أحدث الأخبار
بينما يعيش الشباب في منطقة الشرق الأوسط في صراع مع البطالة، فإن أعدادا متزايدة من رواد الأعمال في مصر أدركوا أن أنشطة الاستثمار الصديقة للبيئة يمكنها أن تحل المشكلات البيئية وتدفع في نفس الوقت باستثماراتهم للأمام.
وتمتليء منطقة الشرق الأوسط بالإبداعات التي تتنامى بفضل تحسن آليات الوصول للتكنولوجيا، وارتفاع نسبة الشباب بين السكان، حيث يمثل من تتراوح أعمارهم بين 15-29 سنة أكثر من 30% من السكان، كما يقول الخبراء.
لكن الضرورة أيضا تمثل عاملا رئيسيا في تحفيز تلك الابداعات.
"آلاف من الشباب ليست لديهم فرص عمل، لذا فهم يخلقونها لأنفسهم" كما تقول سلمى الحريري، التي أنشأت وترأس مجلس إدارة شركة سكيل أب (Scale Up).
وتوضح سلمى أن "ريادة الأعمال تنتعش، وفي هذا السياق هناك تحول جذري في كيفية تناول المشروعات الناشئة لقضايا مثل الطاقة والبيئة".
وبحسب تقرير لمبادرة "مجموعة عمل استراتيجية الشرق الأوسط" التابعة للمجلس الأطلنطي، فإن أكثر من 2500 وظيفة يتم خلقها بفضل 10 مشروعات ناشئة ناجحة.
"وحتى في ظل شبح عدم الاستقرار السياسي الذي يلقي بثقله على المنطقة، فإن الشرق الأوسط يخوض بهدوء تجارب التحول التكنولوجي والمجتمعي التي قد تكون المفتاح لمستقبل أفضل"، كما يقول معدو التقرير.
وتخوض مصر هذا التحول الآن، بالرغم من أن التمويل لازال تحديا أمام المشروعات، وتوجد لديها مجموعة من حضانات الأعمال التي تدعم رواد الأعمال لبناء شركاتهم.
معمل المشروعات بالجامعة الأمريكية (AUC Venture Lab) واحد من تلك الحضانات، تم إنشاؤه قبل 4 سنوات، وساعد 46 من المشروعات الناشئة على الأقل، لتولد إيرادات إجمالية بقيمة 36 مليون جنيه.
وهناك مبادرات مماثلة لمساعدة مشروعات ريادة الأعمال في المنطقة تشمل ومضة، وأواسيس 500، وسواري فنتشرز، وبيري تك، وفلات 6 لابز، وأسترولابز، والذين يعززون ويوفرون البيئة المناسبة لرواد الأعمال.
ووفقا لدراسة أعدتها ومضة العام الماضي، وهي شبكة لرواد الأعمال التي تقوم أيضا بالأبحاث، بلغت نسبة النمو في المنظمات التي تدعم المشروعات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط حوالي 50% منذ 2010، واستحوذت مصر وحدها على ربع هذا النمو.
"زيادة التركيز على ريادة الأعمال يساعد المشروعات الناشئة، ذات المسؤولية الاجتماعية (مثل تلك التي تهتم بالحفاظ على البيئة)، على زيادة الوعي ويسمح لها بربط قضيتها بالنشاط التجاري للشركة"، كما تقول أنا ديميتروفا، مديرة الحسابات بجمعية نهضة المحروسة بالقاهرة، وهي أول حاضنة للشركات التي تتبنى مشاريع اجتماعية في الشرق الأوسط.
وتضيف "هناك موجات واتجاهات في ريادة الأعمال.. الأخضر هو الموجة الجديدة".
