أزمة "ورق" تهدد بقاء الصحافة والمكتبات

الثلاثاء 06-12-2016 PM 07:03

إقبال على شراء الأدوات المدرسية بمنطقة الفجالة استعدادا للعام الدراسي، تصوير: علي فهيم - أصوات مصرية

يمر سوق الورق بأزمة كبيرة تسببت في ارتفاعات قياسية في الأسعار، أدت إلى ركود الأسواق، وتأخر طباعة الكتب المدرسية، وتخوفات من تأثر الصحافة الورقية، وإغلاق بعض الصحف.

ونشبت مؤخراً أزمة حادة بين مطابع القطاع الخاص والحكومى وبين وزارة التربية والتعليم، بسبب تكبد المطابع خسائر ضخمة فى مناقصة طباعة الكتاب المدرسي للفصل الدراسي الثاني، نتيجة الارتفاعات القياسية فى أسعار الورق.

كذلك خاطب مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية جميع الصحف لإبلاغها بزيادة أسعار أوراق وخامات الطباعة بنسبة 100%، على خلفية قرارات الحكومة بـ"تعويم الجنيه".

ووفقاً لتصريحات لعمرو جعفر رئيس شعبة الورق بالغرف التجارية، فإن مصر تستهلك قرابة 500 الف طن سنوياً، تنتج منهم محلياً ما بين 200 و220 ألف طن، بينما تستورد من 200 إلى 300 ألف طن تقريباً. "وارتفعت الأسعار بعد تعويم الجنيه من 6500 إلى 12500 جنيه للطن، بنسبة ما يزيد عن 95 في المئة تقريباً، ويبلغ سعر طن الورق المستورد، حوالي 16 ألف جنيه للطن، فيما يبلغ سعر المحلي 13500 جنيه تقريباً.

كذلك أصدر رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، قرارا بتعديل التعريفة الجمركية على مجموعة من السلع والمنتجات المستوردة من الخارج في نوفمبر الماضي، ويقضي القرار بزيادة التعريفة الجمركية على 364 سلعة بنسب تتراوح من 10 % إلى 60 %، من بينهم أقلام الجاف والرصاص، المستخدمة بكثرة في العملية التعليمية.

وفي جولة ميدانية "بمنطقة الفجالة ميدان رمسيس، رصدت "أصوات مصرية" تأثير ارتفاع أسعار الورق على التاجر والمستهلك .

للمستهلك أقوال أخرى

تأثر المستهلك بشكل مباشر بارتفاع أسعار الورق وفي ذلك يقول إبراهيم سيد إبراهيم فني بشركة سيمنز، إن زيادة الأسعار فوق طاقة تحمل الموظف العادي، والذي يمثل غالبية عظمى في هذه الدولة، وبسبب ذلك اشتريت هذا العام نصف ما قمت بشرائه العام الماضي، وأتوقع أن يؤثر ذلك على مستوى أولادي الدراسي، فلم أحضر لهم "اسكتشات" وأنواع من أقلام الرصاص وغيرها من الأدوات المكتبية.

وتابع: من المفترض أن تدعم الحكومة الورق بما أنها تدعم العملية التعليمية، وأخذ خطوات جدية في الإهتمام بعقلية الطالب وصحته وتوفير ما يلزمه للنهوض بمستواه التعليمي.

وانتقدت فتحية محمود ربة منزل الأوضاع قائلة، إن الدولة تتصرف كما لو كان الأمر يخصها وحدها، فيما هناك أقوال أخرى نريد نحن الشعب قولها: لماذا ارتفعت تلك الأسعار بهذا الشكل فيما ظلت الأجور كما هي؟ من أين سأكلف تعليم أربعة أبناء والأسعار بهذا الشكل؟ فالقلم الرصاص زاد سعره الضعف وأكثر وبعدما كنا نشتري الكشكول بـ 150 قرشاً ارتفع سعره إلى ثلاثة جنيهات، وهكذا باقي المستلزمات.

وتستكمل "لي إبن في كلية الهندسة، هل يعلم سيادة الرئيس ما أنفقه عليه سنوياً؟ أناشد الرئيس السيسي التدخل في الأمر، فلم نعد نتحمل حالة الغلاء هذه. هل تضمن لي يا سيادة الرئيس وظيفة يجدها إبني حال تخرجه حتى أتحمل أنا ارتفاع الأسعار بهذا الشكل؟.

الفجالة تستغيث

قال سمير عبد الفتاح بدر صاحب مكتبة الفنون بالفجالة، إن ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض قيمة الجنيه أمامه، تسببت في ارتفاع أسعار الورق بنسبة 140% تقريباً شاملة القيمة المضافة، والقيمة الجمركية، فأصبحت "كرتونة" ورق التصوير "خمسة رُزمة" بسعر 200 جنيه، ومن المتوقع ارتفاع سعرها الى 250، بعدما كان سعرها 90 جنيها، وهي زيادة منطقية نتيجة للظروف الحالية ولا يتعلق بجشع تجار نهائياً.

وعن أثر تلك الزيادة على البائع والمستهلك قال عبد الفتاح، إن لزيادة سعر الورق أثر سلبي على الجميع لانخفاض الإستهلاك خاصة في حالتنا كمصريين، والتي لم يزد فيها الدخل مقابل ارتفاع الأسعار بشكل عام، وترتب عليه ضعف في القوى الشرائية، والذي اضطررنا معه إلى عرض سلع أقل، لا شك أن جميع ما سبق أدى إلى ركود في السوق بشكل عام.

