أحدث الأخبار
لم يعد الاحتفال بالحسين قاصرا على الذكر وتلاوة القرآن فقط، بل امتد لطقوس وهوايات أخرى منها العزف على الغاب والطبل البلدي، والرقص بالعصا، وأصبح فرصة لأصحاب المواهب المختلفة لعرضها أمام جمهور واسع من شتى أنحاء الجمهورية.
واختتمت الطرق الصوفية مساء الثلاثاء احتفالاتها، التي انطلقت منذ أسبوع في محيط مسجد الحسين بحي الجمالية، بذكرى استقرار رأس الإمام الحسين حفيد النبي محمد بالقاهرة.
ويحتفل المصريون بالحسين مرتين سنويا، الأولى في 3 شعبان وهو تاريخ مولده، والثانية في ذكرى قدوم رأسه من مدينة عسقلان بفلسطين إلى مصر بشهر ربيع الآخر من كل عام وتكون في الثلاثاء الأخير منه، بحسب تصريحات مشايخ صوفيين لأصوات مصرية.
وحضر آلاف المواطنين ليلة المنشد ياسين التهامي ونجله محمود التهامي، والتي استمرت حتى فجر الثلاثاء، والتي كان من المفترض أن تقام اليوم الأربعاء، ولكن بسبب توافقها مع ذكرى ثورة يناير تم تقديمها ليوم الاثنين باتفاق بين الأمن والطرق الصوفية للتفرغ لتأمين الميادين.
وشهدت الليلة الختامية إجراءات أمنية مكثفة، وانتشرت أكمنة الشرطة على مداخل ومخارج الحسين، ومُنع دخول السيارات والدراجات البخارية للساحة تحسبا لأي عمليات تخريبية لتعكير الاحتفالات، وسُمح للمنشدين والمبتهلين بالإنشاد في الحارات الملاصقة للمسجد وليس في الساحة الرئيسية منعا للزحام.
وانتشر الباعة الجائلون على الأرصفة المحيطة بالمسجد، وخاصة بائعي الحلويات والحمص وألعاب الأطفال وسط إقبال من المواطنين على الشراء.
والمشيخة العامة للطرق الصوفية هي المسؤولة عن تنظيم الاحتفالات بالحسين، حيث تقيم أكثر من ٧٦ طريقة مسجلة في المشيخة سرادقا لاستقبال الزوار.
وحرصت مختلف الطرق الصوفية على تقديم المأكولات والمشروبات للزوار على مدى أيام الاحتفالات التي تجاوزت الأسبوع. واكتظ المسجد بمئات المصلين والزوار وخاصة من السيدات للتبرك والدعاء.
الروحانيات الرياضية تجمع شمل الصوفية
وتزامنت أولى مباريات المنتخب المصري في كأس الأمم الأفريقية المقامة حاليا في الجابون مع أول أيام احتفالات الطرق الصوفية. وحظيت المباراة التي تعادل فيها الفراعنة مع منتخب مالي بإقبال كبير من مريدي الصوفية للمشاهدة ودعم المنتخب الوطني للفوز بالبطولة هاتفين "مدد يا حسين ...الكأس الثامنة فين".
وقال مصطفي زايد، المنسق العام لشباب الطرق الصوفية، لأصوات مصرية، إن مشاهدة المريدين لمباريات كأس الأمم الأفريقية لا تتعارض علي الإطلاق مع الاحتفالات بالإمام الحسين، "وتأتي في إطار الترويح عن النفس الذي أمرنا به ديننا الحنيف، وهذا لا يتعارض مع تلاوة القرآن والذكر".
العزف علي الغاب أبرز الهوايات
وطوال أيام الاحتفالات حرص العازفون على الغاب (عصا من النحاس بها 4 ثقوب لتنويع اللحن) والمنشدون على التجوال في ساحة الحسين والحارات الملاصقة له في السرادقات والخيام لتقديم أنفسهم للجمهور، سعيا للشهرة وكسب المال.
محمود محمد حسن شوري، ٢٨ عاما من محافظة أسوان، احترف العزف علي الغاب منذ سن السابعة، واعتاد حضور ليالي الذكر والموالد بمختلف المحافظات لممارسة هوايته المفضلة وتقديم نفسه للجمهور.