ويقول حازم حسن المشارك في تأسيس مدد، وهي شركة للمساعدة على تنفيذ مشروعات التنمية المستدامة وجمع وتتبع التبرعات في هذا المجال إن "التغير المناخي لا يظهر في توصيفات مشروعاتنا.. هذه مصطلحات ثقيلة. إذا كان هدفك الجماهير، أو حتى حشود متنوعة، فأنت تحتاج لتبسيط وشخصنة رسالتك".
ويضيف "حتى وإن كان الهدف إيجاد حلول للمشكلات الناتجة عن التغير المناخي، فإن النجاح يكمن في البساطة".
مدد، التي يحتضنها معمل المشروعات التابع للجامعة الأمريكية، تصف نفسها بأنها أول موقع إلكتروني في المنطقة يقوم على الاستعانة بالجماهير (التعهيد الجماعي) ويركز على الاستدامة البيئية.
ويقول حسن إن "كثير من الناس مهتمة بوضع أموالها في مشروعات استدامة طويلة المدى، ولكن ليست لديهم الوسائل للوصول إلى تلك المشروعات".
أحد مشروعات مدد يقوم على زيادة التمويلات لجلب الطاقة الشمسية إلى قرية الحيز في الواحات البحرية بمصر.
وكان من ضمن المساهمين في هذا المشروع زوجان طلبا من المدعوين في زفافهما التبرع بدلا من تقديم الهدايا، وقدما للمشروع 85 ألف جنيه.
المشروع يهدف إلى مساعدة القرية التي يبلغ عدد سكانها 3000 مواطن، والتي لا تتصل بشبكة الكهرباء، في توفير الطاقة على مدار الساعة، من خلال تركيب لوحات شمسية وبطاريات.
وتكمن العديد من الفرص بالنسبة لرواد الأعمال من أصدقاء البيئة في التحديات المحلية التي لا تقدر (أو لا ترغب) الحكومة والأسواق في مواجهتها.
"فشل السوق دائما ما يكون مصدرا لإلهام الشركة" كما يقول أحمد حزين، المشارك في تأسيس شركة كلين تك أرابيا، التي تعمل مع المشروعات الناشئة في مجال الطاقة المتجددة وإدارة المخلفات والمياه والنقل.
ويضيف "الفرص الجيدة تكمن في مناطق التقاطع بين الاتجاهات العالمية والمحلية".
ولا توجد بيانات رسمية حول عدد شركات ريادة الأعمال التي تعمل في مصر على قضايا البيئة، لكن سلمى الحريري من سكيل أب فنتشرز تقول إن ما يظهر في تجمعات رواد الأعمال السنوية يرجح أن 10% على الأقل من كل المشروعات الناشئة "خضراء".
وترى أن "هذه هي الجذور الأساسية للتحول من أسفل لأعلى"، فالناس يسعون لحل المشكلات التي فشلت الحكومات والسوق، في بعض الأحيان، في حلها.
بالإضافة لمجموعة الشركات الناشئة التي تركز على حلول الطاقة من خارج الشبكة الكهربائية، هناك منظمات مثل ريسيكلوبيكيا، التي قدمت لأول مرة في العالم العربي نظام إعادة تدوير للمخلفات الإلكترونية صديق للبيئة.
جمعية نهضة المحروسة بمشاركة مبادرة سويتش ميد، استقبلت أكثر من 500 استمارة في وقت مبكر من هذا العام في مجال تدريب رواد الأعمال "الخضر" المهتمين بالبيئة، وهو عدد أكبر مما شهدته في كل البرامج المماثلة السابقة.
معظم المشروعات الناشئة التي تقدمت لهذا التدريب كانت تتطلع إلى تحديات على نطاق صغير.
"رواد الأعمال في هذا السوق قد لا يهدفون إلى مواجهة التغير المناخي كهدف في حد ذاته، ولكن مشروعاتهم تواجه مشكلات بيئية محلية" كما تقول ديميتروفا.
وتضيف أن "التغير المناخي مشكلة عالمية تحتاج لحلول محلية. الدرس هنا هو أن التغييرات الصغيرة لها تأثير".