وأضاف عبد الفتاح، في تلك الأوضاع اضطررت -ومكتبتي من أكبر مكاتب الفجالة- الإستغناء عن نصف العمالة تقريباً، ووفقاً لحسابات المكتبة، فقد انخفضت المبيعات بشكل عام لديَّ إلى 80% تقريباً بعد انخفاض قيمة الجنية، وانعكس هذا على السوق وتم القضاء تماماً على نظام الإئتمان، وهو نظام يتعامل فيه التجار بتأجيل الدفع مع التوقيع على كمبيالات وشيكات ووصولات أمانة، إلى أجل مسمى يتم الاتفاق عليه، ما أدى إلى انكماش السوق وركوده بشكل أكبر الأمر الذي يُنذر بكارثة للتجار.

وعن السلع المتأثرة بالكساد التجاري قال عبد الفتاح، إن جميع ما يستلزم صناعة وبيع الورق بداية من الحبل وسيارات النقل مروراً بالكارتون الذي يغلف به وانتهاء بالعمالة كل ذلك تضرر وبشكل كبير. السوق المصري عرضه للإنهيار.

وأشار إلى أن تعامل الحكومة مع التجارة من الأساس تعامل مجحف وتجاهل يخل بمعادلة إقامة اقتصاد قوي، بداية من إغفالها التجارة كمصدر من مصادر الدخل في نصوص دستور 2014، رغم أن التجارة أسهل مصادر الرزق، مضيفا لابد للدولة الاهتمام بالتجارة ودعمها بالقرارات والمال للخروج من تلك الأزمة.

وقال حمدي سعد صاحب مركز للأدوات الكتابية جملة وقطاعي، إن الأسعار اختلفت تماماً عن السابق، حيث كان سعر الكراس 28 ورقة 60 قرشا، وأصبح 150 قرشا، وكان سعر "سكيتش" رسم 7 جنيهات وارتفع ثمنه إلى 17 جنيها، كما ارتفع سعر القلم الجاف من 40 قرشا إلى جنيه، أما "ألأجندات" الخاصة بالتقويم الميلادي، فكان سعرها 6 جنيهات وأصبحت 20 جنيها.

وتابع سعد أن بعض المكتبات القطاعي أخبرني أصحابها أنهم سيغيرون نشاطهم إلى مهن أخرى بسبب الخسارة الفادحة التي لحقت بالسوق."أطالب الرئيس السيسي بالنظر إلى الشعب المصري ومرتباته، لأن ما نجده من ارتفاع رهيب في الأسعار لا نستطيع تحمله".

خسائر صحافية

من الفئات المتضررة والتي تشغل تصريحات المتخصصين بها الساحة الإعلامية في الفترة الحالية هي الصحافة المطبوعة التي تأثرت تأثرا كبيرا بارتفاع أسعار الورق.

قال جمال عبد الرحيم سكرتير عام نقابة الصحفيين، إن ارتفاع أسعار الورق بهذه النسبة من شأنه إغلاق عدد كبير من الصحف الحزبية والخاصة، والحاق خسائر فادحة بالمؤسسات الصحفية القومية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، خاصة وأنها تلقت دعماً بلغ مليار و500 مليون جنيه من الدولة خلال عام ونصف، وهذا قبل ارتفاع أسعار الورق والأحبار، فما بالنا بعد ارتفاعهما.

وتوقع عبد الرحيم أن تغلق بعض الصحف أبوابها، مؤكدا أن نقابة الصحفيين ناقشت الأزمة في اجتماع لها ووجدت أن إغلاق الصحف سيؤدي إلى تشريد مئات من الصحفيين.

وعن الحلول المطروحة من قبل نقابة الصحفيين قال عبد الرحيم، إن دورنا هو مساندة الصحفي لا الصحف، ورغم ذلك وجدنا أن الحل سيكون في صرف الحكومة دعما للمؤسسات الصحفية القومية، يصب في صالح الصحف الخاصة والحزبية التي تطبع في تلك المؤسسات من خلال تثبيت أسعار الطباعة وعدم زيادتها، بالإضافة إلى إنشاء الصحف الحزبية والخاصة لشركة مساهمة لتصنيع الأحبار والورق.

لا أزمة في الكتب المدرسية

قال عمرو خضر رئيس شعبة الورق بالغرف التجارية بالقاهرة، إن أسعار الورق ارتفعت من 6500 جنيه للطن إلى 12500 بنسبة تزيد عن 95 تقريباً، منذ السادس من نوفمبر الماضي، وأن سعر الورق المستورد بلغ 16 ألف جنيه للطن تقريباً، ولازال المحلي أرخص من المستورد بحوالي 3500 جنيه، وكان في السابق يفرق بحوالي 200 جنيه فقط.

وأكد خضر على أنه لا أزمة في طباعة الكتاب المدرسي للترم الثاني كما أشيع، وأن 80% منه سيتم تسليمه في موعده المقرر منتصف ديسمبر الحالي، وبمنتصف يناير القادم ستكون النسبة المتبقية في مخازن وزارة التعليم.

وتوقع خضر زيادة أسعار الورق الفترة المقبلة وفقاً لارتفاع سعر الدولار، حيث أن الزيادة الحالية في أسعار الورق كانت بناء على أن سعر الدولار 16 جنيها، ولكنه ارتفع إلى ما يزيد عن 18 جنيها.

 

تعليقات الفيسبوك