أحدث الأخبار
"عندما تصبحُ يومياتُنا حافلةً بالمشاغل ومحمومةً لدرجة أن كلّ شيء يصبح بلا معنى، علينا أن نتوقف ونفكر ونراجع أنفسنا" بهذه العبارة تختصر الكاتبة النرويجية لين ستالسبيرج كتابها "هل أنا حرة؟" الذي أطلقت دار صفصافة ترجمته العربية مساء أمس في مركز دوم الثقافي.
يناقش الكتاب إشكاليات تكابدها المرأة في 70% من دول العالم وهي أزمة الوقت، وتيرة الحياة المتسارعة والضاغطة، والضياع بين أعباء الحياة المختلفة، والمساواة بين الرجل والمرأة.
تقول الكاتبة "عندما أصدرتُ الكتاب كان أملي أن يُنتشر في بلدان عدة، لأن ثمّة صفات وهموم تجمع نساء العالم، لافتةً إلى أن الدول الأمريكية والأوربية تحتوي أقليات قدمت من مختلف أنحاء العالم.
تضيف، لأصوات مصرية، أن المجتمع والنظام السياسي يحاول إقناع المرأة بأنها حرة من خلال الخيارات المتاحة أمامها، من حيث العمل والاستقلال المادي، إلا أن الواقع الذي يشتتها بين ساعات العمل الطويلة وبين واجبها كأم يدفعها للتساؤل "هل أنا حرة الآن؟ أم إنها وجهة نظر تُفرض عليّ لأبقى جزءاً من آلية السوق التي تستهلكني دون جدوى.
"أشعر أنني امرأة هلامية أتهدّل في كل الاتجاهات، كي ألبّي كل الاحتياجات، وسأهوي قريباً" اقتباس تخلّل الكتاب إلى جانب اقتباسات ومراجع أخرى عادت إليها لين في كتابها، وقد تجاوز عددها 362 بين كتب ومقالات وإحصائيات وبرامج تلفزيونية وإذاعية ومقالات تعود إلى سبعينيات القرن الماضي.
استخدمت الكاتبة تلك المراجع كي تدحض الاتهامات التي ستوجه لها لكونها (شكاءة بكاءة) كما يقول التعبير الدارج، مضيفة لأصوات مصرية أن ما ساعدها على جمع تلك الإحصائيات عملها لسنواتٍ كصحفية استقصائية تعتمد على الإحصائيات والأرقام.
كما استعانت بتجارب نساء أخريات استهلكتهن الضغوط والأعباء، وصولاً إلى محاولة البحث عن منفذ نور يسمح لها بالانفلات من أيديولوجية المجتمع التي فُرضت عليها فتقول "علينا ألا نسمح باستخدامنا كأداة تتشدق بها الأنظمة في سبيل تحقيق غاياتها على حساب حياتنا".
تخفيض وقت العمل لـ6 ساعات هو أحد الحلول التي تناقشها لين، مضيفةً أن نمط الحياة الاستهلاكية أفقد المرأة سعة الأفق والخيال لذا "علينا أن نساهم في وضع صورة نموذجية تناسبنا وتحسن حياتنا دون أي فرض من مؤسسات أو أنظمة".
إطلاقُ كتاب "هل أنا حرة؟" تخلل مهرجان القاهرة الأدبي وقد ترجمه للعربية أمل رواش وشيرين عبد الوهاب التي وصفت التجربة بالغنيّة "خاصة أن الكاتبة تناقش معاناة تعيشها أغلب نساء العالم، وقد وجدنا أنفسنا في كثير مما يحويه الكتاب".
تضيف لأصوات مصرية أنّ ما ساعدها على ترجمة الكتاب كونُها مصريةً نرويجية ولديها اطلاع واسع على ثقافة البلدين ونمطِ حياة المجتمع في كليهما، إضافة إلى النقاش بينها وبين المترجمة أمل الرواش حول الاختلاف في بعض المصطلحات والمفردات، الأمر الذي زاد الترجمة زخماً وثراء.
تعتبر المترجمة أمل الرواش أن الكتاب يحمل قيمة فكرية كبيرة لما فيه من جهد واضح وما اعتمده من مراجع، من أهم تلك المصادر كتاب "عذراً أريد أن أكون أم" وكتاب "ماتحت السجادة الوردية"، مشيرة إلى أن السجادة الوردية هي المرأة وما يختبئ خلفها من صراعاتٍ وتساؤلات.
وعن المجتمع النسوي المصري تقول لين ستاليسبيرج "أكثر ما يميزهن التنوع والاختلاف وتعدّد السمات الفكرية والحياتية" لافتة إلى القيود التي تفرض عليهن في بعض مفاصيل الحياة.
تؤكد لين ستاليسبيرج أن على النساء أن يملكن المساحة لاختيار ما يناسبهن، إلى جانب ضرورة أن يسيطرن على حياتهن دون أي فرض خارجي.
ولعلّ الحلم الذي تختتم به كتابها هو ذاته الذي يراود أخيلة النساء في أنحاء العالم " أحلم أن أعيش حياةً يومية أقل ازدحاماً، وأتجنب تأنيب الضمير الذي ينتابني عندما أترك أطفالي، وأملك المزيد من الوقت لأقضيه مع أصدقائي".