أحدث الأخبار
12.5 مليار دولار مطلوب سدادها هذا العام.. ما يمثل حوالي ربع إجمالي الدين الخارجي
40 % من الديون قصيرة ومتوسطة الأجل ما يزيد من هشاشة هيكل الدين الخارجي
قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن مصر اختارت توقيتا سيئا لاستبدال الدين المحلي بالخارجي، في ظل نقص العملة الصعبة، ومخاطر استمرار تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، خاصة بعد التعويم.
وأوضحت المبادرة في ورقة بحثية، أصدرتها مساء أمس الأربعاء، تحت عنوان "بواعث القلق..الدين الخارجي في مصر"، أن تكلفة الاستدانة من الخارج بالدولار تبدو بديلا "رخيصا" أمام الحكومة لتمويل نفقاتها مقارنة بالاستدانة من السوق المحلي، لكنها بديل يتجاهل المخاطر المتعلقة بسعر صرف الجنيه.
وقالت إن الاستدانة الخارجية من أجل تخفيض تكلفة الاقتراض الحكومي تفترض سعر صرف ثابت وغير متغير للعملة المحلية، وهو الأمر غير المتحقق بالنسبة لمصر، إذ تتوقع المبادرة أن يستمر الجنيه في الانخفاض أمام الدولار خلال الستة أشهر المقبلة على الأقل.
وحررت مصر سعر صرف الجنيه بشكل كامل في 3 نوفمبر الماضي، بعدما ظل سعره الرسمي ثابتا عند مستوى 8.88 جنيها للدولار منذ مارس 2016، رغم انخفاضه أكثر من ضعف هذا السعر في السوق السوداء.
وبحسب الورقة، التي أعدتها الباحثة سلمى حسين، فإن القروض التي حصلت عليها مصر قبل التعويم أصبحت تكلفتها الحقيقية الآن أعلى مقارنة بالديون الداخلية بعد التعويم.
وقفز الدين الخارجي لمصر إلى 60 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر 2016 وفقا لبيانات البنك المركزي، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع إلى 102.4 مليار دولار في عام 2020-2021.
وأشارت الورقة البحثية إلى ما تضمنته استراتيجية وزارة المالية المعلنة عن إدارة الدين العام في المدى المتوسط، والتي تقول فيها إن "زيادة التعرض لمخاطر أسعار صرف العملة المحلية مقابل العملة الأجنبية نتيجة زيادة الإصدارات بالعملة الأجنبية ربما لا يكون الحل الأمثل حتى وإن كانت أسعار الفائدة على السندات الأمريكية حاليا مشجعة على ذلك".
لكن مع ذلك فإن الوزارة ترى أن "سد جزء من الفجوة التمويلية بالتمويل الخارجي سوف يؤدي لخفض التكلفة إذا ما تم بشكل تدريجي، كما أنه يعمل على تنويع قاعدة المستثمرين وكذلك إعادة تقديم مصر في أسواق رأس المال الدولية من وقت لآخر".
وحصلت مصر منذ بداية العام المالي الجاري على عدة قروض وتسهيلات مالية من الخارج، منها 2.75 مليار دفعة أولى من قرض صندوق النقد الدولي، الذي تبلغ قيمته الإجمالية 12 مليار دولار تقدم على مدار 3 سنوات، ومليار دولار قيمة الشريحة الأولى من قرض للبنك الدولي، و500 مليون دولار من بنك التنمية الأفريقي.
بالإضافة إلى 2 مليار دولار وديعة من السعودية، ومليار دولار وديعة من الإمارات، و2.7 مليار دولار من خلال اتفاق تبادل للعملة مع الصين، تم توقيعه قبل نهاية 2016.
كما باعت مصر سندات دولارية في الأسواق الدولية بقيمة 4 مليارات دولار الأسبوع الماضي، بأسعار فائدة اعتبرها وزير المالية عمرو الجارحي أفضل بكثير من التوقعات السابقة على الطرح، كما أنها تمت تغطيتها من المؤسسات الدولية بأكثر من 3 أضعاف، بحسب وزارة المالية.
