أحدث الأخبار
تخطط الحكومة في موازنة العام المالي المقبل، التي أعلنت وزارة المالية عن مؤشراتها الأولية، لزيادة موازنة الأجور الحكومية بنسبة تقل بنحو النصف عن زيادة العام الجاري.
وكان تراجع نسبة زيادة الأجور الحكومية في العام الماضي قد ساهم في اندلاع تظاهرات عمالية، لفتت الانتباه باعتبارها حراكا نادرا في عام اتسم بضعف الحركات الاحتجاجية تحت وطأة قبضة أمنية قوية.
فكيف تنعكس السياسات المالية الحكومية على حركة العمال خلال العام الجاري، في وقت تشهد فيه أسعار السلع والخدمات زيادة مستمرة، بما يؤثر على مستويات المعيشة.
نمت موازنة الأجور في القطاع الحكومي، الذي يشغل أكثر من ستة ملايين موظف، بمعدلات تجاوزت 20% في بعض الأحيان خلال السنوات التالية لثورة 2011، مع توسع الدولة في تعيين الموظفين المؤقتين، وتطبيق الحد الأدنى للأجور استجابة لاحتجاجات واسعة تم تنظيمها في أعقاب الإطاحة بمبارك.
لكن معدلات نمو الأجور انكمشت في العام المالي الجاري إلى 8.6%، مع اتجاه الحكومة إلى "تثبيت المكافآت والبدلات لجميع العاملين بالدولـة"، وهو ما أشعل الاحتجاجات العمالية في أغسطس الماضي بعد أسابيع من تطبيق ميزانية 2015-2016.
وكانت الحكومة قد أصدرت في مارس 2015 قانونا للخدمة المدنية، في غياب البرلمان، يهدف لإعادة هيكلة القطاع الحكومي والسيطرة على فاتورة الأجور المتفاقمة.
وتتجه الدولة في موازنة 2016-2017 لتطبيق معدلات نمو سنوية للأجور أقل من العام السابق، تصل نسبتها إلى 4.5%، في ظل مساعيها إلى "الحد من الارتفاعات الكبيرة في فاتورة الأجور"، كما قالت في البيان التمهيدي للموازنة.
"استمرار تخفيض الأجور في الوقت الذي لا تسطيع فيه الحكومة السيطرة على الأسعار سيؤدي لكارثة.. الاحتجاجات ستستمر ولن نسكت على ذلك" كما قالت فاطمة فؤاد، إحدى القيادات البارزة في احتجاجات أغسطس الماضي ضد سياسة الأجور الحكومية.
وتقول الباحثة في الشؤون العمالية، فاطمة رمضان، إن الغضب العمالي من سياسة الأجور سيظل عنصرا مقلقا للحكومة وعائقا أمام تطبيق خطتها لتقليل الأجور، "فحراك العام الماضي استطاع أن يضع قانون الخدمة المدنية في مركز اهتمام الرأي العام مما قاد إلى تعطيل تنفيذه".
ورفض مجلس النواب المنتخب، فور تشكيله، قانون الخدمة المدنية في يناير الماضي بأغلبية كبيرة، حيث صوت ضده 332 نائبا مقابل 150 نائب وافقوا على تطبيقه.
"لو لم يرفض البرلمان قانون الخدمة المدنية كانت ستحدث ثورة جديدة في يناير 2016" كما تعلق فاطمة فؤاد.
وشارك في احتجاجات العام الماضي ضد سياسة الأجور الحكومية عدد من النقابات التي واسعة العضوية، مثل نقابات العاملين في الضرائب والمعلمين والنقل العام، كما تقول فاطمة رمضان.
وسعت النقابات المحتجة على الأجور الحكومية إلى الالتزام بقانون التظاهر الذي يشترط إذنا مسبقا من الشرطة وتحديد مكان للتظاهر لا يعطل الطرق، واختارت النقابات الاعتراض على القانون بحديقة الفسطاط العامة في سبتمبر الماضي.
وتقول فاطمة رمضان إن حركة النقابات المستقلة التي اجتذبت أعدادا كبيرة من العاملين للمشاركة في العمل العمالي بعد الثورة تواجه ضغوطا قوية في الوقت الحالي مع عدم إصدار الحكومة تشريعا يعترف بها، وهو ما يضعف من قدرة العمال على الاحتجاج ضد سياسة الأجور الحكومية.
لكن فاطمة فؤاد تقول "لا تزال هناك قدرات تنظيمية (في أوساط العمال) بالرغم من التهديدات الأمنية (للحركة النقابية)".