أحدث الأخبار
بالنسبة للمصريين توجد مفارقات على مستويات متعددة عند النظر للولايات المتحدة.
وقال تقرير بموقع "بابليك راديو إنترناشيونال" الأمريكي إن بعض النشطاء المؤيدين للديمقراطية في مصر يرون أن سلوك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب -والذي يواجه انتقادات باعتباره معاديا للمسلمين رغم نفيه ذلك- يحمل أوجه شبه مع شخص غير متوقع: الرئيس الإسلامي السابق والمحبوس حاليًا محمد مرسي.
وأشار التقرير إلى مفارقة أن إدارة ترامب تدرس اعتبار الإخوان المسلمين جماعة مرسي "منظمة إرهابية". وأضاف أن من المرجح أن يثير هذا غضب بعض الجماعات العربية الصديقة ولكنه سيسعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تصنف حكومته جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، وشنت حملة صارمة ضدها.
وعزل الجيش بقيادة السيسي، مرسي في يوليو 2013، بعد احتجاجات حاشدة على حكمه. وتجري محاكمة مرسي بتهم عدة من ضمنها التجسس والعنف ضد المتظاهرين.
- مختلفان لكن متشابهين
وذكر التقرير أن بعض المصريين يقولون إن الأمريكيين الذين يخرج كثيرون منهم في مظاهرات ضد ترامب يمكن أن يتعلموا من فشل مصر إذا أرادوا أن يعترضوا على الرئيس الجديد بشكل فعال.
ويرى محمد صابر، (30 عامًا)، وكان من المشاركين في المظاهرات في الفترة من 2011 وحتى 2013- أن مرسي جاء من خارج النظام القديم، وهو ما يتشابه بدرجة ما مع ترامب، الذي جاء من خارج المؤسسة الحاكمة وبدون أي خبرة سابقة في الحكومة.
ومثل ترامب، لم يكن مرسي بالأساس المرشح المفضل لحزبه، ولكن تم اختيارهما في نهاية الأمر.
واضطر الناخبون في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية في مصر في 2012 للاختيار بين مرسي، وهو مهندس تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، وأحمد شفيق، رجل الجيش السابق الذي كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك. ويقول صابر إنهما "لم يكونا أفضل مرشحين".
ويتفق، تيموثي قلدس، الباحث في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، مع هذا الرأي قائلاً "كان الاختيار بالأساس، هل تعارض وجود ثورة أم هل تصوت لشخص فظيع أيضًا صادف أنه على الأقل خارج الحكومة؟ لذلك صوت الناس للشخص الذي تصادف وكان خارج الحكومة".
ونجح مرسي في الانتخابات بفارق ضئيل. وعندما وصل للسلطة في يونيو 2012، وعد بقيادة حكومة "لكل المصريين".
- هم مطرودون
وبمجرد وصول ترامب للمنصب في يناير، فعل شيئًا زاد من أوجه الشبه مع مرسي. ففي 30 يناير، فصل الرئيس الأمريكي فجأة سالي ييتس، القائمة بأعمال المدعي العام أو وزير العدل. وكان هذا ضمن سلطاتهباعتبار أنه منصب سياسي في أمريكا، وهي كانت معينة من قبل إدارة باراك أوباما –وقد تحدت ترامب بطلبها من محاميي وزارة العدل عدم الدفاع عن أمره بمنع بعض المسلمين من دخول الولايات المتحدة. ولكن هذه الخطوة أقلقت منتقدي ترامب من أنه مصمم على المضي قدما في جدول أعمال مثير للجدل بأي ثمن.
وأعاد هذا لذاكرة بعض المصريين إقالة مرسي للنائب العام من عهد مبارك، عبد المجيد محمود (والذي أعيد لمنصبه في وقت لاحق بعد الإطاحة بمرسي).
صحيح، أنه في ظاهر الأمر، قد يبدو بعض التشابه بين السيناريوهين. ولكن كيف يمكن مقارنة إقالة مرسي للنائب العام في عهد ديكتاتور، بفصل ترامب لمسؤول في دولة ديمقراطية لها تاريخ طويل من سيادة القانون؟
ومع ذلك، فوفقا لقلدس، هناك بعض المقارنات الصحيحة بين الاثنين. بالتأكيد، القضاء المصري كان في حاجة للإصلاح، إلا أنه شكك في نوايا مرسي في ملاحقة النائب العام والمحاكم وسط تحول ديمقراطي، في حين كانوا هم الأشخاص الذين يمكن أن يقوموا بمساءلته.
الأكثر من ذلك، فمرسي لم يلاحق ما اعتبره قلدس "قوة الشرطة الفاسدة بشكل واضح." وهو ما يعني كما يرى قلدس أن مرسي كان يريد "استمالة" الشرطة. ومثل ترامب، استندت أفعال مرسي على النفعية. "وعندما تفعل ذلك تقوض مصداقيتك. وهذا ما فعله [مرسي]".
- العلاقة مع ترامب ستكون جيدة
ترامب يراه البعض أيضا يتصرف مثل مصري آخر: الرجل القوي حاليًا في البلاد، الرئيس السيسي.
وشيطنة الرئيس الأمريكي للصحافة -"أخبار وهمية"، و"عدوة الشعب"- تبدو في بعض الأحيان مثل تحركات صادرة مباشرة من كتيب ارشادات السيسي.
وقال التقرير إن حكومات مصرية متعاقبة هاجمت الصحفيين واعتبرت أن هناك مؤامرة لتقويض الدولة، وخاصة من قبل وسائل الإعلام الأجنبية. وكان السيسي حادا بشكل استثنائي. واحتلت مصر المركز الثالث في عدد الصحفيين المسجونين العام الماضي، بعد تركيا والصين، وفقا لتقرير صادر عن لجنة حماية الصحفيين.
والآن، تقول هذه اللجنة إن حرية الصحافة تتعرض لتهديد في الولايات المتحدة أيضا، وأصدرت نصائح لسلامة الصحفيين المقيمين في الولايات المتحدةبعد أمر ترامب بخصوص الهجرة.
- دروس مصرية للأمريكان
يشعر بعض المصريين الذين اعتادوا الاحتجاج، مثل صابر الثوري السابق، بالارتياح بسبب المظاهرات الحاشدة التي تجتاح الولايات المتحدة، ويرون انتخاب ترامب بمثابة دعوة ضرورية لليقظة للأمريكيين.
"إنها لحظة جيدة لأمريكا"، كما يقول صابر، من أجل أن يقدروا "أنه كان لديهم رؤساء جيدون وكان لديهم استقرار وقادة ناضجون، حتى جورج بوش".
ومع ذلك، فالمواطن المصري الأمريكي قلدس -الذي ولد ونشأ في الولايات المتحدة لكنه انتقل إلى القاهرة في عام 2008، وشهدالثورة في مصر- يشعر بالقلق تجاه ما يراه تكرار أميركا لتجربة المصريين في عهد مرسي. ورأى عن كثب في مصر التكلفة الحقيقية للفشل - ويخشى أن يسبب ترامب ضررا لا يمكن إصلاحه على المدى الطويل لمؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت الاحتجاجات المستمرة خلال الثورة في مصر تعني أن جماعة الإخوان المسلمين، وقادة الجيش ورجال الأعمال يعقدون الصفقات في الاجتماعات، في حين يهمشون المتظاهرين الذين كانوا مشتتين في الشوارع.
يعتقد قلدس أيضا أن المتظاهرين المصريين فشلوا في أن يشرحوا للجمهور الأوسع لماذا كانوا يتظاهرون، "فالجمهور لم يكن ليأتي إلى الميدان لاكتشاف الأسباب".