أحدث الأخبار
منذ آلاف السنوات صاغ قدماء المصريين نظاما اقتصاديا متطورا، وهو أساس العديد من الممارسات الاقتصادية المتبعة اليوم، ولكن هل كان هذا النظام عادلا؟
"إذا كنت تعتقد أن الضرائب المفروضة عليك باهظة، فعليك أن تلقى نظرة على التزامات أجدادك الفراعنة في الماضي"، تقول ناتاليا كليمكزاك، المؤرخة والكاتبة، في مقالها على موقع إنشنت أوريجنز (أصول الحضارات القديمة)، والمهتم بتقييم التاريخ وفقا لمعايير الحاضر، وبطريقة مناسبة للأجيال الجديدة.
تقول المؤرخة إن الاقتصاد المصري كان ينمو بشكل جيد، بإدارة جيدة من البيروقراطيين المصريين، وكان الفرعون يرأس النظام القانوني، ويدعمه مجموعة من النبلاء والمسؤولين.
كان معظم الدخل في مصر القديمة يأتي من قطاع الزراعة، ولكن كان للقطاع التجاري دوراً هاما أيضا في الميزانية، حيث سمح نهر النيل بازدهار تجارة البضائع في جميع أنحاء البلاد عن طريق السفن، كما ساهم الإنتاج الزراعي الوفير في تصدير الغذاء للخارج.
وأرسلت بعثات التعدين إلى سيناء واستخرجوا المرمر، والكوارتز، والنحاس، والذهب.
وصدر الفراعنة هذه المنتجات إلى مناطق كثيرة وصلت إلى أفغانستان في الشرق وشمال أوروبا شمالا.
وكان نظام الدفع داخليا "للعاملين" يعتمد على المقايضة، حيث كان يتم توظيف الناس مقابل الطعام والمشروبات وغيرها من السلع، كما كانت تتم التجارة بينهم عن طريق تبادل البضائع، خاصة الحيوانات مثل الأغنام.
ومع مرور الوقت، بدأ الفراعنة في استخدام قطع الذهب كنقود، ولكن في المعاملات الخارجية، والغريب أن الفضة كانت أغلى من الذهب في مصر، على عكس بلاد ما وراء النهرين، حيث كان الذهب أغلى.
وتشير الرسومات على المعابد إلى صور رجال يقومون بوزن خواتم كبيرة من الذهب، الذي تم اكتشافه في طيبة.
وتم اختراع "الديبين" وهي عملة مصرية تزن ثلاث أوقيات، كانت قيمتها تساوي كيسا من القمح، وكان ثمن البقرة حوالي خمسين "ديبين".
أما فيما يخص الضرائب، فتظهر النقوش الفرعونية، أن مينا نارمر موحد القطرين، هو أول من فرض الضرائب، أي أن تاريخ مصر مرتبط بتاريخ الضرائب.
وكانت الضرائب مرتفعة للغاية في عهد الفراعنة، وكان النظام سيئا للغاية للجميع باستثناء رجال البلاط الحاكم، كما يشير المقال.
يقول التقرير المنشور على إنشنت أوريجنز، إن وظيفة جابي الضرائب كانت واحدة من أكثر الوظائف وحشية، حيث كان عقاب المتهربين من الدفع قاسيا للغاية، فإذا تعثر الفلاحون الفقراء عن دفع ضريبة كبيرة، سيكون العقاب هو التعذيب حتى الموت، ولهذا كانت هذه الوظيفة مكروهة من بقية أفراد المجتمع، وكثير من الجباة عاشوا في عزلة، وقضوا حياتهم يعملون من أجل الملك، بينما يخشوا على حياتهم من الفقراء.
وفرضت الضرائب على أنشطة كثيرة في حياة الفراعنة، ولكن الضريبة الأكثر غرابة كانت ضرائب على مراسم الجنازات، هذا بالإضافة إلى تكلفة المقبرة نفسها، ما يعني أنه لم يكن من الممكن الهروب من دفع الضرائب حتى بالموت.
وينتهي التقرير بأنه في الوقت الذي نعجب فيه بالأثار والمشغولات الذهبية الموجودة في خزائن الفراعنة، علينا أن نتذكر هؤلاء الفقراء الذين مولوا هذا الثراء من جيوبهم وجهودهم، بينما كان يُعتبر الفلاح الفرعوني المالك لمجرد "برميل أو إناء" من ميسوري الشعب في هذا الوقت.