جلود الأضاحي: الجميع "يشتغلونها".. حكومة وجمعيات وأفرادا

الإثنين 12-09-2016 PM 12:02

ذبح الأضاحي أول أيام العيد - أصوات مصرية

تتسلط الأضواء على لحوم الأضاحي في عيد الأضحى، من حيث الذبح والتقطيع والتوزيع، لكن بعيدا عن الأضواء هناك أفراد ومؤسسات حكومية وأهلية لا يشغلها من الذبيحة سوى جلودها التي تشكل حوالي 15 في المئة من إجمالي إنتاج مصر السنوي من الجلود.

دائرة الاهتمام تبدأ من وزارة الأوقاف، مرورا بالجزارين والجمعيات الخيرية والأهلية، وعلى رأسها جمعية رسالة، وانتهاء بمؤسسات حكومية أخرى.. الجميع ينشغل بتحويل حصيلة الجلود إلى أوجه استفادة قد تكون سيارات إسعاف أو علاجا لمرضى الفيروس الكبدي أو زيجات لشبان من غير القادرين.

وينظر مسئولون لمدى نجاح وزارة الأوقاف في جمع جلود الأضاحي على أنه اختبار لمدى الثقة في مؤسسات الدولة وقطع للطريق على جماعات كانت تستغل حصيلة هذه العملية لخدمة أغراض سياسية.

فالجلود لطبيعتها وما تخلفه من فوضى، يسارع المضحي إلى التخلص منها، أيضاً لا يجوز له بيع جلد أضحيته، لأنها بالذبح وفقا للشريعة الاسلامية، تعينت لله بجميع أجزائها، وما تعيّن لله لم يجز أخذ العوض عنه، ولهذا لا يعطي الجزار منها شيئا على سبيل الأجرة، ما يجعلها هدفاً لمؤسسات الدولة والجمعيات للاكتساب منها والانتفاع من ورائها إلى حد تدشين بعضهم لحملات إعلانية وبيانات رسمية لجمعها.

ويزيد من أهمية الجلود ما تمثله وما تضفيه من قيمة، حيث تؤكد دراسة أعدتها غرفة صناعة الجلود، أن جلود الأضاحي تمثل 15% من إجمالى إنتاج مصر السنوي من الجلود والذى يصل إلى 7 ملايين قطعة مشيرة إلى تصدير 80% من الإنتاج مدبوغًا إلى الخارج فيما يتم تصنيع 20% منه محليا.

الدولة أول الجامعين

في الوقت الذي أرسلت فيه وزارة التنمية المحلية، "فاكس" لجميع المحافظات تطالبهم بجمع جلود الأضاحي، أصدر رؤوساء مجالس المدن بيانات، طالبوا من خلالها الأهالى بالالتزام بترك الجلود الخاصة، على أن تجمع بالساحات التي تقام فيها صلاة العيد ومراكز الشباب والوحدات المحلية والجمعيات الزراعية ويسلم المتبرع إيصالاً بذلك.

وتبرر الدولة خططها الممنهجة في جمع جلود الأضاحي، وفقا لما صرَّح به الدكتور أيمن عبد المنعم محافظ سوهاج، بأن عائد الجلود سيوزع على مرضي فيروس "سي" بالتنسيق بين مديرية الأوقاف والصحة.

ويقول السيد إمام، رئيس مركز المعلومات بوزارة التنمية المحلية، إن للوزارة في الأعياد طقوسا، حيث ترسل إلى جميع المحافظات تخبرهم بجمع الجلود يوم العيد" وبدورها ترسل المحافظات الى كل مجلس مدينة، وترسل هي الاخرى الى الوحدات المحلية لجمعها."

ويعلل السيد إمام اتباع التنمية المحلية لتلك الطريقة بقوله "علشان جمعيات الإخوان متلمش الأضاحي وياخدوا فلوسها، الإخوان عددهم 6 ملايين ومش كلهم في السجون".

ويقول تامر مصطفى أبو هشيمة، رئيس الوحدة المحلية ببرنشت بالجيزة، "نستعد لجمع جلود الأضاحي بتخصيص مكان على جانب الوحدة المحلية، ونقوم بتنبيه أهالي القرية بجمعنا للجلود، وبدورهم يأتون بها إلينا، أيضا نتعاون مع الجمعيات الأهلية في تجميعها، وبعد الانتهاء من تجميعها أول يوم العيد، نذهب بها إلى مجلس المدينة الذي تتبعه القرية، وبدوره يقيم مزادا علنيا لبيعها، عن طريق إدارة العقود والمشتريات، وتورد لحساب المحافظة."

جباية دون دعاية

أكد الأزهر الشريف في فتوى له، أن جمع جلود الأضاحي من أصحابها، والتصدق بها والتبرع في الأغراض غير المخالفة للشريعة أمر جائز شرعا.

