أحدث الأخبار
بعد عملها كممرضة لأكثر من ثلاثين عاما في وحدة صحية تابعة لمحافظة بني سويف، باتت حياتها المهنية وصحتها مهددتان بسبب إصابتها بفيروس "سي".
نجوى –اسم مستعار- هي واحدة من ضمن أكثر من 5 آلاف ممرضة مصابة بالالتهاب الكبدي، 90% منهن انتقل إليهن الفيروس بسبب مخالطة المرضى، وفقا لتصريح إعلامي سابق لنقيبة التمريض.
ويتزامن هذا الواقع المرير مع اليوم العالمي للممرضات اللاتي يشكلن نحو 80% من أبناء المهنة، ويواجهن أخطار انتقال الأمراض إليهن والتعديات على المستشفيات، دون تجاوب مع مطالبهن بتحسين أوضاعهن الوظيفية والمادية.
وفي يناير عام 1974 اختار المجلس الدولي للممرضات، يوم 12 مايو للاحتفال بيوم الممرضات، ويوافق ذكرى ميلاد "فلورنس نايتينجيل" وهي ممرضة بريطانية اشتهرت بأنها مؤسسة التمريض الحديث.
*فيروس "سي" يهدد الممرضات
وقالت نجوى، لأصوات مصرية، "بعد ما اكتشفت إصابتي بفيروس سي وقدمت الأشعة والتحاليل لمستشفى التأمين الصحي في شهر نوفمبر اللي فات فضلت مستنية يصرفولي العلاج خمس شهور، كنت كل مرة أروح أسأل أرجع محبطة".
حصلت نجوى على أول جرعة من العلاج في إبريل الماضي بعدما ظلت 5 أشهر تعالج على نفقتها الخاصة، وتقول "إذا كنت أنا بنت المهنة وليا حق بيتعمل معايا كده، أمال المريض العادي اللي معندوش تأمين صحي يعمل إية؟!".
وتخشى نجوى أن تفقد عملها بعد إصابتها قائلة "قانون مزاولة المهنة الجديد بيقول إنهم هيسحبوا الترخيص من الممرضة اللي هايجيلها فيروس سي يعني بدل ما يعالجونا يسحبوا منا الكارنيه!".
وعن احتمالات نقلها العدوى للمريضات اللاتي تتعامل معهن خاصة مع كونها تمتلك رخصة توليد بجانب عملها كممرضة بالوحدة الصحية، قالت نجوى "باخد الاحتياطات اللازمة عشان أقدر أحافظ على الحالة اللي قدامي وأنا بحب مهنتي وهي مصدر رزقي مقدرش أسيبها".
*احتجاجات التمريض
ونصت المادة "10" من مشروع قانون مزاولة مهنة التمريض الذي أعدته النقابة وما يزال معروضا على البرلمان، على أن يوقف القيد في سجلات التمريض المنصوص عليها في القانون بقرار مسبب من وزير الصحة والسكان فى حالتين، الأولى: الإصابة بمرض أو عجز، وذلك للمدة التي يحددها المجلس الطبى المتخصص، والثانية: الإيقاف عن العمل بقرار أو حكم تأديبي للمدة المحددة فيه.
وأثارت تلك المادة احتجاجات في صفوف العاملين بمهنة التمريض، حيث طالبت حركة "تمرد التمريض" في بيان لها في إبريل الماضي بتعديلها، وبدلا من وقف القيد طرحت الحركة امكانية التحويل إلى عمل إداري ومنح العاملين امتيازات مالية بديلة عن التي سيفقدونها.
كما طالبت بزيادة بدل مخاطر العدوى البالغة قيمته الحالية 15 جنيها.
كما قامت نحو 500 ممرضة بمستشفى شبين الكوم التعليمي بالاعتصام والإضراب الجزئي عن العمل، اعتراضا على منع المصابات بفيروس "سي" من مزاولة المهنة، وللمطالبة بتحسين أوضاعهن الوظيفية والمادية.
*تدني الرواتب والبدلات
وتشكو حنان عبد المحسن، ممرضة بمستشفى الرمد العام بالإسكندرية، من كونها قضت 32 عاما في الخدمة ولا يزال راتبها الأساسي 575 جنيها ويصل بشق الأنفس إلى 3 آلاف جنيه بعد إضافة بدلات السهر والإشراف والحوافز.
وقالت حنان لأصوات مصرية "في النهاية لما أطلع معاش بعد كام سنة كل اللي هاخده هو الراتب الأساسي بعد كل السنين دي".
وأشارت إلى أنها تضطر للعمل ليلا 4 أيام أسبوعيا حتى تحصل على حافز الإشراف وقيمته 100% من الراتب الأساسي، ويبدأ عملها في تلك الأيام من الثامنة مساء وحتى الثامنة من صباح اليوم التالي.
