أحدث الأخبار
قال ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر إنه "متفائل جدا" بخصوص وضع النساء، وإن تعامل الدولة المصرية مع قضاياهن يشهد نشاطا غير مسبوق.
وأضاف د.مجدي خالد، في مقابلة مع أصوات مصرية، "تجاوزنا مرحلة التغطية على الأمور والادعاء بأنه لا توجد لدينا مشكلة في التحرش أو الختان وغيره، وأصبح لدينا استراتيجيات قومية لمكافحة أشكال العنف المختلفة التي تعاني منها المرأة".
وتأسس مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان عام 1972، وكانت مصر من أوائل الدول التي وقعت اتفاقا مع الصندوق لبدء الأنشطة السكانية.
* العنف ضد المرأة يكلف مصر مليارات
وحذر ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان من أن الدولة تخسر مليارات الجنيهات سنويا نتيجة للعنف الممارس ضد المرأة، قائلا "تكلفة العنف لا تقتصر على الإيذاء النفسي والجسدي وإنما تؤثر سلبا على الاقتصاد".
وأضاف أن "الدولة تتكلف مصاريف إجراءات التقاضي والعلاج والبحث عن مسكن بديل وغيرها من فواتير العنف ضد النساء، في وقت نحتاج فيه تكريس كل الجهود للقضاء على الفقر".
وقدرت تكلفة العنف ضد المرأة على يد الزوج أو الخطيب في العام الواحد 6.15 مليار جنيه، بحسب مسح التكلفة الاقتصادية للعنف لعام 2015 الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والمجلس القومي للمرأة.
* ختان الإناث أشد أنواع العنف
وقال خالد إن ختان الإناث أحد أشد أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة في مصر، والتي تعد واحدة من أكثر الدول التي ينتشر فيها الختان عالميا.
ووفقا للمسح الصحي للسكان لعام 2014، فإن 92% من النساء المتزوجات أو من سبق لهن الزواج وتتراوح أعمارهن بين 15 إلى 49 عاما تعرضن للختان.
وانخفضت النسبة في الشريحة العمرية (15-17 عاما) من 74% عام 2008 إلى 61% عام 2014.
واعتبر ممثل صندوق الأمم المتحدة التراجع في النسبة بأنه "نتيجة لجهود سنوات طويلة من التوعية"، و"مؤشر لحدوث تغيير بطيء".
وأشار إلى أن الصندوق لديه برنامج لمكافحة الختان بالاشتراك مع المجلس القومي للسكان ووزارة الصحة، يستهدف توعية المجتمعات البسيطة في قرى الصعيد والوجه البحري.
وقال "نعمل على محاربة ظاهرة "تطبيب الختان" (إجرائه من قبل أطباء)، وندرس مع الجهات المعنية تغليظ عقوبة الختان للقضاء على الظاهرة".
وأظهر المسح الصحي للسكان لعام 2014 أن 74% ممن يجرون عملية الختان أطباء.
وأشار خالد إلى أن من النتائج الإيجابية التي حققها الصندوق، إقناع عدد من النساء اللاتي خضعن للختان بأضراره على المستوى الصحي والنفسي والعمل كذلك على توعية مجتمعاتهن بالتوقف عن إجرائه.
وخلال عام 2015، وصل الصندوق والجهات المعاونة له إلى 2260 طالبا، من بينهم 1335 فتاة في الفئة العمرية من 8 إلى 12 عاما، بالإضافة إلى 46 معلما في 34 مدرسة بالصعيد والقاهرة الكبرى وتم توعيتهم بخطورة الختان.
وقدم الصندوق بالتعاون مع فريق "نون" المسرحي 57 عرضا مسرحيا في الشارع حول الختان في 7 محافظات، بالإضافة لعمل ورش عمل شملت 600 طفل لتدريبهم على أداء عروض مسرحية وغنائية لإقناع أسرهم وأفراد مجتمهم بما يخلفه الختان من تأثيرات سلبية عليهم.
وقال خالد "نحن أمام ظاهرة متغلغلة في أعماق شريحة كبرى من المجتمع رغم فتاوى تحريمها، وما ينتج عنها من وفيات للفتيات، والقضاء عليها يحتاج إلى سنوات طويلة من العمل".
ويبلغ تمويل صندوق الأمم المتحدة للسكان بمصر 2 مليون و800 ألف دولار، بحسب الأرقام المعلنة على موقعه الرسمي.
وأشار خالد إلى أن الرقم يتغير سنويا، قائلا "نعتمد على تحريك التمويل من جهات أخرى أكثر من اعتمادنا على التمويل القادم من المكتب المركزي من خلال شراكتنا مع كثير من الجهات المانحة والسفارات".
* الزواج المبكر جريمة تنتج عدة جرائم
وتطرق ممثل صندوق الأمم المتحدة إلى ظاهرة الزواج المبكر وما ينتج عنها من مخاطر صحية قد تعرض الفتاة إلى الوفاة في حالة الحمل والولادة تحت سن 18 عاما.
وقال خالد إن "تزويج الفتيات تحت السن القانوني جريمة تجر خلفها عدة جرائم حيث يتواطىء المأذون مع الأسرة لتزوير سن الفتاة، وقد يحدث بموجب زواج عرفي".
وأضاف أن "المجتمع بحاجة للتوعية بهذه الجرائم على المستوى الإنساني والقانوني، ونعمل مع الجهات الرسمية لإعمال القوانين وتفعيلها ومعالجة الثغرات الموجودة بها بالإضافة إلى توعية الأهالي".
