أحدث الأخبار
التخفيض المتوقع لسعر صرف الجنيه خلال الفترة القصيرة المقبلة سينعكس على أداء الشركات العاملة في السوق المصري، من حيث قدرتها على رفع أسعار منتجاتها وزيادة أرباحها، بشكل يختلف من قطاع لآخر.
ويحلل بنك استثمار أرقام كابيتال الإماراتي أداء أهم الشركات المدرجة في البورصة، في تقرير حديث له بعنوان "مصر: تقييم أثر زيادات الأسعار والفائدة وتخفيض العملة"، ليخلص إلى أن قطاع الأسمنت سيكون المتضرر الأكبر من التخفيض الكبير المتوقع في سعر الجنيه.
بينما لن يضغط هذا التخفيض المرتقب في سعر العملة على قطاع السلع الغذائية، تبعا للتقرير.
وتتوقع معظم بنوك الاستثمار العاملة في السوق المصري أن يقوم البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار خلال أيام، خاصة بعد الزيادة الكبيرة في احتياطي النقد الأجنبي، التي تم الإعلان عنها الإثنين.
كان المركزي أعلن، منذ يومين، عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لديه بنحو 3 مليارات دولار في نهاية سبتمبر، مقارنة بشهر أغسطس، ليصل إلى 19.59 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ أبريل من العام الماضي، عندما استقبلت مصر نحو 5 مليارات دولار ودائعا وقروضا بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي.
ويرى أرقام كابيتال أن المركزي سوف يخفض السعر الرسمي للعملة المحلية بقوة، لمستوى 12 جنيها للدولار، عندما يؤمن ما يكفى من العملة الصعبة "لتلبية الزيادة السريعة والتلقائية في الطلب، المتوقع حدوثها مباشرة عقب الإعلان عن تغيير السعر الرسمي".
وكان المركزي خفض الجنيه بنحو 14% في مارس الماضي، ليبلغ السعر الرسمي للدولار في البنوك 8.88 جنيه، بينما ارتفع تدريجيا خلال الشهور الماضية في السوق السوداء في ظل نقص السيولة المتوافرة بالعملة الأجنبية في السوق الرسمي، حتى تجاوز سعره الموازي 13 جنيها.
ويرى أرقام أن الزيادات التي شهدها سعر الدولار مقابل الجنيه أثرت بالفعل على معظم الشركات نتيجة زيادة تكلفة الواردات التي تعتمد عليها، خاصة وان كثير منها يلبي احتياجاته من الدولار من السوق السوداء.
ويشير التقرير إلى أن مخاطر تراجع سعر الجنيه تخيم بشكل أكبر على هوامش أرباح شركات الأسمنت، بسبب تكاليف الطاقة المحسوبة بالدولار، سواء للشركات العاملة بالغاز الطبيعي، أو تلك التي تعتمد على الفحم المستورد كوقود لمصانعها.
فشركتي السويس وسيناء للأسمنت تعتمدان جزئيا على الغاز الطبيعي، وتحصلان عليه من الدولة بسعر 8 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، وتقومان بسداد قيمة الغاز بما يعادل هذا السعر بالعملة المحلية، محسوبة بسعر الصرف الرسمي البالغ 8.88 جنيه للدولار (أي أن تكلفة المليون وحدة حرارية تبلغ حاليا حوالي 71 جنيها).
أما إذا تم تخفيض الجنيه لمستوى 12 جنيها في السوق الرسمي، فإن التكلفة مقومة بالعملة المحلية سترتفع إلى نحو 96 جنيها للمليون وحدة حرارية.
لذلك توقع تقرير أرقام كابيتال تراجعا في أرباح الشركتين، حيث ينخفض العائد على سهم كل منهما، وهي طريقة لحساب الأرباح مقسمة على عدد أسهم الشركة، بما يتراوح بين 57 إلى 59%، بعد تخفيض الجنيه.
أما شركة العربية للأسمنت، فتوقع التقرير تراجع العائد على سهمها بنسبة أقل، نحو 25%.
فبينما تعاني العربية للأسمنت من ارتفاع تكاليف ديونها الدولارية (90% من ديون الشركة بالدولار)، إلا أن تكاليفها ستقل نسبيا إذا تم خفض العملة رسميا إلى مستوى 12 جنيها، حيث أنها تحصل حاليا على الدولارات من السوق السوداء بمستويات أعلى من هذا الرقم، لتمويل وارداتها من الفحم، الذي أصبحت تعتمد عليه كوقود بنسبة 75%.
أما القطاعات الاستهلاكية فلا يغير تخفيض الجنيه من قواعد اللعبة بالنسبة لها. فبينما تتمتع الشركات المنتجة للسلع الأساسية بأولوية في الحصول على الدولار من البنوك لتلبية احتياجاتها من الواردات، إلا أن نقص السيولة الدولارية في البنوك لم يدع خيارا أمام منتجي الأغذية سوى اللجوء للسوق السوداء.
فقد حصلت شركة مثل جهينة على سبيل المثال على 80% من احتياجاتها الدولارية بأسعار السوق الموازية، كما يقول التقرير.
وسيكون تأثير الجولة الجديدة من تخفيض العملة محدودا على أرباح مصنعي السلع الاستهلاكية في رأي أرقام كابيتال، خاصة إذا توافرت سيولة دولارية كافية في السوق الرسمي، واحتفظ منتجو الغذاء بنفس الأولوية في تخصيص الدولارات.
أما غبور أوتو- وهي الوكيل الرسمي لهيونداي ومازدا وجيلي في مصر- فيقول التقرير إنها أبرز مثال على تأثيرات أزمة العملة الأجنبية، فقد عانت تحديات ارتفاع سعر الدولار لأكثر من سنة كاملة، اضطرت خلالها لتمرير تلك التكاليف الإضافية للمستهلك، وصولا لاجمالي ارتفاع في أسعار منتجاتها تجاوز 20% منذ الربع الرابع من عام 2015.
لذلك فإن جولة جديدة من تخفيض الجنيه ستضغط على هوامش أرباح الشركة، كما إن عودة الدولار للتوافر في السوق سيؤمن احتياجات المستوردين، مما يصعب من قدرة جي بي أوتو على زيادة أسعارها دون أن تخسر جزءا من حصتها في السوق.