أحدث الأخبار
الصورة هي كلمة السر في حياة شريف صفوت الذي يمثل اليوم الأربعاء مع 22 آخرين أمام محكمة في مجمع محاكم عابدين بوسط القاهرة بتهم "التظاهر بدون إخطار وتعطيل المرور وقطع الطريق العام والإخلال بالأمن والنظام العام."
لكن صفوت لم يكن يستهدف "النظام" في شيء حين اعتلى لوح التزحلق ليجول به قرب نقابة الصحفيين التي كانت تحوطها قوات الأمن يوم "جمعة الأرض" في 15 إبريل، ربما مثلما تحوطها اليوم مع انعقاد الاجتماع الطاريء للجمعية العمومية للنقابة لبحث الرد على اقتحام قوات الأمن للمبنى للقبض على اثنين من الصحفيين.
هشام عبد الحميد، المصوّر الذي التقطت عدسته الصورة، كان متواجدا بالمصادفة في نفس المكان والتوقيت مع صفوت قبل الواقعة. كانا جالسين على أحد الأرصفة بصحبة مجموعة من الشباب حين قام صفوت حاملا لوحه؛ ليستشعر عبد الحميد أن مشهدا ما سيحدث بعد قليل، فيجهز كاميراته. ما هي إلا لحظات واعتلى صفوت لوحه ليمرق جيئة وذهابا أمام الجنود ليسارع زملاؤه باعتراض طريقه وإنزاله من على لوح التزحلق واصطحابه بعيدا عن المكان.
وانتشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم. وأطلق على صفوت فتى "السكيت بورد" أو لوح التزحلق.
ساعات وانتشر خبر القبض على صفوت، وانتشرت دعوات لحذف صورته من صفحات الانترنت باعتبارها الدليل الوحيد على ما فعله. لكن محاميه مصطفى فؤاد الذي يحضر معه جلسة اليوم قال إن القبض على صفوت سبق نشر الصورة بحوالي 4 ساعات حيث أُلقي القبض عليه بأحد مقاهي وسط البلد بالقاهرة في التاسعة مساءً، ولم تُنشر الصورة إلا في الواحدة بعد منتصف الليل.
ومن لا يعرفون صفوت اعتبروا أن أسلوب ظهوره على لوح التزحلق في منطقة المظاهرات يشير إلى فتى من خلفية ارستقراطية جاء ليشارك على طريقته.
لكن الحقيقة التي يكشفها عادل أقرب أصدقائه أن صفوت الذي لم يكمل بعد عامه الثامن عشر، نشأ في دار أيتام في مدينة السادس من أكتوبر لا يعلم له أهلا ولا نسبا. انخرط في الحياة الطبيعية في دار الأيتام، إلا أن عِناده وطبيعته المتمردة والمختلفة جعلا باقي زملائه في الدار يبتعدون عنه، إلا صديق واحد فقط وهو أخوه في الدار"عادل".
وقال عادل لأصوات مصرية إن صفوت تعلم في مدارس حكومية حتى أكمل المرحلة الإعدادية، ولأن الدار تسمح للأطفال بحرية الخروج ما أن يتموا عامهم السادس عشر، قرر أن يترك التعليم ويتفرغ لهوايتيه: التصوير والتزحلق. بدأ بالأولى وتعلّم التصوير عبر الإنترنت، وعَمِل مع أحد المصورين الشباب لعامين، ادخر خلالهما مالا اشترى به هاتف بكاميرا دقتها عالية، ولوح تزحلق يستخدمه في تنقلاته.
كان الطعام هو العشق الآخر لصفوت وسبب ارتباطه بمنطقة وسط البلد بمطاعمها المتنوعة. كان يأتي إلى المنطقة حيث يقضي يومه متزحلقا باستخدام لوحه قبل أن يعود ليلا إلى دار الأيتام.
وتقول صديقته غادة إن صفوت "طفل كبير ومالوش في أي حاجة". وتضيف "نعم؛ هذا الوصف هو أول ما يخطر ببال أي شخص تحدث معه يوما، ولو لمرة واحدة. وقبل إلقاء القبض عليه، كان آخر صراع فكري خاضه مع أحد أصدقائه حول دعوات نشطاء بأن "ديزني لازم ترجع مصري".
وتقول فتاة أحلامه شروق محمد التي تدير صفحته على فيس بوك بعد اعتقاله "كانت الهدايا الصغيرة الطفولية هي دليله للتعبير عن حبه." وتضيف "تعرفنا على بعض من 6 أشهر فقط عبر فيس بوك، قبل أن تنتقل علاقتنا إلى أرض الواقع؛ لتحتضنها وسط البلد، وحبنا للهو". ولعبت الصورة دورا هاما في تعرف صفوت على فتاة أحلامه التي تدرس الخدمة الاجتماعية وأعجبت بصور التقطها صفوت ونشرها على فيس بوك المصور الشاب الذي يعمل معه ضمن مشروع تصوير عن وسط البلد.
وفي يوم الاعتقال، توجّه صفوت إلى وسط البلد ليقضي نهاره مع أصدقائه كعادته، حين فوجئ بحشد كبير، وتساءل عن سبب وجودهم. وكعادته في أي جمع-كما أكد عادل- كان الفتى مفتونًا باستعراض مهارته على لوح التزحلق، حتى قُبض عليه مع مجموعة شباب آخرين. وكان متوقعا أن يخرج سريعا لخلو تاريخه من أي نشاط سياسي لكن صورته على لوح التزحلق وضعته في إطار "ثائر رغم أنفه" ليواجه المحاكمة اليوم.
كانت كاميرا احترافية هي أقصى أحلامه، يتجول بها ليل نهار يلتقط بها صورا لا حصر لها لكل ركن في مصر. ولم يتوقع أن تكون صورة واحدة سببا في وضعه وراء القضبان.