وتقول حنان- الحاصلة على دبلوم تمريض وهو ما يحرمها من الترقي الوظيفي مثل خريجي الكليات والمعاهد - "ملناش ترقيات لكن بناخد درجات بنبدأ من الرابعة للأولى وفضلت شغالة 14 سنة لحد ما خدت الدرجة التالتة".
أما بدل العدوى البالغ 15 جنيها، فهي تنفق ما يزيد على ذلك المبلغ لعلاج عينيها بشكل دوري من العدوى التي تنتقل إليها خلال اختلاطها مع مرضى الرمد.
وقالت "مفيش ممرضة في المستشفى مجالهاش فيروس في عينها أكتر من مرة نتيجة التعامل مع المرضى".
وأشارت إلى أن أخطر العدوى تنتقل للممرضات العاملات في مجال الجراحة والنساء والتوليد.
وقالت حنان إنها لم تحصل في أي مرة على إجازة مرضية، مضيفة "مبيدوش التمريض إجازة مرضي إلا لو عاملين عملية وبنروح ونشتغل وإحنا تعبانين".
*التعديات على التمريض
وقال كريم حسني مؤسس حركة تمرد التمريض، لأصوات مصرية، إن العاملين في المهنة يعانون من مشكلات عديدة في مقدمتها تدني قيمة الرواتب والبدلات وعدم تأمين المستشفيات بما يؤدي لتكرار حوادث التعدي عليهم.
ومن وقائع التعدي على هيئة التمريض التي أثارت ضجة، واقعة تعدي أمين شرطة على ممرضة بمستشفى كوم حمادة بمحافظة البحيرة، وصفعها على وجهها بسبب تأخر الطبيب في الكشف على نجله، مما أدى لإصابتها بانهيار عصبي ونقلها للعناية المركزة.
وحرر محضر بالواقعة في فبراير الماضي.
وفي مارس الماضي حررت ممرضة "م.ع" بمستشفى فوه المركزي بكفر الشيخ محضرا ضد والد طفلة مريضة يدعى "ه.ش" بعد تعديه عليها بالسب والضرب بعد أن أخطأت في تركيب المحلول للطفلة بسبب حركتها الزائدة، ما أصاب الممرضة بكدمات متفرقة فى الوجه، وتم تحرير محضر في مركز شرطة فوه، مرفق به تقرير طبى.
وفي أكتوبر الماضي قام "م.م" بالتعدي على ممرضة بمستشفى المبره بالزقازيق وضربها في بطنها وهي حامل لتأجيل عملية لوالده بسبب ارتفاع ضغط دمه حتى لا تتعرض حياته للخطر.
ويقابل أعضاء هيئة التمريض وقائع مشابهة حيث يتم التعدي عليهم من أهالي المرضى في غياب التأمين عن أغلب المستشفيات.
*بدل العدوى
وطالب مؤسس حركة "تمرد التمريض" برفع قيمة بدل العدوى من 15 جنيها إلى ألف جنيه، والسماح لخريجي دبلومات التمريض بإكمال تعليمهم الجامعي حتى يستطيعوا التدرج في التسلسل الوظيفي إسوة بخريجي كليات ومعاهد التمريض. (التسلسل الوظيفي: ممارس عام/ أخصائي/ زميل/ استشاري)
وأضاف "بنطالب كمان بسحب الثقة من مجلس النقابة لأنه دايما متخاذل في الدفاع عن حقوقنا والمطالبة بيها".
و"تمرد التمريض" حركة تأسست أواخر عام 2013 بهدف تحسين أوضاع المهنة، والضغط من أجل تفعيل دور النقابة في الدفاع عن حقوق العاملين، ويزيد عدد المشتركين بصفحتها على فيس بوك على ثمانية آلاف مشترك.
*النظرة المجتمعية للممرضات
وأشار حسني إلى أن العاملات في المهنة يقابلن بنظرة "دونية" من المجتمع، ويتم تصدير صورة سيئة لهن في المسلسلات والأفلام، وتظهر الممرضة في بعض الأعمال الدرامية كشخص مهمل في عمله ولا يساعد المرضى إلا بعد تقاضي الرشوة.
وقال "لما الممرضة الواحدة تبقى مسؤولة عن 15 مريض مش هتقدر تؤدي دورها على أكمل وجه واللوم بيقع على الوزارة اللي مش قادرة تسد العجز في أعداد التمريض".
وأضاف "الرشوة مسلك شخصي مينفعش نوصم به كل العاملين في المهنة وبسبب النظرة السيئة والمشكلات اللي بنقابلها ناس كتير بتهرب من المهنة".
