أحدث الأخبار
انطلقت عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" دعوة لحشد المواطنين للتظاهر احتجاجا على الغلاء واتخذت الدعوة طريقها للانتشار رغم الإجراءات الاحترازية التي تتخذها أجهزة الدولة حيالها، ولكن تبرؤ معظم القوى السياسية والثورية منها، جعلها لا تزال تبحث عن ظهير شعبي على الأرض.
11/11 هو اليوم الذي اختاره الدعاة لما سموه بـ"ثورة الغلابة" لحشد المواطنين للتظاهر ضد الغلاء، لا سيما بعد وقوع عدة أزمات اقتصادية تصدرها ارتفاع سعر الدولار وتراجع السياحة وعدم توافر سلع غذائية في الأسواق.
وشهد المجتمع المصري خلال السنوات الثلاث الماضية جملة تحولات سياسية وأمنية حالت دون احتشاد وتظاهر المواطنين في الميادين -باستثناءات قليلة- عقب انتشار أعمال عنف في القاهرة وشمال سيناء ومحافظات أخرى تزامنت مع عزل الجيش للرئيس الأسبق محمد مرسي من حكم البلاد في عام 2013.
* ضربات استباقية
وتتخذ الأجهزة الأمنية إجراءات استباقية لإجهاض الدعوة للتظاهر من خلال تحذير المواطنين من الاستجابة للنزول إلى الميادين والتعرض للممتلكات والمنشآت العامة.
كما ألقت قوات الأمن القبض على عدد من الأفراد، واتهمتهم التحقيقات بـ"التحريض ضد النظام، والدعوة لقلب نظام الحكم، واستغلال ارتفاع أسعار بعض السلع لتأجيج مشاعر المواطنين لتحريضهم على التظاهر".
واعتبرت معظم وسائل الإعلام الاستجابة للتظاهر يوم 11/11 دعوة "لتخريب البلاد وتنفيذ أجندات خارجية لقلب نظام الحكم"، لا سيما في ظل تنامي الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
ورغم حصولها على جزء من الاهتمام الإعلامي والأمني في البلاد، إلا أن الدعوة للاحتشاد والتظاهر يوم 11 نوفمبر المقبل لا تزال حبيسة الفضاء الافتراضي ولم تجد لها موطيء قدم على الأرض.
* نازل ولا متنازل
لم تتخذ الدعوة للتظاهر يوم 11/11 شعارا مختلفا عن الذي اتخذته دعوات احتجاجية سابقة عقب ثورة يناير 2011، فقد اختارت الشعار الأشهر "نازل ولا متنازل" تحت عنوان "ثورة الغلابة"، في إشارة لاقتصار الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية وعدم تطرقها لمطالب سياسية.
ورغم أن الدعوة انطلقت على صفحات موقع "فيس بوك"، لكنها لم تلق قبولا بين جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، كما لم يكن لها صفحة رئيسية معبرة عنها أو محددة لمطالبها بل عدة صفحات أكبر عدد لمتابعيها 17 ألفا.
وتوقع محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، ضعف استجابة المشاركة في تظاهرات ضد ارتفاع الأسعار، رغم تدني الأوضاع الاقتصادية وعدم الرقابة على الأسواق وغلاء الأسعار.
وأضاف العسقلاني، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، أن الظروف الاقتصادية الطاحنة ستحول دون المشاركة الشعبية خوفا من وصول الحال إلى أسوأ مما هو عليه حاليا بسبب التوترات والنزاعات السياسية الإقليمية.
وأشاد العسقلاني بقرار الحكومة بشأن هامش الربح أو "التسعيرة السقفية" والتي من شأنها أن تلزم التجار بعدم تجاوز سقف سعر محدد سلفا للسلعة، مؤكدا أن القرار قد "يساهم في تبريد الشارع الساخن".
وأصدر مجلس الوزراء خلال الشهر الجاري قرارا بتشكيل لجنة برئاسة شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، لتحديد هامش الربح من المنتجات والسلع الأساسية سواء المحلية أو المستوردة.
* اتهامات متبادلة
ورغم حالة الاستنفار الأمني، اتهم نشطاء سياسيون جهات أمنية بمحاولة الترويج للدعوة لتبرير ما سموه بـ"تزايد حالة القمع والترهيب من الاعتراض على ارتفاع الأسعار".
وقال خبير النظم السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، زياد عقل، إن عدم وجود استجابة جماهيرية لدعوة التظاهر يوم 11/11 يرجع إلى عدم انطلاقها من حركة أو جماعة حقيقية تعمل في مجال العمل العام.
وأشار عقل، في تصريح لأصوات مصرية، إلى أن معظم الحركات والأحزاب السياسية تبرأت من الدعوة ولم يتبنها أحد، مؤكدا أن العمل الجمعي لابد أن يتم من خلال تنظيم وليس عشوائيا.
وأضاف أن الظرف قد يكون مواتيا لوجود تحركات جماهيرية ضد سوء الإدارة الاقتصادية في مصر، لكن المناخ السياسي لا يسمح بالحشد والتعبئة أو التواصل مع الفقراء الذي تستهدفهم الدعوة للتظاهرات.
وعزا خبير النظم السياسية أسباب وجود اتهامات متبادلة بين النشطاء السياسيين والأجهزة الأمنية بشأن الترويج لتظاهرات الغلاء، إلى عدم الثقة في الأخيرة بسبب ما اقترفته الأجهزة الأمنية مؤخرا من تجاوزات وانتهاكات جمة.