تقبل محاضر التصالح.
ويضيف الجابري، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، أن أشهر الجرائم الجنائية التي يُقبل فيها التصالح هي الضرب والاعتداء والسب والقذف والجرائم التي تماثلها.
ويوضح أن المادة "18 مكرر" من قانون الإجراءات الجنائية تنظم مسائل التصالح، مشيرا إلى أن النيابة العامة تستقبل محاضر التصالح إذا كانت القضية لا تزال رهن التحقيق، فيما يقدم محاضر التصالح إلى المحكمة إذ كانت القضية قد تم إحالتها للمحاكمة.
وتابع الجابري "يجوز تقديم محاضر التصالح في الدعاوى عقب صدور الأحكام القضائية الخاصة بها، وفي هذه الحالة يقدم محضر التصالح إلى النيابة العامة".
ويحدد قانون العقوبات عددا من الحالات التي يلزم فيها المحكمة بقبول التصالح "وجوبيا" والتي تتعلق معظمها بالشكاوى أو الغرامات، فيما عدا ذلك يكون للمحكمة سلطة تقديرية في قبول التصالح من عدمه.
ويقول المحامي بالنقض، ياسر سيد أحمد، إن قانون العقوبات استبعد قضايا السرقات والاعتداء على موظف عام وقضايا الإضرار بأمن الدولة من مسألة التصالح، بينما أبقى على قضايا الاعتداءات الشخصية كالضرب أو النصب أو خيانة الأمانة وغيرها.
ويوضح ياسر سيد أن محاضر التصالح "تؤثر على عقيدة المحكمة في كل الأحوال حتى وإن كانت القضية المنظورة لا تقبل التصالح"، مؤكدا أن المحكمة قد تصدر حكما مع إيقاف التنفيذ في هذه الحالة.