* تنظيم الأسرة السبيل للاستفادة من "الهبة الديموجرافية"
وأشار إلى أن الصحة الإنجابية للمرأة من أهم برامج الصندوق، قائلا "تنظيم الأسرة يحقق للمرأة حرية الاختيار ويحافظ على صحتها ويسمح لها بالمشاركة في المجتمع، وكذلك الاعتناء بصحة مولودها ويسمح للأسر بتوفير تربية وتعليم جيد للأبناء".
وتابع "نعمل مع وزارة الصحة لتوفير خدمات تنظيم الأسرة للجميع، وقد ثبت عالميا أن تنظيم الأسرة يقلل وفيات الأمهات بمعدل 30%".
وأشار إلى أهمية وجود برامج قومية لتنظيم الأسرة مع مرور مصر بمرحلة تحول ديموجرافي لا تتكرر كثيرا في تاريخ الدول، قائلا "نتيجة سنوات طويلة من الخصوبة العالية وارتفاع معدلات المواليد أصبحت التركيبة السكانية يغلب عليها الشباب -ويشكلون أكثر من 60% وفقا للإحصائيات الرسمية- وهم الفئة المنتجة وإذا اهتمت الدولة بتعليمهم وتأهيلهم بشكل جيد لسوق العمل يمكنها أن تحقق طفرة اقتصادية وتستفيد من هذه الهبة أو المنحة الديموجرافية".
وأضاف "في جانب مواز، يجب أن يتم العمل على خفض أعداد المواليد لتصبح الشريحة المنتجة أكبر من الشريحة التي يتم إعالتها وهي الشريحة العمرية أقل من 18 عاما وإلا ستمر هذه الفرصة دون الاستفادة منه".
* تضخم معدلات الولادة القيصرية "خلل في المنظومة"
وحذر ممثل الصندوق من تضخم معدل الولادات القيصرية في مصر، مشيرا إلى أن المسح الصحي لعام 2008 أظهر وصول المعدل إلى 52%، قائلا "وصولنا إلى هذا الرقم المرتفع يؤكد وجود خلل في المنظومة الطبية والمعدل الطبيعي يتراوح من 10 إلى 15% كحد أقصى".
وأضاف أن "الفطرة هي الولادة الطبيعية وتجرى القيصرية لدواع طبية تمنع الأم من الولادة بشكل طبيعي، لكن الوضع أصبح معكوسا في مصر وتحول الاستثناء إلى قاعدة".
وتابع أن "كثير من السيدات يعتقدن أن الولادة الطبيعية تشكل خطورة على حياتهن وأن القيصرية آمن على صحتهن وصحة المولود، رغم أن الدراسات الطبية أثبتت أن الولادة القيصرية لم تؤد إلى خفض معدل وفيات الأمهات وبالتالي ارتفاع المعدل بهذا الشكل غير مبرر، ومن هنا تتضح الحاجة لضرورة وجود برامج توعية خاصة بالصحة الإنجابية".
وأشار إلى قيام الصندوق بعمل دراسة بالتعاون مع وزارة الصحة عن أسباب وتداعيات ارتفاع معدل الولادات القيصرية سيتم إعلان نتائجها في أغسطس المقبل.
وقال إن مؤشرات النتائج تقول إن التكلفة الاقتصادية للولادة القيصرية تبلغ نحو ضعف تكلفة الولادة الطبيعية، ويجب أن يكون هناك إجراءات ترشيدية داخل المستشفيات الحكومية أو الخاصة لخفض المعدل.
وأضاف "لدينا شك أن من أسباب انتشار القيصرية أن الأطباء الخريجين لا يروا كثير من حالات الولادة الطبيعية بما يكفي ليتدربوا عليها وتعلموا الولادة القيصرية الأسهل بالنسبة للطبيب وهو ما يجعل المشكلة مركبة".
* حملات التوعية تؤتي ثمارها
وعن نتائج حملات التوعية الإعلامية التي أطلقها الصندوق بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة خلال شهر رمضان المنصرف، تحت عنوان (التاء المربوطة سر قوتك)، قال د.مجدي خالد "لاحظنا انخفاض معدلات التحرش في العيد عن الأعوام السابقة نتيجة لإلقاء الضوء على الظاهرة من خلال الحملة وحث المجتمع على التعامل الإيجابي معها".
وأضاف "بشكل عام نتيجة لمثل هذه الحملات والجهود المبذلة من الجهات المختلفة، أصبحت الفتيات والنساء أكثر وعيا بحقوقهن وأكثر استعداد للإفصاح عن تعرضهن للعنف وكذلك زادت درجة الوعي داخل كثير من الأسر في عدم الضغط على فتياتهن للصمت خوفا من الفضيحة".
* أوضاع النساء عقب ثورات الربيع العربي
وأشار خالد إلى أن وضع المرأة في مصر أفضل من كثير من الدول العربية، وكذلك في تونس التي أخذت خطوات متقدمة فيما يخص تحسين أوضاع النساء.
وقال ممثل صندوق الأمم المتحدة إن "النساء في الدول المجاورة تعرضن للكثير في أعقاب ثورات الربيع العربي، كالنزوح والهجرة والعنف والاغتصاب والزواج المبكر وقلة حصتهن من الخدمات الطبية والتعليمية وغيرها من الانتهاكات".