أحدث الأخبار
استنجدت بالشرطة لإنقاذها من أخيها الذي كان يضربها ضربًا مبرحًا، فكان رد ضابط النجدة "أكيد عملتي حاجة تستحقي الضرب عليها".. قصة تتكرر يوميا، ففاطمة محمود هي واحدة من بين 17% من النساء اللاتي تعرضن للعنف البدني الأسري حسب مسح أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
نهى محمد البالغة من العمر 18 أجبرها والدها على الحجاب بسبب رفضه اختلاطها بزملائها من الذكور، وتقول "بابا حابسني في البيت من سنتين ونص لمجرد أنه عرف أني كنت خارجة مع أصحابي ولاد وبنات وقال لكل العيلة، وضربني".
وتضيف "بابا بيعاملني كأني طفلة كل مشاويري ودروسي لازم أروحها مع ماما، ولما أقوله يقولي كل البنات بتمشي مع ماماتها، هو انتي ولد عشان أسيبك تمشي زي ما انتي عايزة".
القانون هو الحل
ما تعرضت له فاطمة محمود ونهى محمد دفع المحامية هبة النمر وأخريات لتدشين حملة "قانون يحمي الفتيات من العنف الأسري"، وهي الحملة التي يتردد صداها بين الحين والآخر مع كل واقعة عنف أسري تتصدر الرأي العام.
وأظهر مسح أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن العنف القائم على النوع الاجتماعي أن 9 من كل 10 نساء تعرضن لعملية ختان، وأن 11% من النساء أجبرن على الزواج، وما يزيد عن ربع النساء تزوجن قبل بلوغهن 18 سنة.
كما أظهرت نتائج المسح تعرض حوالي 18% من النساء لعنف بدني أو جنسي منذ بلوغهن سن 18 عاما من قبل أفراد العائلة أو البيئة المحيطة، و17% ذكرن أنهن تعرضن للعنف البدني، و2% تعرضن للعنف الجنسي، وكان الأب هو المرتكب الرئيسي للعنف البدني ضد المرأة منذ بلوغها سن 18 سنة (50%).
ورغم أن العنف الأسري يعد أحد أكثر الجرائم انتشارًا في المجتمع المصري إلا أنه لا توجد نصوص قانونية تجرمه حتى الآن.
وقبل أيام انطلقت حملة 16 يوما للأنشطة المناهضة للعنف ضد المرأة، التي تبدأ في 25 نوفمبر وتنتهي في 10 ديسمبر.
وقدم المجلس في إطار حملة 16 يوما مسودة قانون يجرم العنف ضد المرأة إلى مجلس الوزراء، ويطالب في بعض بنوده بالنظر في صفة المتهم، إلا أن القانون لم يذكر العنف الأسري بشكل واضح، رغم محاولات ومطالبات عديدة بوضع قانون محدد وخاص بالعنف الأسري تجاه النساء.
دور رعاية المعنفات
وتقول انتصار السعيد مدير مركز القاهرة للتنمية، لـ"أصوات مصرية"، "كل الإحصائيات اللي بتوضح العنف الأسري تظل بعيدة عن الواقع لأن الناس لسه بتخاف تتكلم عنه بصراحة، كونه بيحصل داخل الأسرة".
المحامية هبة النمر، إحدى القائمات على حملة "قانون يحمي الفتيات من العنف الأسري" قالت لأصوات مصرية إن فكرة تدشين حملة تدعو لوضع قانون جاءت مع تزايد شكاوى الفتيات من حالات الاعتداء عليهن سواء بالضرب أو التعنيف أو الحبس أو غيره.
وأوضحت أن الوضع القانوني في مصر سيء للغاية تجاه حماية الفتيات من العنف الممارس ضدهن من أقربائهن، مؤكدة "لا نحتاج إلى قانون فقط، ولكن نحتاج إلى العديد من الإجراءات لحماية الفتيات من تكرار العنف ضدهن".
وطالبت بضرورة توفير دور لرعاية الفتيات اللاتي تعرضن للعنف، وإعادة تأهيلهن بعيدًا عن المنزل، وأيضًا إجراءات تضمن لهن الاستقلال المادي حتى لا يتم ابتزازهن ماديَا ويتحملن العنف من أجل المال.
أما إسراء سراج الدين الحقوقية بمركز عدالة للحقوق والحريات فترى أن البنات بدأن في رفع أصواتهن ضد العنف الأسري، لكن كل ما يحدث مجرد مبادرات شخصية غير كافية، والدولة لم تتخذ خطوات جادة نحو القانون.
رحلة المطالبة بقانون
تعود رحلة البحث عن قانون لتجريم العنف الأسري تجاه الفتيات داخل المنزل إلي عام 2005، حين بدأ مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف حملة من أجل قانون لحماية النساء من العنف داخل الأسرة، شارك في هذه الحملة عدد من المنظمات الحقوقية، وعقدت حلقات نقاش في أغلب محافظات مصر، وانتهت بإيداع مسودة لمشروع القانون في لجنة المقترحات والشكاوى الخاصة ببرلمان 2010 الذي انحل عقب ثورة يناير 2011، وسقط بانحلاله كل مشروعات ومقترحات القوانين المقدمة إليه.
وكان مشروع قانون مركز النديم يطالب بالحد من ظاهرة العنف الذي تتعرض له المرأة داخل الأسرة، واعتباره جريمة يعاقب عليها القانون، كما كان يطالب بتوفير أقصى حماية ممكنة للنساء ضحايا العنف الأسري بكل أشكاله ووضع تدابير وقائية وخدمات عاجلة للنساء الناجيات من العنف الأسري.
وفي عام 2012 أعاد المركز حملته من جديد بصحبة عدد من المنظمات الحقوقية لاعتماد القانون، إلا أن قرار المحكمة الدستورية بحل برلمان 2012 الذي كان يسيطر عليه الإخوان وقتها أوقف المقترح من جديد.
وجاء المشروع الذي تقدم به المجلس القومي للمرأة لمجلس الوزراء قبل أيام، ويتكون من خمسة أبواب و40 مادة.
وبحسب الورقة الإيضاحية للقانون، التي حصلت عليها أصوات مصرية، فإن القانون يهدف إلي حماية المرأة من كل أشكال العنف، التي تتعرض لها وكفالة السُبل الاجتماعية والقانونية لحماية المرأة ضحية العنف وبصفة خاصة الحرمان من الميراث، وتزويج الأنثى على غير إرادتها، والحرمان من العمل والإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في محيط العمل.
كما يهدف القانون إلي إعادة تأهيل المرأة التي تعرضت للعنف، وتعويضها، مع اهتمام واضحِ بوضع الشهود والخبراء والفنيين وضمان المحافظة على الأدلة واستخدام التقنيات الحديثة في الإثبات.
وانتقدت الناشطة النسوية شيماء طنطاوي بعض ما جاء في قانون المجلس القومي للمرأة، قائلة "العقوبات المتمثلة في خدمة المجتمع غير رادعة ولن توقف العنف تجاه المرأة".
* الأسماء المستخدمة لحالات العنف أسماء مستعارة لحماية هوية الشخصيات الحقيقية.