أحدث الأخبار
"أمينة" و"مادي" و"نادية" و"نوال" .. شخصيات نسائية شكلها الروائي الراحل إحسان عبد القدوس، وعبر من خلالها عن مكنونات المرأة، وثورتها الكامنة ضد القيود التي يكبلها بها المجتمع.
وتحل اليوم الذكرى السابعة والعشرون لرحيل "نصير المرأة"، الذي فشل في ممارسة المحاماة في قاعات المحاكم، فتولي قضية الدفاع عن المرأة على الورق.
ويقول الناقد الأدبي إيهاب الملاح، لأصوات مصرية، إن الروائي إحسان عبد القدوس طرح عددا ضخما من النماذج النسائية في أعماله، وكان من أوائل من قدموا صورة المرأة المتمردة على سيطرة المجتمع الذكوري والباحثة عن الحرية والمساواة وهو ما جعله موضع هجوم شديد في ذلك الوقت.
وأضاف "إحسان كان سابقا لعصره وطرح العديد من القضايا النسائية التي لا تزال محل جدل حتى الآن، وتناول بجرأة موضوعات لم يكن من السهل طرحها في ظل مجتمع محافظ ومنغلق مثل الخيانة والعلاقة بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج وعلاقات الحب بين مختلفي الديانة وثورة المرأة من أجل الحرية وهو ما جعل البعض يصف أدبه بالإباحية".
ففي فيلم "أنا حرة" قدم شخصية "أمينة" التي جسدتها لبنى عبد العزيز وهي فتاة متمردة على تربيتها وتقاليد وعادات المجتمع التي تفرض على المرأة قيود معينة. وفي فيلم "لا تسألني من أنا" قدم نموذج المرأة الفقيرة "عائشة" التي جسدت دورها الفنانة شادية، والتي يضطرها الفقر لبيع ابنتها لامرأة ثرية لا تنجب شرط أن تتولى رعايتها كمربية لها وأن تتكفل السيدة الثرية بإعالة أسرتها وباقي أبنائها، في نموذج لتضحية الأم في سبيل حياة أفضل لأبنائها.
بينما ناقش في "لا أنام" مشاعر فتاة في مرحلة المراهقة ارتبطت بعلاقة مع والدها تصل إلى الحالة المرضية، فعملت على الإيقاع بكل من يقترب منه وتنجح الفتاة في إيهام أبيها بوجود علاقة آثمة بين زوجته وأخيه ثم يبدأ شعور لا ينتهي بتأنيب وعذاب ضميرها، وتتوالى الأحداث حتى يصل بنا عبد القدوس إلى نهاية "نادية" المأسوية حيث يشتعل الحريق في جسدها وتكمل حياتها مشوهة.
وفي "أنف وثلاثة عيون" قدم ثلاثة نماذج نسائية من خلال شخصية "هاشم" الأولى هي "أمينة" التي تحبه ويتهرب منها، والثانية "نجوى" التي يحبها ولكنها تعيش مع رجل آخر، والثالثة "رحاب" المتحررة والتي تفعل كل ما يختلف مع يتناقض مع عادات وتقاليد المجتمع.
أما فيلم "الخيط الرفيع" فتدور أحداثه حول فتاة فقيرة تعمل موظفة بسيطة في أحد البنوك وتعول أسرتها، ويضطرها مرض والدها وضغط والدتها التي تلح عليها لتزيد دخلها إلى اللجوء لرجل أعمال ثري عجوز وتصبح عشيقة له، ثم تتعرف على "عادل" والذي يعمل في شركة عشيقها ويصارحها بحبه، وتقنعه بالاستقالة وتكوين شركة مستقلة وتمنحه مجوهراتها كرأس مال، ولكن بعد نجاحه يتخلى عنها مبررًا ذلك بأن المجتمع لا يقبل تلك العلاقة المُحرمة.
وولد إحسان عبد القدوس في 1 يناير عام 1919، وتعود جذوره إلى قرية الصالحية محافظة الشرقية، ودرس في مدرسة خليل آغا بالقاهرة، ثم في مدرسة فؤاد الأول بالقاهرة، ثم إلتحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة.
وفشل أن يكون محامياً ويتحدث عن فشله هذا فيقول: "كنت محامياً فاشلاً لا أجيد المناقشة والحوار وكنت أداري فشلي في المحكمة إما بالصراخ والمشاجرة مع القضاة، وإما بالمزاح والنكت وهو أمر أفقدني تعاطف القضاة، بحيث ودعت أحلامي في أن أكون محامياً لامعاً".
وله حوالي أكثر من ستمائة رواية وقصة، منها 49 رواية تحولت الي أفلام و5 روايات تحولت إلي نصوص مسرحية و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية و10 روايات تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية إضافة إلى 65 من رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأوكرانية والصينية.
ومن أبرز رواياته التي قدمتها السينما (لا أنام، لا تسألني من أنا، أنا حرة، النظارة السوداء) ومن المسلسلات المقتبسة عن رواياته (لن أعيش في جلباب أبي، دمي ودموعي وإبتسامتي).
وقال الملاح إن مما يحسب لإحسان عبد القدوس بساطة أسلوبه، مضيفا أنه كان يكتب الأدب مثلما يكتب الصحافة بعيدا عن التعقيد لذلك كان من أكثر الكتاب شعبية وجماهيرية في عصره.
منحه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى ومنحه الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك وسام الجمهورية وفاز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1989.
وتولى رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف خلفاُ لوالدته، وكانت له مقالات سياسية تعرض بسببها للسجن والمعتقلات ومن أهم تلك القضايا قضية الأسلحة الفاسدة، مما عرضه للاغتيال عدة مرات، كما سُجن بعد الثورة مرتين في السجن الحربي.