صراع الوزارات حول "الإرجوت" يهدد إمدادات القمح المستورد لمصر

الخميس 01-09-2016 PM 07:40

مزارع يحمل حبات قمح في مدينة قها بمحافظة القليوبية إلى الشمال الشرقي من القاهرة يوم 5 مايو 2016. تصوير: عمرو عبد الله دلش - رويترز

قالت وكالة بلومبرج للأنباء اليوم الخميس، إن الخلاف بين الوزارات في مصر والذي بدا أنه صراع على السلطة بينها، أدى إلى إلغاء مناقصة هيئة السلع التموينية أمس الأربعاء، بعد تلقيها عرضا وحيدا لتوريد القمح وعزوف الشركات الأخرى، اعتراضا على  تشديد وزارة الزراعة لسياسة استيراد القمح.

وأضافت بلومبرج أن هذا الخلاف يمس سلعة استراتيجية ومهمة بالنسبة للمصريين حيث يدخل في إنتاج رغيف الخبز المدعم، مشيرة إلى أن صعوبة شراء الخبز كان واحدا من أسباب خروج المصريين ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 2011.

وقال عيد حواش المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة لأصوات مصرية اليوم إن "الأمر بالنسبة لوزارة الزراعة انتهى ومستقر تماما حاليا، وأن وزارة التجارة لابد أن تعدل المواصفات القياسية لاستيراد القمح لتصبح صفر أرجوت بدلا من 0.05%".

وكان وزير الزراعة عصام فايد، أصدر قرارا يوم الأحد الماضي، بمنع دخول القمح المستورد المصاب بأية نسبة من فطر الإرجوت، متراجعا بذلك عن قرار سابق له في يوليو الماضي يسمح بالأخذ بالنسبة العالمية المقررة في استيراد القمح وهي 0.05%.

وعلى مدى الشهور الستة الماضية شهدت مناقصات استيراد القمح المصرية اضطرابا بفعل تضارب القواعد التنظيمية المتعلقة بنسبة الإرجوت في القمح المستورد، وهو فطر شائع قد يؤدي إلى هلوسات لكنه غير ضار عند المستويات المنخفضة.

وأعلنت هيئة السلع التموينية أمس الأربعاء عن إلغاء أول مناقصة تطرحها بعد قرار وزير الزراعة عصام فايد الذي صدر يوم الأحد الماضي، بإلغاء قرار سابق له، لمنع استيراد القمح المصاب بأي نسبة من فطر الأرجوت.

وقالت الهيئة في بيان أمس إن إلغاء المناقصة "يأتي في ظل عزوف الشركات الموردة عن المشاركة في هذه المناقصة، والتي تعد أول مناقصة بعد قرار وزارة الزراعة الصادر منذ أيام قليلة، والخاص بحظر استيراد أقماح مصابة بفطر الارجوت، وذلك على الرغم من أن المعايير العالمية تتيح الاستيراد بنسبة إصابة تصل إلى 05.%، وهو ما أعلنته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)".

وقال حواش "هذا كلام نهائي، أي كمية من القمح المستورد تحتوي على أي نسبة من الأرجوت سترفض، ولا يمكن دخول أي كمية من القمح قبل موافقة الحجر الزراعي".

وقال مصدر في وزارة التجارة والصناعة، طلب عدم ذكر اسمه، إنه لا يعلم ما إذا كانت الوزارة ستستجيب لقرار وزير الزراعة وتعدل مواصفاتها أم لا، خاصة أنها معترضة على هذا القرار.

وأضاف أن "المواصفات القياسية المصرية تتوافق مع المواصفات العالمية التي تسمح بنسبة 0.05%، فلماذا نغيرها؟ خاصة أننا غير مقتنعين بقرار وزير الزراعة، لكن يظل القرار في يد الوزير في النهاية".

