أحدث الأخبار
أبشر، إذا كانت وجبة الإفطار الخاصة بك تتكلف ما يزيد عن جنيه واحد، فإنك تستطيع التفاخر بذلك أمام الأصدقاء وعلى صفحات "فيس بوك"، فأنت في تعداد من يعيشون حياة مرفهة رغدة، وفقاً لمعايير الرغد عند عاطف مخاليف عضو مجلس النواب عن دائرة المطرية بالقاهرة ووكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان.
بالطبع وكيل لجنة حقوق الإنسان لم يكن يمزح حينما قال في حواره مع الإعلامي وائل الابراشي في برنامج "العاشرة مساء" -المذاع على فضائية "دريم"- هذا الأسبوع إن "جنيه واحد يستطيع توفير وجبة إفطار للمواطن"، معتبرا أن ما يزيد على ذلك حياة رغد ورفاهية يجب أن نتخلى عنها.
وأكد على صحة وجهة نظره بقوله "الجنيه بيجيب 20 رغيف". وأضاف أن هذا "لا يوجد في أي دولة في العالم والمواطن يستطيع بجنيه واحد أن يأكل ويشرب الصبح، انتوا بتتكلموا عن العيشة المرتاحة، وإحنا بلد منهارة اقتصاديًا لازم نستحمل مع الرجل اللي مستحمل معانا.. هو فيه بلد في الدنيا بتدي 20 رغيف بجنيه".
تصريحات مخاليف حجزت مقعدها في سلسلة الكوميديا السوداء لهذا الأسبوع بجدارة، ففي الوقت الذي تعاني فيه الدولة المصرية من أزمات اقتصادية طاحنة -حد التفكير في تعويم الجنيه- وانعكست في المقام الأول على المواطن البسيط في الاستحواذ على قوت يومه، خرج وكيل لجنة حقوق الإنسان بهذه التصريحات، مطالباً المواطنين بالتقشف، في محاولة منه لتوجيه البسطاء لمساندة الدولة في محنتها والتخلي على كل "مظاهر الرفاهية" التي تتجاوز الإفطار بأكثر من جنيه واحد.
مطالبة مخاليف الشعب بالتقشف تلقفها وائل الإبراشي مقدم البرنامج، والبرلماني أحمد الطنطاوي ضيف الحلقة بالسخرية، حيث علّقَ الأخير بقوله"جنيه يكفي المواطن للفطار؟..ليه هو فأر"، فيما رد عليه الإبراشي مستغرباً "نص شقة الفول بكام؟".
مواقع التواصل الاجتماعي أدلت بدلوها أيضا في السخرية من مخاليف.
اللافت أن عاطف مخاليف -الذي يطالب الشعب بالتقشف- صوَّت لإقرار قانون القيمة المضافة، فقد سبق وتحدث لكاميرا موقع "برلماني" مدافعاً عن إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، قائلاً "أداء البرلمان كان فوق الممتاز ولم يكن مؤيدا للحكومة كما يقال، وأن مجلس النواب يعمل للشعب وضريبة القيمة المضافة مطبقة في أغلب دول العالم، وأن 14% يعتبر الحد الأدنى في الدول التي تعمل بالقيمة المضافة ونحن في ظروف اقتصادية مرهقة وقد نكون في حصار اقتصادي نحارب في السياحة حتى في أمن واستقرار بلادنا وهذا شىء طبيعي".
تصريحات مخاليف ليست الأولى من نوعها من مؤيدين للحكومة، فسبق وطالب الإعلامي أحمد موسى الشعب المصري في شهر رمضان -مطلع يونيو الماضي خلال برنامجه "على مسؤوليتي"- بالتقشف في وجبات الإفطار، قائلًا "اللي قادر يجيب اللي هو عاوزه، واللي على قده يجيب شوية بلح، وشوية لبن، ده أحلى فطار، مع شوية ليمون نعصرهم، على شوية خروب أو تمر هندي أو عرق سوس".
كان الأمر سيمر مرور الكرام، لولا تصريح موسى في نفس الحلقة من البرنامج بأنه سيتناول "فخد ضاني" مع القطايف.
وقال موسى "أنا أول يوم رمضان لو ما أكلتش قطايف ميبقاش عندي رمضان، مع الفخذة الضاني اللي خارجة من الفرن، ده الفطار بتاعي بقى".
الإفراط في تصوير مدى مرونة المواطن المطحون في مواجهة الأزمات صدر أيضا في نوفمبر الماضي، عن المستشار أحمد الزند وزير العدل آنذاك، حين قال إن مصر مستهدفة منذ قديم الأزل، وبالتالي فإن ما تعرضت له شرم الشيخ من إجلاء للسائحين الروس والبريطانيين منها لن يخيف المصريين. وأضاف "لن يستطيع أحد أن يرهبنا، فنحن لدينا عبقرية الزمان والمكان، وعبقرية المصري الذي إن أعطيته نقودا سيصرف 2000 جنيه في اليوم، وإن لم يكن معه مال سيعيش بـ2 أو 3 جنيهات في اليوم أيضًا، ومش فارقة معانا".
وإذا كان الجنيه لم يعد بإمكانه شراء بيضة واحدة، فيبدو أن مخاليف ذهب أبعد كثيرا مما ذهب إليه من سبقوه في تقدير مدى مرونة المواطن المصري، وكأنما يعتبر أصحاب هذه الرؤية أن المصري مواطن "مرن قابل للضغط والثني" مهما كان العبء.