*بيئة عمل لائقة للممرضات
وقالت عزة سليمان، رئيسة مركز قضايا المرأة المصرية، إن الصورة التي تنعكس عن الممرضات في بعض وسائل الإعلام غير دقيقة وتعكس ثقافة المجتمع وإلى أي مدى يحترم عمل المرأة.
وأضافت لأصوات مصرية أنه "طول الوقت بيتم ربط الستات بالإهمال والفساد رغم إن الدراسات العالمية أثبتت أن النساء اللي بيوصولوا للسلطة بيكونوا أقل فسادا من الرجال".
وأشارت إلى ضرورة توفير بيئة عمل لائقة للممرضات يتوافر فيها الأمن والمرتبات اللائقة والعناية الصحية والتحصين ضد انتقال العدوى والأمراض، وتدريبهن لرفع مستوى الكفاءة.
وقالت "مينفعش الممرضة تبقى مرتبها قليل وتعمل في ظروف غير مواتية وبتتعرض للاعتداءات من أهالي المرضى والشرطة مبتتدخلش ونيجي في الآخر نلوم عليها".
*عجز في الأعداد
ويبلغ عدد أعضاء هيئة التمريض التابعة للقطاع الحكومي 179 ألفا و155 شخصا، وفقا لأحدث إحصاء للجهاز المركزي للمحاسبات عن عام 2014.
ويبلغ عدد العاملين في القطاع الخاص نحو 14 ألف شخص.
ويبلغ عدد المستشفيات الحكومية 657 مستشفى والخاصة 937 مستشفى بإجمالي 1594 مستشفى على مستوى الجمهورية وفق نفس الإحصاء.
ووصلت نسبة العجز في أعداد التمريض إلى 30 ألف ممرضة العام الماضي بدلا من 40 ألفا بعد تخريج دفعات جديدة من العاملين وفقا لنقيبة التمريض.
*دور نقابة التمريض
وقال هشام مبروك، عضو النقابة العامة للتمريض، لأصوات مصرية، إن النقابة تسعى لتحسين أوضاع العاملين المادية عبر المطالبة بزيادة البدلات والحوافز لكنهم يقابلون صعوبات في تنفيذ القرارات.
وأضاف "وزارة المالية رفضت تصرف للعاملين حافز الطوارىء وهو عبارة عن علاوة تشجيعية جديدة قيمته 100% من الأجر الأساسي للمدربين و50% لغير المدربين، بحجة أنه لا يجوز الجمع بين حافزين".
ويتقاضى العاملون في مهنة التمريض حافز "النوبتجيات والسهر" وقيمته 35 جنيها (15 للنوبتجيات و25 للسهر).
وأشار إلى أن النقابة خاطبت الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في إبريل الماضي بشأن مدى جواز الجمع بين حافز الطوارئ ومقابل نوبتجيات والسهر المنصوص عليه بالقانون 14 لسنة 2014، وأفاد الجهاز بجواز الجمع بينهما، قائلا "ورغم كده وزارة المالية لم تستجب".
وأضاف "البدلات قيمتها متدنية وطالبنا بأنها تزيد مع السنة المالية الجديدة والنقابة رفعت قضية لزيادة بدل العدوى واتحدد لها جلسة يوم 9 يونيو القادم".
وأقامت النقابة العامة للتمريض بقيادة النقيبة كوثر محمود دعوى قضائية في فبراير الماضي لرفع قيمة بدل العدوى للتمريض، حيث اختصمت في دعواها كلا من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان بصفتهم.
وطالبت بزيادة بدل العدوى إلى ثلاثة آلاف جنيه سنويا لكل ممرض وممرضه في مصر.
وقال مبروك إن ضغط النقابة من أجل زيادة البدلات والأجور "المتدنية" ساهم في تخفيض نسبة العجز والتسرب من المهنة والذي يقدر بنحو 167 ألف ممرض وممرضة منذ تأسيس النقابة عام 1976 .
وأشار إلى أن المجلس الحالي قام في ابريل الماضي بزيادة معاش النقابة من 50 جنيها إلى 150 جنيها وزيادة إعانات الزواج والوفاة.
وعن شكوى غياب التأمين بالمستشفيات قال إن النقابة خاطبت وزارة الداخلية في هذه المسألة لتأمين المستشفيات حفاظا على سلامة الفريق الطبي.
وفيما يخص المصابات بفيروس "سي" قال إن "القرار مش معناه سحب الترخيص من الممرضات لكن تحويلهم لأعمال إدارية عشان يبعدوا عن المرضى حفاظا على صحتهم وعدم انتقال العدوى لهم".
وأضاف "النقابة بتصرف 2700 جنيه لمريض فيروس سي لما يقدم ما يثبت إصابته وبيتعالج في مستشفيات التأمين الصحي".