ويقول شوري، لأصوات مصرية، إن العزف على الغاب بالنسبة له هواية، حريص علي ممارستها في الموالد وليالي الذكر وليس هدفه منها الربح وتحقيق مكاسب مادية.
وأضاف "عزف الغاب مبيأكلش عيش لذلك أعمل في هيئة الطرق لرصف الشوارع مهنتي الأساسية، وعلى فترات أقوم بالعزف على الغاب، من خلال ليالي الذكر والموالد وأشعر خلالها بتحقيق ذاتي".
الإنشاد الديني طريق للقلوب
الإنشاد الديني من أشهر الفنون الصوفية ذات المكانة في ليالي الذكر والموالد ويحظى ياسين التهامي، الذي يلقب بعميد المنشدين، بمكانة خاصة لدي المصريين والعرب، ودائما ما يقوم بإحياء ليلة من ليالي احتفالات الصوفية بالحسين، وسط حضور الآلاف لسماع الشعر الصوفي ومدح آل البيت والعشق الإلهي.
محمد سعيد، ١٧ عاما من النوبة، احترف الإنشاد منذ صغره، ويحلم بأن يكون من أكبر المنشدين في مصر، ويستغل الموالد وليالي الذكر للإعلان عن نفسه.
ويقول سعيد، الذي التقت به أصوات مصرية في إحدى خيم الطرق الصوفية، "أجد في الإنشاد ذاتي وأقرأ كثيرا في الشعر الصوفي، وأصبحت معروفا ومطلوبا في ليالي الذكر في بلدتي والبلاد المجاورة ".
وأضاف "قراءتي في الشعر الصوفي وإنشادي في ليالي الذكر لم تعيقني عن التحصيل العلمي ومذاكرة دروسي فأنا أمارس الإنشاد منذ صغري ولم يؤثر على تعليمي، وتفوقي في دراستي وبلغت المرحلة الثانوية الآن في آخر سنة بها."
سيدات الصوفية يطبخن
للسيدات دور مهم لا يقل عن الرجال في احتفالات الطرق الصوفية حيث يطهين الطعام لتقديمه للزوار في السرادق والخيام المُقامة حول ساحة الحسين لتقديم المأكولات والمشروبات.
أم حسن، كما تحب أن يطلق عليها، استقلت القطار من الأقصر مع ابنتيها لمدة تتجاوز عشر ساعات، للمشاركة في احتفالات الطرق الصوفية وخدمة المريدين، حيث تقيم في أحد السرادق التابعة للطريقة الرفاعية.
وتقول أم حسن، لأصوات مصرية، إنها تشارك في احتفالات الطرق الصوفية والموالد المختلفة، من خلال طهي الطعام لتقديمه للمريدين.
وأضافت "المرأة مثل الرجل لها دور كبير في احتفالات الصوفية بالحسين، ودور الاثنين مهم لضمان نجاح الاحتفالات.. طهي الطعام وعمل الشاي من أبز الأعمال التي نقوم بها في المولد لخدمة المريدين ابتغاءً لوجه الله".
للتحطيب جمهور خاص
على أحد المقاهي الملاصقة لساحة الحسين تجلس فرقة للطبل البلدي والمزمار، وسط إقبال كبير من زوار الحسين للاستماع ومشاهدتهم وهم يمارسون فن التحطيب "اللعب بالعصا".
والتحطيب فن مصري له جذور قديمة، فقد بدأ في العصر الفرعوني كطقس من الطقوس المنتظمة التي تؤدى في الأعياد الدينية، ويستخدم فيه عصي خشبية في المبارزة. وصور الفراعنة هذه الرياضة على جدران معابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود، ومع مرور الزمن أصبحت تستخدم في الأفراح بالصعيد.
محمد الأبنودي، من قنا، يهوى الرقص بالعصا والتحطيب، وهو ما يحظى بجماهيرية كبيرة من المحتفلين بالحسين.
ويقول الأبنودي إنه تعلم الرقص بالعصا والتحطيب منذ صغره، وكانوا في بلدته يخصصون يوما لذلك وكان يذهب دائما للمشاهدة حتى تعلم وأصبح من المميزين في هذا الفن.
وأضاف "أشارك في الموالد المختلفة من أجل ممارسة هوايتي المفضلة للعب بالعصا والرقص على المزمار والطبل البلدي لإمتاع الجماهير بهذا الفن الراقي".