وتابع أن "قرار وزير الزراعة يؤثر على توفير احتياجات البلاد من القمح في الفترة المقبلة، لأن الشركات ستحجم عن المشاركة في المناقصات"، مشيرا إلى خطورة هذا الأمر الذي يتعلق بالخبز المدعم والذي قال إنه أمن قومي لمصر.

وأشار إلى أن السماح بدخول القمح يلزمه موافقة الجهات الثلاث المشرفة على الواردات وهي وزارات التجارة والزراعة والصحة.

وتسمح مواصفات وزارتي الصحة والتجارة باستيراد القمح المصاب بنسبة 0.05% لكن وزارة الزراعة تقول إن هذه النسبة قد تضر المحصول المحلي.

وقالت وزارة الصحة في يونيو الماضي إنه بإجراء دراسة تحليل المخاطر لفطر الإرجوت بالتعاون مع منظمة الفاو تبين أن البيئة في مصر غير مناسبة لتوطين الفطر.

وأوضح بيان الوزارة أن أكثر من 95% من القمح المتداول عالمياً به هذه النسب من الإرجوت في القمح الخام.

ونقلت بلومبرج عن مايكل ماكدوجال، أحد كبار المديرين في بنك سوسيتيه جنرال في نيويورك، أنه لم يسمع في أي وقت مضى عن فشي فطريات من القمح المستورد أدت إلى تدمير المحاصيل المحلية في مصر.

كما أن هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين لم تستجب في أي وقت لتعليمات وزارة الزراعة بخصوص حظر الارجوت، وظلت كراسة الشروط في مناقصات استيراد القمح تسمح بنسبة إصابة 0.05%، لكنها التزمت بقرار وزير الزراعة في المناقصة التي ألغيت أمس.

فيما اعتبر حواش أن الاعتراضات التي تنقلها وكالات الأنباء بخصوص شروط استيراد القمح "أسلوب للضغط على مصر" للتراجع عن القرار.

لكن المصدر في وزارة التجارة قال  "هل نحن في مصر أكثر تشددا من الدول الأوروبية التي تقبل هذه النسبة في القمح؟".

وأضاف أن قرار وزير الزراعة سيكون له مردود سلبي من جهتين الأولى هي التكلفة، حيث أنه سيكلف خزانة الدولة مبالغ أكبر من أجل استيراد القمح، كما أن هذه المبالغ تسدد بالعملة الأجنبية وهو ما يفاقم أزمة نقص الدولار في السوق.

وذكر المصدر أن الجهة الثانية هي أن القرار يقصر الاستيراد على المناشئ التي تصدر قمحا خاليا تماما من الإرجوت وهو ما يعني أن مصر ستكون مضطرة للتعامل مع دولتين أو ثلاث دول فقط في استيراد القمح في الوقت الذي تحرص فيه البلاد على تنويع مصادر شراء القمح المستورد.

لكن محمد عبدالفضيل رئيس شركة فينوس انترناشيونال، أحد أكبر مستوردي القمح من القطاع الخاص في مصر، قال إن مصر لا زال في إمكانها شراء القمح من كل المناشئ لكن هذا سيكلفها دفع مبالغ أكبر.

وأضاف أن "الموردين سيقومون بغربلة القمح في المناشئ المختلفة من أجل التأكد من خلوه تماما من الإرجوت، لكن هذا الأمر سيكلف الحكومة فلوس كثيرة".

وقال عبدالفضيل "صحيح أنه من المفترض أن يخاطب وزير الزراعة وزارة التجارة لتعديل مواصفاتها، لكن في النهاية هذا لن يجعل الشركات تعود للمشاركة في المناقصات".

وبسؤاله عن تأثر إمدادات القمح المستورد لمصر في ظل قرار وزير الزراعة الأخير قال عبدالفضيل إن "هذا الأمر سابق لأوانه، والسؤال حاليا هو من سيصمد للنهاية الحكومة أو الموردون؟".

تعليقات الفيسبوك