أحدث الأخبار
قبل ثلاثة أعوام كانت دينا عضوا نشيطا في حزب سياسي تأسس بعد ثورة يناير، وبعد صدور قانون يضيق مجال التظاهر في عام 2013، كان ذلك العام آخر عهدها بالعمل السياسي لكنها تنشغل الآن بالعمل على توفير احتياجات المعتقلين.
وتعرض العديد من أصدقاء دينا لعقوبة الحبس لعدم التزامهم بضوابط القانون الجديد، فعادت الناشطة الشابة للعمل العام، السنة الماضية، ولكن من خلال التطوع في توفير احتياجات المعتقلين، وهو النشاط الذي تتزايد وتيرته بشكل استثنائي في رمضان.
وأصدرت السلطات المصرية قانونا لتنظيم التظاهر في نوفمبر 2013، قوبل بانتقادات واسعة من سياسيين ومنظمات حقوقية، معتبرين إياه تقويضا للحق في حرية التعبير الذي اكتسبه المصريون بعد ثورة 2011.
وتقول دينا المتطوعة في حملة على موقع فيس بوك تحمل اسم "لأجل المعتقلين" إن "حملتنا تنشط قبل رمضان مع تزايد التبرعات الهادفة لتخفيف عبء السجن على المحبوسين."
وتضيف "في رمضان الماضي وفرنا حوالي 300 دجاجة للمعتقلين، بجانب الأغذية الأخرى، وذلك بفضل إقبال الناس على التبرع للمسجونين السياسيين".
ولكن حركة التبرعات في رمضان 2016 لم تبدأ بوتيرة قوية، حيث تقول دينا إن حملتها جمعت حتى الآن مبلغا محدودا، لم يتعد 2000 جنيه، لشراء الأغذية للمعتقلين.
وترجع الناشطة الشابة هدوء حركة التبرع إلى أن "المتبرعين أُرهقوا ماليا بعد تكاتف عدد كبير منهم مؤخرا في سداد كفالات معتقلي تظاهرات 25 أبريل".
وأصدر القضاء حكما بتغريم معتقلين من المتظاهرين في 25 أبريل الماضي 100 ألف جنيه لكل متظاهر. وكانت تلك المظاهرات خرجت احتجاجا على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين القاهرة والرياض والتي تضمنت نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.
وتم تغطية كفالات المسجونين، التي وصل إجماليها لنحو 4.7 مليون جنيه، عبر حملة واسعة للتبرع نظمها النشطاء بهدف الإفراج عن السجناء.
تكاليف متفاوتة للوجبات
ويعد الدافع الأساسي وراء الحماس للتبرع بتوفير وجبات إفطار للمعتقلين، هو رغبة المتبرعين في توفير وجبات أكثر جودة من وجبات السجن خلال شهر الصيام.
لكن المنخرطين في حملات جمع التبرعات لإفطار المعتقلين يطرحون تكاليف متفاوتة للأغذية التي يدخلونها للمساجين في كل زيارة.
فتقول ناشطة شابة، مسؤولة عن إعاشة المعتقلين في أحد الأحزاب السياسية، طلبت عدم نشر اسمها، إن الأغذية المقدمة للمعتقل في الزيارة الواحدة تتكلف ما يتراوح بين 60 إلى 70 جنيها.
فيما تقدر سلمى أحمد، إحدى الناشطات، تكلفة الوجبة للمعتقل بقيمة 25 جنيها، كما كتبت على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
ويطرح البعض فكرة إدخال شنطة رمضان، كحزمة من السلع تكفي المعتقل خلال الشهر بأكمله.
وكتب أحد الناشطين في هذا المجال في حسابه على فيس بوك أن تكلفة الشنطة الرمضانية تصل إلى 400 جنيه.
لا تأكل وحيدا في السجن
طبيعة الحياة التشاركية في عنابر السجون تفرض على أهالي السجناء أيضا الاهتمام بتغذية زملاء اقاربهم المحتجزين. وتقول دينا "عادة ما يتناول المساجين إفطارهم سويا، لذا فالأمر يتطلب إدخال وجبة إفطار تكفي عددا من زملاء السجين، مراعاة لمن سيتناولون الطعام بصحبته."
ويساهم هذا في زيادة الأعباء المالية لإعاشة كل معتقل، مما يدفع الكثير من الأهالي للجوء لحملات المتبرعين.
ولا تقتصر التكاليف على تغذية السجناء. وتقول دينا "نحتاج أيضا لإدخال السجائر، لأنها العملة المتداولة في السجن، قد يقدمها المعتقل في رمضان لأحد العاملين في السجن مقابل تيسير فرصة الاستحمام أو الحصول على زجاجة مياه باردة .. المياه الباردة أمر بالغ الأهمية للمعتقل الصائم في ظل هذه الحرارة المرتفعة."
وقد تصبح إعاشة المعتقلين عبئا كبيرا إذا ما كان في الأسرة أكثر من معتقل. وتقول الناشطة الشابة "أعرف سيدة من السويس كانت تتحمل تكاليف انتقال كبيرة للغاية لأن ابنها في سجن دمنهور، وزوجها في سجن وادي النطرون. كانت السيدة تتكفل بتكاليف الانتقال وأنا اطهو لها الطعام الذي يحتاجه ذووها في السجن."
وتفيد بيانات منشورة من وزارة الداخلية المصرية أن عدد المعتقلين والمحبوسين احتياطيا يتزايد بصورة مطردة، فخلال العشرة أشهر الأولى من 2015 تم القبض على نحو 12 ألف مواطن بشبهة الإرهاب.
وذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية أنه في يناير 2016 تمت مداهمة بيوت أكثر من 5000 مواطن من سكان القاهرة، في حملة أمنية ارتبطت بالذكرى الخامسة لثورة 2011، وأُلقي القبض على عدد من الناشطين السياسيين خلال تلك الحملة.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن عدد المعتقلين لأسباب تتعلق بآرائهم السياسية خلال العام التالي لأحداث 30 يونيو يتراوح بين 22 ألف و41 ألف مصري.