أحدث الأخبار
بعد زواج دام 40 عاما، وجدت فتحية أحمد نفسها في الشارع بدون مأوى أو مصدر رزق، فلم تحصل من طليقها -الذي تزوج من أخرى- سوى على نفقة عام بموجب القانون.
وفتحية أحمد، البالغة من العمر 58 عاما، هي واحدة من آلاف النساء اللاتي يواجهن مصيرا مظلما في حالة الطلاق بدون حضانة، فلا يجدن أمامهن غير وزارة التضامن الاجتماعي للحصول على معاش هزيل لا يتجاوز 300 جنيه.
وتقول إنها غير حاضنة فليس من حقها البقاء في منزل الزوجية بعد الطلاق، مضيفة "اتجوزته وهو عامل بناء على قد حاله وأما ربنا كرمه وبقى مقاول كبير اتجوز عليا وطلقني ودلوقتي مش عارفة هاسكن فين وأعيش منين".
ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن هناك 240 حالة طلاق يوميًا أي بمعدل حالة طلاق كل 6 دقائق، ووصل عدد المطلقات إلى 2.5 مليون، وفقًا لإحصائية مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الذي أكد تزايد معدلات الطلاق في مصر بنحو 5 آلاف حالة سنويا.
* حل منصف
وطرحت الباحثة الاقتصادية د.سلوى العنتري كحل منصف للنساء المطلقات فكرة تقسيم الثروة بين الزوجين في حالة الطلاق، كتعويض للزوجة عن سنوات العمل غير المدفوع داخل المنزل ومساعدة الزوج في تكوين الثروة.
وقالت، لأصوات مصرية، إن قانون الأحوال الشخصية المصري لا ينصف المرأة، موضحة "الست بتكون كافحت مع الزوج سنين وساعدته أنه ينجح ويكون ثروة، وبعد الطلاق لا تحصل سوى على نفقة عام".
وتنص مادة 17 من القانون رقم 25 لسنة 1920 على أن "لا تسمع الدعوى لنفقة عدة لمدة تزيد على سنة من تاريخ الطلاق". فلم يراع القانون ظروف المرأة غير العاملة وكبيرة السن عند خروجها من منزلها بانتهاء سن حضانة صغارها أوانتهاء حقها في النفقة.
* إنتاج مشترك
وأضافت "نقطة البدء هو الاعتراف بالعمل المنزلي غير المدفوع اللي بتقوم بيه الست، وبالتالي الاقتناع بأن أي زيادة في الثروة هي عمل مشترك للزوجين"، مؤكدة أن هناك دولا تقوم بحساب العمل المنزلي وتقدر نسبته التي تحسب للزوجة.
وأوضحت "فيه اعتراف في كتير من دول العالم بأن العمل الذي يؤدى مجانا داخل الأسرة بيأثر في معيشة الأسرة وبيأثر في المجتمع رغم أنه مش بيدخل في الناتج المحلي الإجمالي، والمجتمعات دي أقرت بتقسيم الثروة في حالة الطلاق".
وقالت سلوى العنتري إن تقسيم الثروة يُحسِّن من وضع المرأة المطلقة، خاصة أن النساء لا يتمتعن بأي حماية اجتماعية في حالة الانفصال.
وشهدت مصر ارتفاعا في شهادات الطلاق بنسبة 10.9 % عام 2014، وفقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأوضح المجلس القومي للمرأة أن 84% من حالات الطلاق في مصر وقعت بقرارات فردية من الرجل، و13% كانت حالات خلع، والباقي بقضايا طلاق، وهو ما يوضح أن النسبة الغالبة من النساء لا يرغبن في الطلاق.
* شركاء في الثروة
وقالت انتصار السعيد، مدير مؤسسة القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، إن هناك حاجة لإصدار تشريع يضمن حق الزوجة في ثروة زوجها عند الانفصال أو وفاة الزوج باعتبارها شريكة في الثروة التي كونها خلال فترة زواجهما.
وأضافت "الست بتشتغل في البيت من غير أجر وبتساهم بدور كبير في الحياة المشتركة من غير ما تحصل على مقابل مادي، وبالتالي مفترض أنها تقاسم الزوج في ثروته لأنها كانت شريكة في صنعها".
وأشارت إلى أن الزوجة تحرم من حقوقها في كثير من الأحيان عند وفاة الزوج، قائلة "أهل الزوج أحيانا بيطردوا الزوجة من مسكن الزوجية لو كانت غير حاضنة ومبتحصلش على حاجة من ثروة زوجها ولازم القانون يضمن لها حقوقها".
وطالبت مدير مؤسسة القاهرة للتنمية بتعديل قانون الأحوال الشخصية، والنص على تقسيم الثروة التي تكونت خلال فترة الزوجية فقط.
* تجارب عربية
في تونس، أقر القانون الصادرعام 1998 نظاما للاشتراك في الملكية يعكس التوجه التشريعي نحو تكريس التعاون بين الزوجين في تصريف شؤون العائلة، ويحمي حقوق الزوجة التي التحقت بسوق العمل وشاركت الزوج في تحمل الأعـباء المالية للأسرة، وأصبحت تساهم من مالها الخاص في شراء المسكن العائلي.
ونظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين يبقى نظاما ماليا اختياريا يتفق عليه الزوجان عند إبرام عقد الزواج أو حتى بعده بمقتضى كتاب لاحق مستقل عنه.
وفي المغرب، شرح المشرع كيفية تقسيم الأموال المكتسبة خلال فترة الزوجية في المادة 49 من مدونة الأسرة التي دخلت حيز التطبيق منذ 2004، وتنص على أن "لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها".
* تقدير العمل المنزلي
ويعتبر المحامي الحقوقي أحمد أبو المجد، رئيس جمعية "حقنا"، أن تقسيم الثروة التي تكونت خلال فترة الزواج، جزء من تمكين المرأة الاقتصادي، وحماية للمرأة خصوصا غير الحاضنة، وتقدير للعمل المنزلي الذي تقوم به المرأة.
ويقول أبو المجد إن قانون الأحوال الشخصية في مصر تتيح الطلاق بالإرادة المنفردة للزوج عكس القوانين في دول أخرى والتي تشترط اتفاق الزوجين على الطلاق، موضحا أن كثيرا من النساء المطلقات لم يرغبن في الطلاق.
ويضيف أن إقرار تقسيم الثروة بين الزوجين في حالة الطلاق ضمان لاستقرار الأسرة ولا يظلم الرجل، موضحا أن النساء هن الأخريات يتقاسمن ثروتهن مع الرجال في حالة زيادتها.
* ضوابط قانونية
وتوافق د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية، على تضمين مبدأ تقسيم الثروة في القوانين، بشرط وضع ضوابط قانونية لذلك، مقترحة أن تحصل المرأة على 5% من ثروة الزوج إذا قضت 5 سنين، و10% إذا قضت 10 سنين، وتقاسمه في الثروة إذا قضت معه 25 سنة فأكثر.
وقالت "مش معقول الست بعد ما ربت الأولاد واشتغلت جوا البيت بلا مقابل ما تاخدش اللي يعيشها حياة كريمة أو تلاقي نفسها في الشارع".
وتابعت "مبدأ تقسيم الثروة لا يخالف الشرع، لأن أساس الشرع أنه لا ضرر ولا ضرار فما الضرر في ذلك؟"، مشيرة إلى أن الشرع ينصف المرأة خاصة إذا أنفقت من مالها الخاص على الأسرة وعملت بنفسها داخل المنزل.