أحدث الأخبار
اعتبرت مجلة الإيكونوميست البريطانية أن قرض الصندوق يمثل "فرصة لوضع مصر على مسار مختلف"، إذا ما قام الرئيس عبد الفتاح السيسي فعليا بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي اتفقت عليها الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض.
وأشارت المجلة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني تحت عنوان "مصر تتوصل لاتفاق مع الصندوق.. الآن عليه أن ينفذ" إلى أن هناك مشكلات عديدة تعوق انطلاق الاقتصاد المصري، منها الروتين الحكومي وانتشار الفساد، وما يواجهه الشباب البطالة ومن عدم إتاحة الأموال لمشروعاتهم.
وأضافت الإيكونوميست أنه في ظل تلك التحديات التي تحتاج لخطوات لمواجهتها "قام السيد السيسي بجعل الأمور أسوأ عبر سحق المجتمع المدني، وتهميش الإصلاح، والتركيز على المشروعات القومية التي تدعم صورته وتضيف القليل للاقتصاد".
الحكومات المصرية تحت حكم السيسي تعهدت بحزمة من الإصلاحات لكنها لم تلتزم بتطبيقها
وتحدثت الإيكونوميست عن ما يواجهه الشباب في مصر من معدلات بطالة مرتفعة تجاوزت نحو 40% من قوة العمل، واحباطات تعرقل أفكارهم الخلاقة، بالإضافة إلى "ميل الحكومة لحبس الشباب الذين يتكلمون ويعبرون عن أفكارهم".
واستقبل مجلس الوزراء مطلع هذا الشهر بعثة من صندوق النقد الدولي للتفاوض على قرض بقيمة 12 مليار دولار، ترى الحكومة أنه سيساعد في سد الفجوة التمويلية، ومساندة برنامجها للإصلاح الاقتصادي، والذي يشمل إعادة هيكلة الدعم والتحول لضريبة القيمة المضافة وإعادة هيكلة الجهاز الحكومي عبر قانون الخدمة المدنية.
وأشارت الإيكونوميست إلى أن الحكومات المصرية تحت حكم السيسي تعهدت منذ 2014 بحزمة من الإصلاحات لكنها لم تلتزم بتطبيقها كلها، وهو ما استدعى طرحها لتساؤلات حول ما إذا كان السيسي سيسعى فعلا لاستغلال فرصة الإصلاح التي تأتي هذه المرة عبر اتفاقه مع الصندوق بشكل أكثر جدية.
وفي هذا السياق قالت المجلة البريطانية إن الحكومة تبنت في 2014 خطة لإنهاء دعم الوقود، ولكن تم تعليق تطبيق تلك الخطة خلال العام الماضي، بالإضافة إلى أنها قامت برفع معدلات الضرائب، ثم عادت بسرعة لتخفضها.
السيسي جعل الأمور اسوأ عبر سحق المجتمع المدني، وتهميش الإصلاح، والتركيز على المشروعات التي تدعم صورته
كما لم تنجح الحكومة في إصلاح البيروقراطية التي تعرقل الاستثمارات، والتي يتوقع الصندوق من الحكومة أن تحقق إنجازات بخصوصها، كما يقول التقرير.
وكانت الحكومة قد قامت بزيادة أسعار الوقود في بداية العام المالي 2014-2015، ضمن خطة لإنهاء هذا الدعم نهائيا خلال خمس سنوات، ولكنها لم ترفع أسعاره في العام المالي التالي، وقال رئيس الوزراء شريف إسماعيل في ديسمبر 2015 إن الحكومة لن تنه الدعم نهائيا خلال تلك الفترة، ولكن ستكتفي بتخفيضه إلى 30% من قيمته، وذلك بفضل التراجع القوي في أسعار النفط عالميا والذي بدأ من الشهور الأخيرة في 2014.
كما أعلن وزير المالية السابق هاني قدري عن ضريبة دخل مؤقتة مدتها ثلاثة سنوات على من تزيد دخولهم السنوية على مليون جنيه، وضريبة على بيع الأوراق المالية في البورصة، لكن تم إلغاء الأولى وتجميد الثانية تحت ضغوط المستثمرين.
وأشارت الإيكونوميست في تقريرها إلى أن التحول من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة وإصلاح القطاع الحكومي عبر قانون الخدمة المدنية يعدان من أبرز الإصلاحات الاقتصادية التي يتوقعها صندوق النقد من مصر.
ويناقش البرلمان حاليا الصيغة النهائية لمشروع قانون ضريبة القيمة المضافة الذي تراهن عليه الحكومة لزيادة إيراداتها وكبح عجز الموازنة.
ووفقا لمشروع القانون، ستُخضع الحكومة بنودا جديدة لضريبة القيمة المضافة كانت معفاة في قانون ضريبة المبيعات المطبق حاليا، مثل خدمات المدارس والجامعات الدولية، وفي المقابل، ستعفي الحكومة سلعا تخضع للضرائب حاليا مثل الشاي والسكر.
وأضافت الإيكونوميست أن صندوق النقد يتحدث أيضا "عن التحول إلى سعر صرف مرن وهي طريقة مهذبة للقول بأن على مصر أن تعوم العملة".
ويواجه البنك المركزي تحديات اتساع الفجوة بين سعري العملة الأمريكية في السوق الرسمية والموازية، بعد محاولات منه لتقريب السعرين في مارس الماضي، بتخفيض قيمة الجنيه بنحو 14% ليصل سعر الدولار في البنوك إلى 8.78، لكن سرعان ما ارتفع سعر العملة الأمريكية في السوق السوداء ليتجاوز حاليا 11 جنيه.
واعتبرت الإيكونوميست أن "المسؤولين المصريين يتخوفون من أن بعض الإصلاحات قد تزيد من التضخم الذي تفوق نسبته بالفعل 10%، مما يقود إلى حالة من عدم الاستقرار".ولكن التقرير يقول إن "هناك حاجة لإجراءات أكثر شجاعة"، ويطرح تساؤلات حول قدرة الرئيس على اغتنام تلك الفرصة التي أتيحت له لتحويل أوضاع الاقتصاد لمسار افضل.