أحدث الأخبار
سقطة التلفزيون المصري بإذاعة حوار قديم لرئيس البلاد على أنه حوار جديد ليست الأولى للتلفزيون ولا للإعلام المصري وقد لا تكون الأخيرة في تاريخ إعلام لعبت به السياسة على مدى عقود كما أصبح يعاني من نقص المهنية والتدريب ليخبو تأثيره محليا وعربيا.
وهذا الأسبوع تداولت مواقع وبرامج تلفزيون خبرا عن اكتشاف بترول أثناء أعمال الحفر في خط مترو الانفاق بمصر الجديدة ليثير الأمر سخرية الخبراء وتندر رواد مواقع التواصل الاجتماعي. وقبل أسابيع تصدرت صحف مصرية عناوين عن نجاح انقلاب عسكرى ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واحتفى أيضا مذيعو برامج حوارية تلفزيونية بذلك دون التأكد من الخبر حيث اتضح خلال ساعات فشل الانقلاب.
وهناك أيضا لعبة الفيديو جيم التي اعتبرها الإعلامي أحمد موسى في برنامجه التلفزيوني –دون تدقيق تفرضه المهنية- قصفا حقيقيا من قوات روسية لعناصر متطرفة في سوريا.
وتحدث الإعلامي محمد الغيطي في برنامجه قائلا إن الجيش المصري أسر قائد بارجة أمريكية رغم العلاقات القوية والتنسيق بين البلدين.
وراجت الشائعات الإعلامية والأخبار المغلوطة مع احتدام الصراع السياسي في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي منها تصريحات مقدمي برامج حوارية (توك شو) عن بيع الاهرامات لقطر والتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان وبيع سيناء لحماس وأن سبب انقطاعات التيار الكهربائى في مصر هو مد خط كهربائي لإنارة غزة .
ويرجع دخول الإعلام المصري لعبة السياسية إلى عقود عدة قبل ذلك. ففي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تصدرت الصحف في يوم 6 يونيو 1967، عناوين مضللة عن تطورات الحرب مع إسرائيل، وظل الإعلام المصري على مدى أيام يتحدث عن انتصارات قبل أن تتكشف حقيقة نكسة يونيو. وربما كانت تلك الكذبة الكبيرة الخطوة الأولى على طريق جعل الإعلام المصري نمرا من ورق في عصر الفضائيات المنافسة.
ولعب الإعلام في ساحة السياسة في آواخر أيام عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك أيضا حين تحدث التلفزيون أثناء ثورة يناير عن خلو ميدان التحرير من المحتجين في حين كان يكتظ بهم الميدان.
ويقول الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز إن جزءا من صناع الاعلام اعتادوا على مر السنين استخدامه فى الحرب النفسية وعمليات الدعاية السوداء، ويطور كثير من الدول والجماعات وأصحاب المصالح وسائل الاعلام للعب دور سياسي بدءا من أنماط الانحياز وصولا إلى الاختلاق والتزوير. ولا يقتصر ذلك على وسائل الإعلام فى العالم الثالث ولكن يشمل ايضا وسائل الإعلام في "العالم الاول".
وأضاف أن حل الأزمة يكمن في زيادة وعي الجمهور وتفعيل الضوابط الموضوعة من قبل هيئات ومجالس صناعة الإعلام واخضاع الممارسات الإعلامية المنحرفة للمحاسبة والمساءلة من قبل الاتحادات والنقابات المهنية إلى جانب تفعيل تلقى الشكاوى والتحقيق فيها وتفعيل دور المواثيق الإعلامية.
من جانبه، قال الكاتب الصحفي صلاح عيسي الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة إن هناك العديد من الأخبار الكاذبة ينشرها أصحابها وهم يعلمون أنها كاذبة ويفبركونها ويغيرون سياقها كأسلوب للحرب النفسية.
وأضاف أن المنافسة أيضاً والرغبة في السبق الصحفي تجعل البعض يتساهل ولا يتحري الدقة ولا يسعي لتوثيق المعلومات من مصدرين أو ثلاثة على الأقل.
وعن تكرار تداول أخبار مغلوطة، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة إن طبيعة المواطن العربي والمصري تهتم بالأخبار المثيرة، فمنذ زمن كنا نجد ظاهرة العناوين المثيرة مثل خبر انتحار الملك فاروق ثم تجد في المتن بخط صغير إضافة تقول "اخلاقيا وادبيا واجتماعيا". وقال إن تلك العناوين انعكاس للمناخ العام وانتهاءها سيكون مرتبط بحرية الإعلام.
ومن جانبها، تري حنان فكري رئيس لجنة التدريب بنقابة الصحفيين، أن أزمة نشر الأخبار أزمة ممنهجة تهدف إلي إفقاد الإعلام دوره في التأثير على الرأي العام. لكنها قالت إن بعض الأخبار الكاذبة تخرج بحسن نية نتيجة لعدم تلقي الصحفي والإعلامي التدريب الكافي.
وأشارت رئيس لجنة التدريب بنقابة الصحفيين إلي أن حل تلك الأزمة يكمن في وضع وسائل ردع ومساءلة للصحفي والإعلامي داخل نقابته وداخل غرفة صناعة الإعلام، وفي تدريبات كافية للصحفيين والإعلاميين حديثي الالتحاق بالمهنة، ومراجعة أعمالهم بشكل أكثر دقة.