أحدث الأخبار
قال ممثلو الطوائف المسيحية الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية) إنهم لم يتفقوا على مسودة موحدة لمشروع قانون الأحوال الشخصية حتى الآن، فيما حذر محام مما سماه رغبة كل طائفة في "التسلط والنفوذ" على الأخرى لأن تكلفة هذا الصراع المكتوم سيدفعها المواطن المسيحي.
وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن إجمالي عدد قضايا طلاق الأقباط حاليًا يبلغ حوالي 25 ألف حالة، يستحوذ أصحاب الطائفة الأرثوذكسية على حوالي 70% منها.
وناقشت اللجنة القانونية المشتركة للطوائف المسيحية الثلاث، الأرثوذكسية، والإنجيلية، والكاثوليكية، يوم الاثنين، مقترحات إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين.
تعثر بسبب اختلاف الرؤى
وواجه مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط تعثرا بسبب اختلاف الرؤى بين الطوائف المسيحية الثلاث بشأن الطلاق، حيث تتمسك الكنيسة الكاثوليكية بعدم الطلاق في حين ترفض الكنيسة الإنجيلية الطلاق بسبب الزنا "الحكمي".
ويشمل الزنا الحكمي من المنظور الكنسي ترك أحد الزوجين المسيحية إلى الإلحاد أو دين آخر أو مذهب غير معترف به من كنائس مصر، كما يتوسع الزنا الحكمي ليشمل المكالمات والرسائل الهاتفية والتحريض على الدعارة وتبادل الزوجات والمعاشرة الجنسية غير الطبيعية.
وكانت لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس لعام 1938 تسمح بالطلاق لتسعة أسباب وهي الزنا، وتغيير الدين، والغيبة، والسجن، والمرض المعدي أو الجنون، والتعدي بالضرب، وإساءة السلوك، واستحكام النفور، وترهبن أحد الزوجين.
وأدخل بطريرك الأقباط الأرثوذكس الراحل البابا شنودة الثالث تعديلا على اللائحة في عام 2008، حد فيها من أسباب الطلاق واختصرها في سبب واحد وهو الزنا، ما أثار حفيظة المسيحيين الذين كانوا يسعون إلى الطلاق واستصدار تصريح ثان بالزواج.
التوسع في أسباب الطلاق
وقال المستشار منصف سليمان، عضو المجلس الملي العام بالكنيسة الأرثوذكسية، إن كنيسته تتبنى مقترحا بالتوسع في أسباب الطلاق بدلا من قصرها على الزنا كما نصت تعديلات لائحة 38.
وأضاف سليمان، في تصريح لأصوات مصرية، أن ممثلي الطوائف المسيحية الثلاث تبادلوا مشروعات قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بكنائسهم لتدوين ملاحظاتهم بشأنها وعقد اجتماع لمناقشتها خلال 15 يوما.
وأوضح أن الدولة تسعى لإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية لغير المسلمين بدلا من اختلاف رؤية كل طائفة لأسباب الطلاق.
الكنيسة الإنجيلية والتبني
وأوضح القس إكرام لمعي، المتحدث باسم الكنيسة الإنجيلية، أن كنيسته تتمسك بعدم منح الطلاق سوى لسببي الزنا وتغيير الديانة، لكنها على سبيل تقريب وجهات النظر مع الكنائس الأخرى ستعيد النظر في أسباب الطلاق المرتبطة بالهجر والزنا الحكمي.
وأضاف لمعي أن الكنيسة الإنجيلية تميل لإقرار بند "الغيبة أو الفراق" بمدة 5 سنوات سواء كان لدى الزوجين أبناء أو لم يكن، مؤكدا أن المقترح الذي قدمته الكنيسة الأرثوذكسية كان 3 سنوات للزوجين الذين ليس لديهم أبناء و5 لمن لديهم أبناء.
وكشف لمعي عن رغبة الكنيسة الإنجيلية في إقرار مادة تنص على الحق في التبني بشروط، موضحا أن هذه المادة لا تلقى قبول الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية.
وأشار جميل حليم، ممثل الكنيسة الكاثوليكية في اجتماع الطوائف المسيحية، إلى أن كنيسته لا تزال تتمسك بعدم منح الطلاق للأسباب الواردة في مسودتي الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية.
وقال حليم إن المذهب الكاثوليكي يحرم الطلاق لأي علة كانت حتى علة الزنا، فهو يجيز الهجر الدائم وليس الطلاق إذا ثبت زنا أحد الزوجين.
صراع سيطرة ونفوذ
وأوضح بيتر رمسيس النجار، المحامي بالاستئناف العالي والمتخصص في قضايا الأحوال الشخصية للأقباط، أن الدولة تمنح الأقباط فرصة تاريخية للمواطنة بإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية بدلا من اللوائح التي تأتي في مرتبة أدنى من القوانين.
وقال النجار، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، إن الاختلاف بين الطوائف الثلاث ليس عقائديا، لكنه اختلاف حول التفسير، مؤكدا أن ما سماه بـ"صراع التسلط والنفوذ" بينهم سيضر بمصلحة المواطنين الأقباط في مصر.
وأضاف أن إضاعة فرصة إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية سيفقد الأقباط ميزة المواطنة التي تتمثل في التعامل مع قضية الأحوال الشخصية لهم من خلال القوانين وليس اللوائح.
ومنذ خمس سنوات تأسست حركة "أقباط 38" من عدد من الأقباط المتضررين من عدم سماح الكنيسة لهم بالطلاق إلا لعلة الزنا، واشتقوا هذه التسمية من لائحة 38 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي سنة 1938.