وقال الجارحي، في مؤتمر صحفي عقده الأحد الماضي، إن تكلفة الاقتراض الخارجي في المتوسط 7% بينما تكلفة الاستدانة من السوق المحلي تصل إلى 20% متضمنة الضرائب، وذلك في معرض شرح أسباب اللجوء للسوق الدولية لتمويل عجز الموازنة.
الاستدانة قصيرة الأجل
انتقدت المبادرة توسع الحكومة في الاستدانة من الخارج بآجال قصيرة ومتوسطة، ما يزيد من هشاشة وضع الدين الخارجي، ويؤدي إلى زيادة كبيرة في أعباء السداد في الأجل المتوسط (2 إلى 5 سنوات) والتي قالت المبادرة إنها "الفترة الأصعب" على الاقتصاد المصري من حيث ضعف النمو وأزمة توافر النقد الأجنبي.
وأوضحت أن السنوات الماضية شهدت تغيرا كبيرا في هيكل الدين الخارجي المصري حيث أن نسبة الديون قصيرة ومتوسطة الأجل لم تزد على 12% في ديسمبر 2012، بينما وصلت هذه النسبة إلى 40% في مارس 2016.
وقالت إن زيادة الديون قصيرة ومتوسطة الأجل يعني أنه "يجب على مصر تدبير مبالغ متزايدة لسداد الديون الخارجية المستحقة عليها".
وقدرت المبادرة المبالغ المطلوب سدادها في العام الجاري بنحو 12.5 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي ربع إجمالي الدين الخارجي لمصر.
وقالت إن "العام 2017 سيكون عاما صعبا من حيث حجم التزامات سداد خدمة الدين، خاصة في ظل تناقص الموارد الدولارية الأساسية، وأيضا في ظل تزايد خروج الدولارات إلى الخارج سواء بأشكال مشروعة أو غير مشروعة".
كما أن مصر ستسدد خلال العامين 2017 و2018 ما لن يقل عن 800 مليون دولار في شكل خدمة ديون متوسطة وطويلة الأجل، بحسب المبادرة.
وقالت المبادرة إن من مخاطر الحصول على القروض الخارجية في الفترة الأخيرة أنها لا توجه إلى توسيع القدرة الإنتاجية، بما يحل محل الاستيراد، ويولد العملة الصعبة، حتى يسهل عبء سداد تلك القروض.
خسائر ومكاسب
في التحليل الذي أجرته المبادرة لمكاسب وخسائر الاستدانة الخارجية، قالت إن الزعم بأن الاقترض من السوق الخارجي يعطي شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب في مصر، لا ينتبه إلى أن هذه الاستدانة قد تصاحبها شروط اقتصادية مثل التعويم والتقليص أجور الموظفين، والتي قد تزيد من المخاطر الاجتماعية والسياسية بما يؤثر بالسلب على جذب المستثمرين.
كما أن الحديث عن التخفيف من الاستدانة المحلية من خلال البحث عن مصادر جديدة للتمويل يتناقض مع الواقع الذي يبين أن الدين المحلي يزيد أيضا ولا يقل بالتوازي مع زيادة الدين الخارجي، بحسب المبادرة.
وبلغت قيمة الديون المحلية 2.6 تريليون جنيه في نهاية العام المالي الماضي، بزيادة 23% عن مستواها في العام السابق، ووصلت نسبتها من ناتج مصر المحلي الإجمالي إلى 94.5%.
وانتقدت المبادرة تمرير حصول الحكومة على القروض الخارجية دون عرضها على مجلس النواب وفقا للآلية التي وضعها الدستور، "وهو ما يعني غياب الحوكمة الرشيدة لآليات الاقتراض الخارجي".
وأوصت المبادرة بوقف خطة استبدال الدين المحلي بالخارجي على الأقل لحين خروج البلاد من أزمة نقص الموارد الدولارية، وإعادة حساب مخاطر سعر الصرف على عبء سداد خدمة الدين، وتوجيه هذه الديون لمشروعات ذات عائد دولاري، أو مشروعات تغني عن الاستيراد، والحد من خروج الدولارات.
وأكدت أهمية جذب التمويلات الأجنبية في صورة شراكات بين القطاعين العام والخاص خاصة في مجال التكنولوجيا والتصنيع، وعرض كل اتفاقيات القروض على مجلس النواب قبل الموافقة عليها.