باب كبير فتحته تلك الفتوى على مصراعيه، وبفضله تستطيع وزارة الأوقاف منذ سنوات تلقي تبرعات المضحين بجلود الأضاحي. وأعلن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عبر مؤتمر بث من مقر الوزارة، أواخر أغسطس الماضي، أن جزءاً كبيراً من لحوم وجلود الأضاحي كانت تصل إلى الجماعات المتطرفة، والتي كانت توزعها بطريقتها وحسب أهوائها لخدمة أغراضها السياسية، موضحاً أن جلود الأضاحي سيتم بها شراء سيارات إسعاف تستهدف القرى والمناطق الأكثر فقراً في نموذج سيتم تعميمه من خلال بطاقات التموين في توزيع اللحوم والبطاطين وشنط رمضان والمدارس.

ولفت وزير الأوقاف إلى أن جمع الأضاحي والصدقات بطريقة سليمة يمكن له أن يحل أزمة الفقر والعمل التطوعي، حيث إن الأمل في المدى القريب يتعلق بتنظيم جمع الزكاة والصدقات وتوزيع شنط مدارس وعلى المدى البعيد بتوفير رواتب ثابتة للفقراء، ووقف توظيف الجماعات المتطرفة للصدقات في الانتخابات والأغراض السياسية لتحقيق أهداف تنظيمية، مؤكداً أن وزارتي الأوقاف والتموين سوف تصدران بياناً بالمستجدات كل أسبوعين.

من جانبه، قال جابر طايع وكيل وزارة الأوقاف، إنه من خلال جلود أضاحي العيد الماضي قامت الوزارة بشراء ست سيارات إسعاف، أهديت لوزارة الصحة وتبقى مليون وربع المليون جنيه أعطيت كإسهام من الوزارة لمرضى فيروس سي.

وأضاف "نستهدف جمعها في جميع المحافظات ونسقنا مع المديريات الإقليمية لجمعها وبيعها وموافتنا بأثمانها وسنفعل مثلما فعلنا العام الماضي."

وفَرَّق جابر طايع بين ما تفعله الأوقاف وبين الجمعيات الأهلية التي تعتمد على الدعاية التلفزيونية وغيرها، قائلا "لم نعد إعلانا أو يافطة كغيرنا، ورغم ذلك جمعنا ما قيمته 13 مليون جنيه قابلة للتصاعد إلى 15 مليونا خلال 20 يوما لصكوك الأضاحي، ونفعل ذلك مع جلود الأضاحي، هذه دلالة واضحة على ثقة الناس في المؤسسات الحكومية". 

"رسالة" وجلود الأضاحي 

دشنت جمعية "رسالة" الخيرية، حملة لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي داعية المضحين إلى التبرع لأنشطتها بجلود الأضاحي، وتسهيلاً وضعت أرقام هواتف، يستطيع المضحي من خلالها حيثما كان طلب حضور مندوب لأخذ الجلد.

بدوره رفض محمد جلال مسؤول حملة رسالة لجمع جلود الأضاحي، الإدلاء بأي تصريح خاص باستعدادت الجمع والأنشطة الخيرية التي يصب فيها عائد الجلود.

على خطى جمعية رسالة، سارت كثير من الجمعيات الخيرية، منها جمعية تنمية المجتمع المحلي، بتدشينها حملة على موقع التواصل الشهير "فيس بوك".

يقول حسام عبد الودود حسن مدير حملة جمع الجلود بالجمعية "بين جمعيتنا وبين رابطة اتحاد الشباب تنسيق، للقيام بأنشطة عدة من بينها جمع جلود الأضاحي، لتجهيز غير القادرين على الزواج" وأضاف "في العام الماضي قمنا بتجهيز ثماني حالات من غير القادرين، جهازا كاملا من أجهزة كهربائية وغيرها."

وتابع حسام أن جمع الجلود لدعم هذا النشاط وغيره يكون بإيصال مختوم من وزارة التضامن الاجتماعي.

الجلود مقابل الذبح

أحيانا يقوم الجزارون بالاتفاق مع صاحب الأضحية على أخذ الجلود بديلاً عن ثمن الذبح أو كجزء منه، وبيعها بأسعار مرتفعة من أجل الكسب المادي، لينضم الجزار هو الآخر إلى طائفة المنتفعين من جلود الأضاحي.

عمر مجدي محمد، جزار في عين شمس، يقول "أحياناً يترك لنا المضحي جلود الأضاحي كرماً، وأحياناً تكون جزءاً من حساب النحر، فغالباً لا يستطيع المضحي التصرف في الأضحية فيتركها لنا، وأحيانا يتبرعون بها لجمعية".

وعن أسعار الجلود قال عمر "سعر فرو الخروف 15 جنيهاً، بينما يبدأ الجلد الجاموسي من 80 حتى 150 جنيها، أما البقري فسعره يرتفع إلى 300، على حسب النوع وجودة الجلد والحجم".

وقال الحاج شوشة الجزار بالمهندسين، إن الغالبية العظمى من المضحين، يتبرعون بجلود أضاحيهم إلى الجمعيات الخيرية وغالباً ما تكون لجمعية رسالة، مشيرا إلى أنه لا يُفضل أخذ ثمن نحره للأضاحي جلوداً لصعوبة التعامل معها. 

تعليقات الفيسبوك