أحدث الأخبار
قال الباحث في الشأن القبطي، كمال زاخر، إن هناك متغيرات عديدة طرأت على أداء الكنيسة الأرثوذكسية خلال تعاملها مع أحداث العنف الطائفي التي شهدتها محافظة المنيا.
وشهدت قرية طهنا الجبل بالمنيا أحداث عنف، يوم الأحد الماضي، عقب وقوع مشاجرة بين أهالي مسلمين وعائلة اثنين من رجال الدين المسيحي، ما أدى إلى وفاة شخص وإصابة ثلاثة آخرين بطعنات.
وقبل واقعة طهنا الجبل شهدت المنيا 3 حوادث عنف طائفي خلال أقل من شهرين في قرى "الكرم" و"كوم اللوفي" وعزبة يعقوب".
وقال زاخر، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، إن أداء الكنيسة خلال الأزمات الطائفية الأخيرة أظهر أنها لم تعد مشتبكة مع السياسة بشكل مباشر كما كان الوضع من قبل.
ودلل زاخر على انسحاب الكنيسة من معترك السياسة بعدم إدلاء البابا تواضروس الثاني بطريرك الكنيسة بتصريحات منددة لحوادث العنف الأخيرة، وكذلك عدم اللجوء إلى الاعتكاف في الأديرة والذي كان يمارسه البابا شنودة الراحل كنوع من العصيان المدني الصامت.
وتابع أن البابا تواضروس قدم نموذجا جديدا في الاعتراض من خلال تحويل اجتماعه الأسبوعي مع الشعب إلى اجتماع صلاة من أجل المتضررين في المنيا، ما يعبر عن تغيير نوعي في رؤية الكنيسة لدورها الحالي.
ويعقد بطريرك الأقباط الأرثوذكس اجتماعا يوم الأربعاء من كل أسبوع لإلقاء العظة والرد على تساؤلات واستفسارات المسيحيين في العديد من الموضوعات الروحية والعقائدية.
وأشار كمال زاخر إلى أن لقاء البابا تواضروس مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل لمناقشة "أحداث المنيا" هو أيضا تطور نوعي، لأن مقابلة رئيس الجمهورية لها دلالة سياسية وإنما مقابلة رئيس الحكومة لها دلالة مهنية تشير ضمنيا أن مطالب الكنيسة تنحصر في إعمال القانون دون التدخل السياسي.
وأوضح زاخر أن تفويض الكنيسة للأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا للحديث في واقعة "سيدة الكرم"، ومن قبلها حادث دير وادي الريان، يدلل أيضا على تخفيف حدة المركزية داخل الكنيسة القبطية.
وقال كمال زاخر إن الكنيسة القبطية مؤسسة تقليدية عمرها 2000 سنة، وبالتالي فإن التغيير فيها لا يأتي بالطفرة وإنما بالتدريج، لاسيما وأن "الترتيب الهرمي داخلها يكاد يتشابه مع ترتيب المؤسسة العسكرية".
وطالب البابا تواضروس الثاني بطريرك الكنيسة القبطية بضرورة إصدار قانون لبناء الكنائس، وقال في مقال نشر بمجلة الكرازة المرقسية "ننتظر قانونا منصفا وعادلا، ونحن لدينا علاقات طيبة بين جميع مؤسسات الدولة لبناء مصر العزيزة المرموقة".
ويشهد قانون بناء الكنائس الموحد تعثرا في الصدور، رغم أن المشاجرات الدامية التي تنشب بسبب شائعات تحويل منازل إلى كنائس تقف وراء حوالي 40% من إجمالي الأسباب المُفجرة للحوادث الطائفية، بحسب تقديرات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
ويعد قانون ترميم وبناء الكنائس الموحد ضمن القوانين التي نص الدستور المصري على إقرارها خلال الفصل التشريعي الأول.
ومن جانبه قال مينا مجدي، منسق عام اتحاد شباب ماسبيرو، إن ثمة تطور نوعي شديد الأهمية طرأ على أداء الكنيسة خلال أحداث المنيا الأربعة الأخيرة.
وأضاف مجدي، في تصريح لأصوات مصرية، أن إحالة وقائع العنف الطائفي الأخيرة للنيابة يعد سابقة هي الأولى من نوعها، بعد إجهاض جلسات الصلح العرفي جميع حقوق الأقباط المتضررين على مدى عقود طويلة.
وعزا مجدي أسباب ذلك إلى إصرار أسقف عام المنيا الأنبا مكاريوس على سيادة القانون ورفض حضور جلسات الصلح العرفي التي تعقد بمباركة مبادرة "بيت العائلة".
و"بيت العائلة المصرية" هي مبادرة اقترحها شيخ الأزهر وباركتها الكنيسة المصرية، عقب حادث كنيسة القديسين في ديسمبر 2010، وتضم علماء دين ومفكرين ومختصين من الجانبين لمعالجة أسباب الاحتقان بين أبناء الوطن.
وأعتبر منسق اتحاد شباب ماسبيرو أن امتناع البابا تواضروس يوم الأربعاء عن إلقاء العظة الأسبوعية واستبدالها باجتماع صلاة من أجل ضحايا حوادث العنف الطائفي هي "رسالة للدولة لها دلالاتها الواضحة".