أحدث الأخبار
"يقولون إن مصر لم يعد فيها شيء حُلو، أردتُ أن أقول: لا، في البلد أماكن وأشياء وأناسٌ رائعة الجَمال"، يقول بيشوي فايز المصور الهاوي الذي أتم عامه الثلاثين منذ أيام، وبدأ مشروعا لتصوير "كل شِبر جميل على أرض مصر"؛ ليردَ به على من يرون الشوكَ دون الورود.
وتحت عنوان "مصر بعين السمكة" يصور فايز الجَمال المصري بعدسة واسعة تسمى (عين السمكة)؛ لأنها تلتقط صورة دائرية تغطي 180 درجة (نصف دائرة) مثل زاوية رؤية الأسماك.
روح التحرير
كانت انطلاقة فايز في 2011، بمعرضٍ استضافه المركز الثقافي الألماني في القاهرة (جوته) تحت عنوان "روحُ التحرير". شارك فيه بصور –غير دائرية- التقطها من الميدان، كهاوٍ، خلال إنتفاضة 25 يناير.
وفي أبريل من العام نفسه بدأ عملا في جوته كمنسق مشروعات، واحتفظ بالتصوير هواية ومتعة شخصية، يقول:"بعد الثورة، اختلف الناس في الآراء، وهذا طبيعي، فالسياسة دائما مُفرقة، لذا قررتُ أن أجمع الناس على حب الحياة بصورٍ فنية جميلة".
قبل ذلك التاريخ كان المصور الباحث عن الجمال، مرشدا سياحيا، وهو دارس ومتقن للغة اليابانية، لكنه فقد عمله؛ نتيجة تأثر السياحة بإضطراب الأوضاع السياسية بعد تلك الأحداث.
ورغبة منه في كسر الروتين أو المعتاد، وجذب الأعين لصوره، اعتمد فايز عدسةَ عين السمكة نقطةَ تميز، وتخَصَصَ فيها، رغم أنها تجعل معالم الصورة تبدو كروية "استغليتُ هذا التشويه وصنعت من القبح جَمال".
يجوب ابن محافظة القاهرة مصر-كلما سنحت ظروف عمله- يلتقط صورا بانورامية، لأي مكان تتوفر فيه تلك القيمة؛ "فإذا تعودت العين رؤية الجَمال، سينتشر ذلك الحس الفني الرافض للقبح، فلن يُلقي أحدٌ القمامة في الشارع مثلا" تلك هي رسالته.
البداية من اليابان
بدأت علاقة فايز بالتصوير عام 2006، حين أخبره أساتذته في كلية الآداب، جامعة القاهرة، بأنه مرشح للمشاركة في مؤتمرٍ عن السلام في العاصمة اليابانية طوكيو. ورغبة منه في توثيق كل لحظة له على "كوكب اليابان" ابتاع كاميرا فيديو صغيرة الحجم ماركة باناسونيك.
وعلى ذلك "الكوكب" اكتشف الطالب المصري ولعه بالتصوير، وتأثر برؤية سكانه للأشياء حيث اهتمامهم بالتفاصيل الدقيقة، فعكف على تعليم نفسه تفاصيل التصوير وفنياته، عبر مشاهدة الفيديوهات التعليمية على الإنترنت، والتصوير برفقة أصدقائه ومن ثم الاستفادة من تعليقاتهم.
ناشر للسعادة
منذ بدأ فايز مشروعه عام 2013، نظم ثلاثة معارض ضمت صورا من مختلف أنحاء مصر، جميعها بعين السمكة. وينوي إصدارَ كتابٍ يضم تلك الصور، وقد سبق وأصدر كتابا في 2011، بعنوان "جرافيتي بلدي" ضم صوره عن الجداريات التي انتشرت عقب تظاهرات يناير.
وحتى أشهر قليلة مضت، حافظ فايز على صوره بعيدة عن مواقع التواصل الاجتماعي حتى قرر إنشاء صفحة باسم Fish-eye(عين السمكة) على فيس بوك، نشر عليها صورا (من مشروعه) تدمج صور الأماكن الأثرية على العملات الورقية بواقعها، وقد لاقت انتشارا واسعا، يُعَقِّب:" راسلني أحدهم يقول: لم أكن انتبه أن الصورة على ورقة العشرين جنيه لمسجد محمد علي، شكرا على المعلومة سأنقلها لأولادي".
وعلى الصفحة يتجاوب الآلاف مع صوره التي يداوم على نشرها مصحوبة بوصف للمكان الذي يبرزه وأهم ما يشتهر به وكيفية زيارته. ويتلقى من متابعي صفحته ويزيد عددهم على السبعة وعشرين الفا، رسائل ثناء على جهده باعتباره داعما ومروجا للسياحة- وهي أحد مصادر الدخل الرئيسية للبلاد-في ظل ضربات عدة ومتتالية تعرضت لها في الآونة الأخيرة.
ولا يحظى فايز بأي دعم أو عائد مادي من مشروعه هذا، ويكتفي بكونه باحثا عن الجمال، محبا للحياة وناشرا للسعادة "لا أحظى بأي دعم أو عائد مادي، أنا أحب ما أفعل، واستمتع بإسعاد الناس"، يقول بيشوي فايز.
ويضيف: أنا مستعد أن أهدي وزارة السياحة صوري؛ لتستعين بها في الدعاية لمصر، دون أي مقابل، ما أريده أن يرى العالم صوري وتصل رسالتي.